| ٤٤قوله : { قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها بركة بنيت قوارير ، قاله مجاهد . الثاني : أنها صحن الدار ، حكاه ابن عيسى يقال صرحة الدار وساحة الدار وباحة الدار وقاعة الدار كله بمعنى واحد . قال زهير مأخوذ من التصريح ومنه صرح بالأمر إذا أظهره . الثالث : أنه القصر قاله ابن شجرة ، واستشهد بقول الهذلي . على طرق كنحو الظباء تحسب أعلامهن الصروحا { فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً } أي ماء لأن سليمان أمر الجن أن يبنوه من قوارير في ماء فبنوه وجعلوا حوله أمثال السمك فأمرها بالدخول لأنها وصفت له فأحب أن يراها . قال مجاهد : وكانت هلباء الشعر والهلباء الطويلة الشعر ، قدمها كحافر الحمار وكانت أمها جنيه . قال الحسن : وخافت الجن أن يتزوجها سليمان فيطلع منها على أشياء كانت الجن تخفيها عنه . وهذا القول بأن أمها جنية مستنكر في العقول لتباين الجنسين واختلاف الطبعين وتفاوت الجسمين ، لأن الآدمي جسماني ، والجني روحاني ، وخلق اللّه الآدمي من صلصال كالفخار وخلق الجني من مارج من نار ، ويمتنع الامتزاج من هذا التباين ويستحيل التناسل مع هذا الاختلاف ، لكنه قيل فذكرته حاكياً . { وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا } فرآهما سليمان شعراوين فصنعت له الجن النورة فحلقهما ، فكان أول من صنعت النورة . واختلفواْ في السبب الذي كان من أجله أراد سليمان كشف ساقيها لدخول الصرح على ثلاثة أقاويل : أحدها : لأنه أراد أن يختبر بذلك عقلها . الثاني : أنه ذكر له أن ساقها ساق حمار لأن أمها جنية فأحب أن يختبرها . الثالث : لأنه أراد أن يتزوجها فأحب أن يشاهدها . { قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ } فيه قولان : أحدهما : أنه المجلس ومنه الأمرد لملوسته ، قاله علي بن عيسى . الثاني : أنه الواسع طوله وعرضه ، قاله ابن شجرة وأنشد : غدوت صباحاً باكراً فوجدتهم قبيل الضحى في البابلي الممرد قوله تعالى : { قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي } فيه قولان : أحدهما : بالشرك الذي كانت عليه ، قاله ابن شجرة . الثاني : بالظن الذي توهمته في سليمان لأنها لما أمرت بدخول الصرح حسبته لجة وأن سليمان يريد تغريقها فيه فلما بان لها أنه صرح ممرد من قوارير علمت أنها ظلمت نفسها بذلك الظن ، قاله سفيان . { وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ للّه رَبِّ الْعَالَمِينَ } أي استسلمت مع سليمان للّه طائعة للّه رب العالمين . قال مقاتل : فتزوجها سليمان واتخذ لها حماماً ونورة بالشام ، وهو أول من اتخذ ذلك ، ثم لم ير إلا كذلك حتى فرق الموت بينهما ، فحكى الشعبي عن ناس من حمير أنهم حفروا مقبرة الملك فوجدوا فيها أرضاً معقودة فيها امرأة عليها حلل منسوخة بالذهب وعند رأسها لوح رخام فيه مكتوب : - يا أيها الأقوام عُوجوا معاً وأربعوا في مقبري العيسا لتعلموا أني تلك التي قد كنت أدْعي الدهر بلقيسا شيّدت قصر الملك في حمير قومي وقد كان مأنوسا وكنت في ملكي وتدبيره أرغم في اللّه المعاطيسا بَعْلي سليمان النبي الذي قد كان للتوراة دريسا وسخّر الريح له مركباً تهب أحياناً رواميسا مع ابن داود النبي الذي قدسه الرحمن تقديسا | 
﴿ ٤٤ ﴾