١٣قوله تعالى : { وَإِذْ قَالت طَّآئِفَةٌ مِّنهُمْ } يعني من المنافقين قيل إنهم من بني سليم ، وقيل إنه من قول أوس بن فيظي ومن وافقه على رأيه ، ذكر ذلك يزيد بن رومان ، وحكى السدي أنه عبد اللّه بن أُبي وأصحابه . { يَأَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مَقُامَ لَكُم فَارْجِعُواْ } قرأ حفص عن عاصم بضم الميم ، والباقون بالفتح . وفي الفرق بينهما وجهان : أحدهما : وهو قول الفراء أن المقام بالفتح الثبات على الأمر ، وبالضم الثبات في المكان . الثاني : وهو قول ابن المبارك انه بالفتح المنزل وبالضم الإقامة . وفي تأويل ذلك ثلاثة أوجه : أحدها : أي لا مقام لكم على دين محمد فارجعوا إلى دين مشركي العرب ، قاله الحسن . الثاني : لا مقام لكم على القتال فارجعوا إلى طلب الأمان ، قاله الكلبي . الثالث : لا مقام في مكانكم فارجعوا إلى مساكنكم ، قال النقاش . والمراد بيثرب المدينة وفيه قولان : أحدهما : أن يثرب هي المدينة ، حكاه ابن عيسى . الثاني : أن المدينة في ناحية من يثرب ، قاله أبو عبيدة وقد روى يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن البراء بن عازب قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) { مَن قَالَ المَدِينَةُ يَثْرِبُ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللّه ، هَي طَابَةُ } ثلاثة مرات . { وَيَسْتَئْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ } قال السدي : الذي استأذنه منهم رجلان من الأنصار من بني حارثة ، أحدهما أبو عرابة بن أوس ، والآخر أوس بن فيظي . قال الضحاك : ورجع ثمانون رجلاً بغير إذن . { يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : قاصية من المدينة نخاف على عورة النساء والصبيان من السبي ، قاله قتادة . الثاني : خالية ليس فيها إلا العورة من النساء ، قاله الكلبي والفراء ، مأخوذ من قولهم قد اعور الفارس إذا كان فيه موضع خلل للضرب قال الشاعر : له الشدة الأولى إذا القرن أعورا الثالث : مكشوفة الحيطان نخاف عليها السراق والطلب ، قاله السدي والعرب تقول قد أعور منزلك إذا ذهب ستره وسقط جداره وكل ما كره انكشافه فهو عندهم عورة ، وقرأ ابن عباس : إن بيوتنا عَوِرة ، بكسر الواو ، أي ممكنة العورة . ثم قال : { وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ } تكذيباً لهم فيما ذكروه . { إِن يُريدُونَ إِلاَّ فِرَاراً } يحتمل وجهين : أحدهما : فراراً من القتل . الثاني : من الدِّين . وحكى النقاش أن هذه الآية نزلت في قبيلتين من الأنصار من بني حارثة وبني سلمة ، همّوا أن يتركوا مراكزهم يوم الخندق وفيهم أنزل اللّه { إذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنكُمْ أن تَفْشَلاَ } " [ آل عمران : ١٢٢ ] الآية . فلما نزلت هذه الآية قالوا : واللّه ما سرّنا ما كنا هممنا به إن كان اللّه ولينا . |
﴿ ١٣ ﴾