١١٢

قوله عز وجل : { التَّآئِبُونَ } يعني من الذنوب .

ويحتمل أن يراد بهم الراجعون إلى اللّه تعالى في فعل ما أمر واجتناب ما حظر لأنها صفة مبالغة في المدح ، والتائب هو الراجع ، والراجع إلى الطاعة أفضل من الراجع عن المعصية لجمعه بين الأمرين .

{ العَابِدُونَ } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : العابدون بتوحيد اللّه تعالى ، قاله سعيد بن جبير .

والثاني : العابدون بطول الصلاة ، قاله الحسن .

والثالث : العابدون بطاعة اللّه تعالى ، قاله الضحاك .

{ الحَامِدُونَ } فيه وجهان :

أحدهما : الحامدون للّه تعالى على دين الإسلام ، قاله الحسن .

الثاني : الحامدون للّه تعالى على السراء والضراء ، رواه سهل بن كثير .

{ السَّآئِحُونَ } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : المجاهدون روى أبو أمامة أن رجلاً استأذن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) وفي السياحة فقال : { إِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِي الجِهَادُ فِي سَبيلِ اللّه } والثاني : الصائمون ، وهو قول ابن مسعود وابن عباس ، وروى أبو هريرة مرفوعاً عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) أنه قال : { سِيَاحَةُ أُمَّتِي الصَّوْمُ } .

الثالث : المهاجرون ، قاله عبد الرحمن بن زيد .

الرابع : هم طلبة العِلم ، قاله عكرمة .

{ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ } يعني في الصلاة .

{ الأَمِرُونَ بِالْمَعْرُوْفِ } فيه وجهان :

أحدهما : بالتوحيد ، قاله سعيد بن جبير .

الثاني : بالإسلام .

{ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكُرِ } فيه وجهان :

أحدهما : عن الشرك ، قاله سعيد بن جبير .

الثاني : أنهم الذين لم ينهوا عنه حتى انتهوا قبل ذلك عنه ، قاله الحسن .

{ وَاْلحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّه } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : القائمون بأمر اللّه تعالى .

والثاني : الحافظون لفرائض اللّه تعالى من حلاله وحرامه ، قاله قتادة .

والثالث : الحافظون لشرط اللّه في الجهاد ، قاله مقاتل بن حيان .

{ وَبَشّرِ الْمُؤْمنِينَ } فيه وجهان :

أحدهما : يعني المصدقين بما وعد اللّه تعالى في هذه الآيات . قاله سعيد بن جبير .

والثاني : العاملين بما ندب اللّه إليه في هذه الآيات ، وهذا أشبه بقول الحسن .

وسبب نزول هذه الآية ما روى ابن عباس أنه لما نزل قوله تعالى { إِنَّ اللّه اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم } الآية . أتى رجل من المهاجرين فقال يا رسول اللّه وإن زنى وإن سرق وإن شرب الخمر ؟ فأنزل اللّه تعالى { التَّآئِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ } الآية .

﴿ ١١٢