١١

حالة لا تكون إلا من بالغ ، وقال آخرون : بل كانوا غير بالغين لأنهم قالوا { أرسله معنا غداً نرتع ونلعب } وإنما استغفروه بعد البلوغ .

قوله عز وجل : { اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً } فيه وجهان : أحدهما : اطرحوه أرضاً لتأكله السباع .

الثاني : ليبعد عن أبيه .

{ يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوماً صالحين } فيه وجهان :

أحدهما : أنهم أرادوا صلاح الدنيا لا صلاح الدين ، قاله الحسن .

الثاني : أنهم أرادوا صلاح الدين بالتوبة ، قاله السدي .

ويحتمل ثالثاً : أنهم أرادوا صلاح الأحوال بتسوية أبيهم بينهم من غير أثرة ولا تفضيل . وفي هذا دليل على أن توبة القاتل مقبولة لأن اللّه تعالى لم ينكر هذا القول منهم .

قوله عز وجل : { قال قائلٌ منهم لا تقتلوا يوسف } اختلف في قائل هذا منهم على ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه روبيل وهو أكبر إخوة يوسف وابن خالته ، قاله قتادة .

الثاني : أنه شمعون ، قاله مجاهد .

الثالث : أنه يهوذا ، قال السدي .

{ وألقُوه في غيابة الجُبِّ } فيه وجهان :

أحدهما : يعني قعر الجب وأسفله .

الثاني : ظلمه الجب التي تغيّب عن الأبصار ما فيها ، قاله الكلبي . فكان رأس الجب ضيقاً وأسفله واسعاً .

أحدهما : لأنه يغيب فيه خبره . وفي تسميته

{ غيابة الجب } وجهان :

الثاني : لأنه يغيب فيه أثره ، قال ابن أحمر :

ألا فالبثا شهرين أو نصف ثالثٍ

إلى ذاك ما قد غيبتني غيابيا

وفي { الجب } قولان :

أحدهما : أنه اسم بئر في بيت المقدس ، قاله قتادة .

الثاني : أنه بئر غير معينة ، وإنما يختص بنوع من الآبار قال الأعشى :

لئن كنت في جب ثمانين قامة

ورقيت أسباب السماء بسلم

وفيما يسمى من الآبار جباً قولان :

أحدهما : أنه ما عظم من الآبار سواء كان فيه ماء أو لم يكن .

الثاني : أنه ما لا طيّ له من الآبار ، قال الزجاج ، وقال : سميت جبًّا لأنها قطعت من الأرض قطعاً ولم يحدث فيها غير القطع .

{ يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين } معنى يلتقطه يأخذه ، ومنه اللقطة لأنها الضالة المأخوذة .

وفي { السيارة } قولان :

أحدهما : أنهم المسافرون سُموا بذلك لأنهم يسيرون .

الثاني : أنهم مارة الطريق ، قاله الضحاك .

١١

قالوا يا أبانا . . . . .

قوله عز وجل : { أرسله معنا غداً يرتع ويلعب } فيه خمسة أوجه :

أحدها : نلهو ونلعب ، قاله الضحاك .

الثاني : نسعى وننشط ، قاله قتادة .

الثالث : نتحارس فيحفظ بعضنا بعضاً ونلهو ، قاله مجاهد .

الرابع : نرعى ونتصرف ، قاله ابن زيد ، ومنه قول الفرزدق .

راحت بمسلمة البغالُ مودعاً فارعي فزارة لا هناك المرتع

الخامس : نطعم ونتنعم مأخوذ من الرتعة وهي سعة المطعم والمشرب ، قاله ابن شجرة وأنشد قول الشاعر :

أكُفراً بعد رَدّ الموت عنّي

وبعد عطائك المائة الرِّتاعا

أي الراتعة لكثرة المرعى .

ولم ينكر عليهم يعقوب عليه السلام اللعب لأنهم عنوا به ما كان مباحاً .

﴿ ١١