٧٩

قوله عز وجل { الَّذِينَ يَلْمزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِيَن فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ } قرىء بضم الجيم وفتحها وفيه وجهان :

أحدهما : أنهما يختلف لفظهما ويتفق معناهما ، قاله البصريون .

والثاني : أن معناهما مختلف ، فالجهد بالضم الطاقة ، وبالفتح المشقة ، قاله بعض الكوفيين .

وقيل : كان ذلك في غزاة تبوك نزلت في عبد الرحمن بن عوف وعاصم بن عدي وأبي عقيل الأراشي وسبب ذلك أن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) حث على الصدقة ليتجهز للجهاد ، فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف درهم وقال هذا شطر مالي صدقة ، وجاء عاصم بن عدي بمائة وسق من تمر ، وجاء أبو عقيل بصاع من تمر وقال : إني آجرت نفسي بصاعين فذهبت بأحدهما إلى عيالي وجئت بالآخر صدقة ، فقال قوم من المنافقين حضروه : أما عبد الرحمن وعاصم فما أعطيا إلا رياءً ، وأما صاع أبي عقيل فاللّه غني عنه ، فنزلت فيهم هذه الآية .

{ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ } يحتمل وجهين :

أحدهما : أنهم أظهروا حمدهم واستبطنوا ذمهم .

والثاني : أنهم نسبوا إلى الرياء وأعلنوا الاستهزاء .

{ سَخِرَ اللّه مِنْهُمْ } يحتمل وجهين :

أحدهما : أنه ما أوجبه عليهم من جزاء الساخرين .

والثاني : بما أمهلهم من المؤاخذة .

قال ابن عباس : وكان هذا في الخروج إلى غزاة تبوك .

﴿ ٧٩