٥

{ أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور } يحتمل وجهين :

أحدهما : من الضلالة إلى الهدى . الثاني : من ذل الاستعباد إلى عز المملكة . { وذكِّرهم بأيام اللّه } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : معناه وعظهم بما سلف من الأيام الماضية لهم ، قاله ابن جرير .

الثاني : بالأيام التي انتقم اللّه فيها من القرون الأولى ، قاله الربيع وابن زيد .

الثالث : أن معنى أيام اللّه أن نعم اللّه عليهم ، قاله مجاهد وقتادة ، وقد رواه أبيّ بن كعب مرفوعاً . وقد تسمَّى النعم بالأيام ، ومنه قول عمرو بن كلثوم :

وأيام لنا غُرٍّ طِوالٍ

عصينا الملْك فيها أن نَدِينا

ويحتمل تأويلاً رابعاً : أن يريد الأيام التي كانوا فيها عبيداً مستذلين لأنه أنذرهم قبل استعمال النعم عليهم .

{ إنَّ في ذلك لآيات لكُلِّ صبَّارٍ شكورٍ } الصبار : الكثير الصبر ، والشكور : الكثير الشكر ، قال قتادة : هو العبد إذا أعطي شكر ، وإذا ابتلي صبر . وقال الشعبي : الصبر نصف الإيمان ، والشكر نصف ، وقرأ { إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور } .

وتوارى الحسن عن الحجاج تسع سنين ، فلما بلغه موته قال : اللّهم قد أمته فأمت سنته وسجد شكراً وقرأ { إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور } .

وإنما خص بالآيات كل صبار شكور ، وإن كان فيه آيات لجميع الناس لأنه يعتبر بها ويغفل عنها .

﴿ ٥