٤٤

قوله عز وجل : { قالوا أضغاث أحلام } فيه أربعة أوجه :

أحدها : يعني أخلاط أحلام ، قاله معمر وقتادة .

الثاني : ألوان أحلام ، قاله الحسن .

الثالث : أهاويل أحلام قاله مجاهد .

الرابع : أكاذيب أحلام ، قاله الضحاك .

وفيه خامس : شبهة أحلام ، قاله ابن عباس .

قال أبو عبيدة : الأضغاث ما لا تأويل له من الرؤيا ، ومنه قول الشاعر :

كضغث حلم عُزَّ منه حالمُه .

وروى هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) أنه قال { إذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب } . وفي تقارب الزمان وجهان :

أحدهما : أنه استواء الليل والنهار لأنه وقت اعتدال تنفتق فيه الأنوار وتطلع فيه الثمار فكان أصدق الزمان في تعبير الرؤيا .

الثاني : أنه آخر الزمان وعند انتهاء أمده .

والأضغاث جمع واحده ضغث والضغث الحزمة من الحشيش المجموع بعضه إلى بعض وقيل هو ملء الكف ، ومنه

قوله تعالى : { خذ بيدك ضغثاً } وقال ابن مقبل .

خَوْذٌ كَأَنَّ فِرَاشَهَا وُضِعَتْ بِهِ

أَضْغَاثُ رَيْحَانٍ غَدَاةَ شَمَالِ

والأحلام جمع حُلم ، والحُلم الرؤيا في النوم ، وأصله الأناة ، ومنه الحلم ضد الطيش فقيل لما يرى في النوم حلم لأنها حال أناة وسكون .

{ وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين } فدل ذلك على أنه ليس التأويل الأول مما تؤؤل به الرؤيا هو الحق المحكوم به لأن يوسف عرفهم تأويلها بالحق ، وإنما قال يوسف للغلامين { قضي الأمر الذي فيه تستفتيان } لأنه منه نذير نبوة . ويجوز أن يكون اللّه تعالى صرف هؤلاء عن تفسير هذه الرؤيا لطفاً بيوسف ليتذكر الذي نجا منهما حاله فتدعوهم الحاجة إليه فتكون سبباً لخلاصه .

﴿ ٤٤