٨٦

{ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } قرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وحفص { حَمِئَةٍ } وفيها وجهان :

أحدهما : عين ماء ذات حمأة ، قاله مجاهد ، وقتادة .

الثاني : يعني طينة سوداء ، خبرا

قاله كعب .

وقرأ بن الزبير ، والحسن : { فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ } وهي قراءة الباقين يعني حارة .

فصار قولاً ثالثاً : وليس بممتنع أن يكون ذلك صفة للعين أن تكون حمئة سوداء حامية ، وقد نقل مأثوراً في شعر تُبَّع وقد وصف ذا القرنين بما يوافق هذا فقال :

قد كان ذو القرنين قبلي مسلماً . .

ملكاً تدين له الملوك وتسجد

بلغ المشارق والمغارب يبتغي

أسباب أمرٍ من حكيم مرشد

فرأى مغيب الشمس عند غروبها

في عين ذي خُلُبٍ وثاطٍ حرمد

الخُلُب : الطين . والثأط : الحمأة . والحرمد : الأسود .

ثم فيها وجهان : أحدهما : أنها تغرب في نفس العين .

الثاني : أنه وجدها تغرب وراء العين حتى كأنها تغيب في نفس العين .

{ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً } فيه وجهان :

أحدهما : أنه خيره في عقابهم أو العفو عنهم .

الثاني : إما أن تعذب بالقتل لمقامهم على الشرك وإما أن تتخذ فيهم حُسناً بأن تمسكهم بعد الأسر لتعلمهم الهدى وتستنقذهم من العَمَى ، فحكى مقاتل أنه لم يؤمن منهم إلا رجل واحد .

﴿ ٨٦