٢٣

قوله تعالى : { مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللّه عَلَيْهِ } فيهم قولان :

أحدهما : أنهم بايعوا اللّه على ألا يفرُّوا ، فصدقوا في لقائهم العدو يوم أحد ، قاله يحيى بن سلام .

الثاني : أنهم قوم لم يشهدوا بدراً فعاهدوا اللّه ألا يتأخروا عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) في حرب يشهدها أو أمر بها ، فوفوا بما عاهدوا اللّه عليه ، قاله أنس بن مالك .

{ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنْتَظِرُ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : فمنهم من مات ومنهم من ينتظر الموت ، قاله ابن عباس ومنه قول بشر بن أبي خازم :

قضى نحب الحياة وكلُّ حي

إذا يُدْعى لميتته أجابا

الثاني : فمنهم من قضى عهده قتل أو عاش ، ومنهم من ينتظر أن يقضيه بقتال أو صدق لقاء ، قاله مجاهد .

الثالث : فمنهم من قضى نذره ومنه قول الراعي :

حتى تحنّ إلى ابن أكرمها

حسباً وكن منجز النحب

فيكون النحب على التأويل الأول الأجل ، وعلى الثاني العهد ، وعلى الثالث النذر .

{ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً } فيه وجهان :

أحدهما : ما غيروا كما غير المنافقون ، قاله ابن زيد .

الثاني : ما بدلوا ما عاهدوا اللّه عليه من الصبر ولا نكثوا بالفرار ، وهذا معنى قول الحسن .

﴿ ٢٣