١٩

{ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ } فيه قولان :

أحدهما : الحمد للّه على نعمه وآلائه .

الثاني : الصلاة لاختصاصها بقراءة الحمد في الفاتحة .

{ وَعَشِّياً } يعني صلاة العصر .

{ وَحِينَ تَظْهِرُونَ } يعني صلاة الظهر وإنما خص صلاة الليل باسم التسبيح وصلاة النهار باسم الحمد لأن الإنسان في النهار متقلب في أحوال توجب حمد اللّه عليها ، وفي الليل على خلوة توجب تنزيه اللّه من الأسواء فيها فلذلك صار الحمد بالنهار أخص فسميت به صلاة النهار ، والتسبيح بالليل أخص فسميت به صلاة الليل .

والفرق بين المساء والعشي أن المساء بدو الظلام بعد المغيب ، والعشي آخر النهار عند ميل الشمس للمغيب وهو مأخوذ من عشا العين وهو نقص النور من الناظر كنقص نور الشمس ، فجاءت هذه الآية جامعة لأوقات الصلوات الخمس ، وقد روى سفيان عن عاصم أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس : هل تجد في كتاب اللّه الصلوات الخمس ؟ فقرأ هذه الآية .

قال يحيى ابن سلام : كل صلاة ذكرت في كتاب اللّه قبل الليلة التي أسري فيها برسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) فليست من الصلوات الخمس لأنها فرضت في الليلة التي أسري به فيها وذلك قبل الهجرة بسنة ، قال : وهذه الآية نزلت بعد ليلة الإسراء وقبل الهجرة .

{ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ } فيه أربعة تأويلات

 أحدها : يخرج الإنسان الحي من النطفة الميتة ويخرج النطفة الميتة من الإنسان الحي ، قاله ابن مسعود وابن عباس وأبو سعيد الخدري ومجاهد وقتادة وابن جبير .

الثاني : يخرج المؤمن من الكافر ويخرج الكافر من المؤمن ، قاله عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه والزهري ، ورواه الأسود بن عبد يغوث عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) .

الثالث : يخرج الدجاجة من البيضة ويخرج البيضة من الدجاج ، قاله عكرمة .

الرابع : يخرج النخلة من النواة ويخرج النواة من النخلة ؛ والسنبلة من الحبة والحبة من السنبلة ، قاله ابن مالك والسدي .

ويحتمل خامساً : يخرج الفطن اللبيب من العاجز البليد ويخرج العاجز البليد من الفطن اللبيب .

{ وَيُحْيِى الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } يعني بالنبات لأنه حياة أهلها فصار حياة لها

. ويحتمل ثانياً : أنه كثرة أهلها لأنهم يحيون مواتها ويعمرون خرابها .

{ وَكَذِلِكَ تُخْرَجُونَ } أي كما أحيا الأرض بإخراج النبات وأحيا الموتى كذلك يحييكم بالبعث . وفي هذا دليل على صحة القياس .

﴿ ١٩