١٨

قوله عز وجل : { إلا من استرق السمع } ومسترق السمع من الشياطين يسترقه من أخبار الأرض دون الوحي ، لأن اللّه تعالى قد حفظ وحيه منهم .

ومن استراقهم له قولان :

أحدهما : أنهم يسترقونه من الملائكة في السماء .

الثاني : في الهواء عند نزول الملائكة من السماء . وفي حصول السمع قبل أخذهم بالشهاب قولان :

أحدهما : أن الشهاب يأخذهم قبل وصولهم إلى السمع ، فيصرفون عنه .

الثاني : أنه يأخذهم بعد وصول السمع إليهم .

وفي أخذهم بالشهاب قولان :

أحدهما : أنه يخرج ويحرق ولا يقتل ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنه يقتل ، قاله الحسن وطائفة .

فعلى هذا القول في قتلهم بالشهب قبل إلقاء السمع إلى الجن قولان :

أحدهما : أنهم يقتلون قبل إلقائهم ما استرقوه من السمع إلى غيرهم ، فعلى هذا لا تصل أخبار السماء إلى غير الأنبياء ، قاله ابن عباس : ولذلك انقطعت الكهانة .

الثاني : أنهم يقتلون بعد إلقائهم ما استرقوه من السمع إلى غيرهم من الجن ، ولذلك ما يعودون إلى استراقه ، ولو لم يصل لانقطع الإستراق وانقطع الإحراق .

وفي الشهب التي يرجمون بها قولان :

أحدهما : أنها نور يمتد بشدة ضيائه فيحرقهم ولا يعود ، كما إذا أحرقت النار لم تعد .

الثاني : أنها نجوم يرجمون بها وتعود إلى أماكنها ، قال ذو الرمة :

كأنه كوكب في إثر عفريةٍ

مُسَوَّمٌ في سوادِ الليل منقضبُ

﴿ ١٨