٤٦

قوله عز وجل : { يوسف أيها الصديق أفتنا } احتمل تسميته بالصديق وجهين :

أحدهما : لصدقه في تأويل رؤياهما .

الثاني : لعلمه بنبوته . والفرق بين الصادق والصديق أن الصادق في قوله بلسانه ، والصديق من تجاوز صدقه لسانه إلى صدق أفعاله في موافقة حاله لا يختلف سره وجهره ، فصار كل صدّيق صادقاً وليس كل صادق صدّيقاً .

{ أفتنا في سبع بقرات سمان } قال قتادة : هي السنون المخصبات .

{ يأكلهن سبع عجافٌ } قال قتادة : هي السنون المجدبات .

{ وسبع سنبلات خضر وأُخر يابسات } والخضر الخصب لأن الأرض بنباتها

خضراء ، واليابسات هي الجدب لأنّ الأرض فيه يابسة ، كما أن ماشية الخصب سمان ، وماشية الجدب عجاف .

{ لعلي أرجع إلى الناس } أي لكي أرجع إلى الناس وهو الملك وقومه ، ويحتمل أن يريد الملك وحده فعبر عنه بالناس تعظيماً له .

{ ولعلهم يعلمون } لأنه طمع أن يعلموا وأشفق أن لا يعلموا ، فلذلك قال { لعلهم يعلمون } يعني تأويلها . ولم يكن ذلك منه شكاً في علم يوسف . لأنه قد وقر في نفسه علمه وصدقه ، ولكن تخوف أحد أمرين إما أن تكون الرؤيا كاذبةً ، وإما ألاّ يصدقوا تأويلها لكراهتهم له فيتأخر الأمر إلى وقت العيان .

﴿ ٤٦