٦

{ أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِن وُجْدِكم } يعني سكن الزوجة مستحق على زوجها مدة نكاحها وفي عدة طلاقها بائناً كان أو رجعياً .

وفي قوله : { من وجدكم } أربعة أوجه :

أحدهما : من قوتكم ، قاله الأعمش .

الثاني : من سعيكم ، قاله الأخفش .

الثالث : من طاقتكم ، قاله قطرب .

الرابع : مما تجدون ، قاله الفراء ، ومعانيها متقاربة . { ولا تُضارُّوهُنّ لِتُضَيِّقُوا عليهنّ } فيه قولان :

أحدهما : في المساكن ، قاله مجاهد .

الثاني : لتضيقوا عليهن في النفقة ، قاله مقاتل . مقاتل ، فعلى قول مجاهد أنه التضييق في المسكن فهو عام في حال الزوجية وفي كل عدة ، لأن السكنى للمعتدة واجبة في كل عدة في طلاق يملك فيه الرجعة أو لا يملك .

وفي وجوبه في عدة الوفاة قولان ؛

وعلى قول مقاتل أنه التضييق في النفقة فهو خاص في الزوجة وفي المعتدة من طلاق رجعي .

وفي استحقاقها للمطلقة البائن قولان :

أحدهما : لا نفقة للبائن في العدة ، وهو مذهب مالك والشافعي رحمهما اللّه . الثاني : لها النفقة ، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه اللّه .

{ وإن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فأنفِقوا عليهنّ حتى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } وهذا في نفقة المطلقة الحامل لأنها واجبة لها مدة حملها في قول الجميع سواء كان طلاقاً بائناً أم رجعياً ، وإنما اختلفوا في وجوب النفقة لها هل استحقته بنفسها إن كانت بائناً أو بحملها على قولين .

{ فإن أَرْضَعْنَ لكم فآتوهُن أُجورَهُنّ } وهذا في المطلقة إذا أرضعت فلها على المطلق أجرة رضيعها لأن نفقته ورضاعه واجب على أبيه دونها ، ولا أجرة لها إن كانت على نكاحه .

{ وائْتَمِروا بَيْنكم بمعْروف } فيه وجهان :

أحدهما : قاله السدي .

الثاني : تراضوا يعني أبوي الولد يتراضيان بينهما إذا وقعت الفرقة بينهما بمعروف في أجرتها على الأب ورضاعها للولد .

{ وإن تعاسرتم } فيه وجهان :

أحدهما : تضايقتم وتشاكستم ، قاله ابن قتيبة .

الثاني : اختلفتم .

{ فسترضعُ له أخرى } واختلافهما نوعان :

أحدهما : في الرضاع .

الثاني : في الأجر .

فإن اختلفا في الرضاع فإن دعت إلى إرضاعه فامتنع الأب مكِّنت منه جبراً ، وإن دعاها الأب إلى إرضاعه فامتنعت ، فإن كان يقبل ثدي غيرها لم تجبر على إرضاعه ويسترضع له غيرها ، وإن كان لا يقبل ثدي غيرها أجبرت على إراضاعه بأجر مثلها . وإن اختلفا في الأجر فإن دعت إلى أجر مثلها وامتنع الأب إلا تبرعاً فالأم أَوْلى بأجر المثل إذا لم يجد الأب متبرعاً .

وإن دعا الأب إلى أجر المثل وامتنعت الأم شططاً فالأب أولى به ، فإذا أعسر الأب بأجرتها أخذت جبراً برضاع ولدها .

{ . . . لا يُكلِّفُ اللّه نفساً إلا ما آتاها } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : لا يكلف اللّه الأب نفقة المرضع إلا بحسب المكنة ، قاله ابن جبير .

الثاني : لا يكلفه اللّه أن يتصدق ويزكي وليس عنده مال مصدق ولا مزكى ، قاله ابن زيد .

الثالث : أنه لا يكلفه فريضة إلا بحسب ما أعطاه اللّه من قدرته ، وهذا معنى قول مقاتل .

﴿ ٦