٢قوله تعالى : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ } وإنما قدم ذكر الزانية على الزاني لأمرين : أحدهما : أن الزنى منها أعَرُّ ، وهو لأجل الحَبَل أضر . الثاني : أن الشهوة فيها أكثر وعليها أغلب ، وقدر الحد فيه بمائة جلدة من الحرية والبكارة ، وهو أكثر حدود الجلد ، لأن فعل الزنى أغلظ من القذف بالزنى ، وزادت السنة على الجلد بتغريب عام بعده ، لقول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { خُذُواْ عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللّه لَهُنَّ سَبِيلاً ، البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلْدُ مَائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ } ومنع العراقيون من التغريب اقتصاراً على الجلد وحده ، وفيه دفع السنة والأثر . والجلد مأخوذ من وصول الضرب إلى الجلد . فأما المحصنان فحدهما الرجم بالسنة إما بياناً لقوله تعالى في سورة النساء : { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّه لَهُنَّ سَبِيلاً } " [ النساء : ١٥ ] على قول فريق : وإما ابتداء فرض على قول آخرين . وروى زر بن حبيش عن أُبَيٍّ أن في مصحفه من سورة الأحزاب ذكر الرجم : { إِذَا زَنَى الشَّيخُ وَالشَّيخَةُ فَارْجُمَوهُمَا البَتَّةَ نَكَالاً مِنَ اللّه وَاللّه عَزِيزٌ حَكِيمٌ } { وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّه } أي في طاعة اللّه ، وقد يعبر بالدين عن الطاعة . { إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّه وَالْيَوْمِ الآخِرِ } أي إن كنتم تقيمون طاعة اللّه قيام من يؤمن باللّه واليوم الآخر ، والرأفة الرحمة ولم ينه عنها لأن اللّه هو الذي يوقعها في القلوب وإنما نهى عما تدعو الرحمة إليه ، وفيه قولان : أحدهما : أن تدعوه الرحمة إلى إسقاط الحد حتى لا يقام ، قاله عكرمة . الثاني : أن تدعوه الرحمة إلى تخفيف الضرب حتى لا يؤلم ، قاله قتادة . واستنبط هذا المعنى الجنيد فقال : الشفقة على المخالفين كالإِعراض عن المواقعين { وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا } يعني بالعذاب الحد يشهده عند الإِقامة طائفة من المؤمنين ، ليكونوا زيادة في نكاله وبينة على إقامة حده واختلف في عددهم على أربعة أقاويل : أحدها : أربعة فصاعداً ، قاله مالك والشافعي . الثاني : ثلاثة فصاعداً ، قاله الزهري . الثالث : اثنان فصاعداً ، قال عكرمة . الرابع : واحد فصاعداً ، قاله الحسن ، وإبراهيم . ولما شرط اللّه إيمان من يشهد عذابهما ، قال بعض أصحاب الخواطر : لا يشهد مواضع التأديب إلا من لا يستحق التأديب . |
﴿ ٢ ﴾