١٩

قوله عز وجل : { هذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ } والخصمان ها هنا فريقان ، وفيهما أربعة أقاويل :

أحدها : أنهما المسلمون والمشركون حين اقتتلوا في بدر ، وهذا قول أبي ذر ، وقال محمد بن سيرين : نزلت في الثلاثة الذين بارزوا يوم بدر ثلاثة من المشركين فقتلوهم .

والثاني : أنهم أهل الكتاب قالوا : نبينا قبل نبيكم ، وكتابنا قبل كتابكم .

ونحن خير منكم ، فقال المسلمون كتابنا يقضي على كتابكم ، ونبينا خاتم الأنبياء .

ونحن أولى باللّه منكم ، وهذا قول قتادة .

والثالث : أنهم أهل الإِيمان والشرك في اختلافهم في البعث والجزاء ، وهذا قول مجاهد ، والحسن ، وعطاء .

والرابع : هما الجنة والنار اختصمتا ، فقالت النار : خلقني اللّه لنقمته ، وقالت الجنة : خلقني اللّه لرحمته ، وهذا قول عكرمة .

{ فَالَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعْتَ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ } معناه أن النار قد أحاطت بها كإحاطة الثياب المقطوعة إذا لبسوها عليهم ، فصارت من هذا الوجه ثياباً ، لأنها بالإِحاطة كالثياب .

{ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ } ها هنا هو الماء الحار ، قال الشاعر :

كأن الحميم على متنها

إذا اغترفته بأطساسها

جُمان يحل على وجنةٍ

علته حدائد دوّاسها

وضم الحميم إلى النار وإن كانت أشد منه لأنه ينضج لحومهم ، والنار بانفرادها تحرقها ، فيختلف به العذاب فيتنوع ، فيكون أبلغ في النكال .

وقيل إنها نزلت في ثلاثة من المسلمين قتلوا ثلاثة من المشركين يوم بدر حمزة بن عبد المطلب قتل عتبة بن ربيعة ، وعليّ بن أبي طالب قتل الوليد بن عتبة ، وعبيدة بن الحارث قتل شيبة بن ربيعة .

﴿ ١٩