١٤

قوله تعالى : { وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ } يعني براً وتحنناً عليهما . وفيهما قولان :

أحدهما : أنها عامة وإن جاءت بلفظ خاص والمراد به جميع الناس ، قاله ابن كامل .

الثاني : خاص في سعد بن أبي وقاص وُصي بأبويه ؛ واسم أبيه مالك واسم أمه حمنة بنت أبي سفيان بن أمية ، حكاه النقاش .

{ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ } فيه ثلاثة أوجه

 أحدها : معناه شدة على شدة ، قاله ابن عباس .

الثاني : جهداً على جهد . قاله قتادة .

الثالث : ضعفاً على ضعف ، قاله الحسن وعطاء . ومن قول قعنب ابن أم صاحب :

هل للعواذل من ناهٍ فيزجرها

إن العواذل فيها الأيْنُ والوهن

يعني الضعف

. ثم فيه على هذا التأويل ثلاثة أوجه :

أحدها : ضعف الولد على ضعف الوالدة ، قاله مجاهد .

الثاني : ضعف نطفة الأب على نطفة الأم ، قاله ابن بحر .

الثالث : ضعف الولد حالاً بعد حال فضعفه نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً سوياً ثم مولوداً ثم رضيعاً ثم فطيماً ، قاله أبو كامل .

ويحتمل رابعاً : ضعف الجسم على ضعف العزم .

{ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } يعني بالفصال الفطام من رضاع اللبن .

واختلف في حكم الرضاع بعد الحولين هل يكون في التحريم كحكمه في الحولين على أربعة أقاويل :

أحدهما : أنه لا يحرم بعد الحولين ولو بطرفة عين لتقدير اللّه له بالحولين ولقول النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { لاَ رَضَاعةَ بَعْدَ الحَولَينِ } وهذا قول الشافعي .

الثاني : أنه يحرم بعد الحولين بأيام ، وهذا قول مالك .

الثالث : يحرم بعد الحولين بستة أشهر استكمالاً لثلاثين شهراً لقوله : { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً } " [ الأحقاف : ١٥ ] قاله أبو حنيفة .

الرابع : أن تحريمه غير مقدر وأنه يحرم في الكبير كتحريمه في الصغير ، وهذا قول بعض أهل المدينة .

{ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } أي اشكر لي النعمة ولوالديك التربية . وشكر اللّه بالحمد والطاعة وشكر الوالدين بالبر والصلة ، قال قتادة : إن اللّه فرق بين حقه وحق الوالدين وقال اشكر لي ولوالديك .

{ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } يعني إلى اللّه المرجع فيجازي المحسن بالجنة والمسيء بالنار . وقد

روى عطاء عن عبد اللّه بن عمر قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { رِضَا الرَّبِّ مِن رِضَا الوَالَدِ وَسَخَط الرَّبِّ مَن سَخَط الوَالِدِ } .

﴿ ١٤