سورة التحريم

مدينة في قول الجميع

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

قوله تعالى : { يا أيها النبيُّ لم تُحرِّمُ ما أحَلَّ اللّه لَكَ } فيه ثلاثة أوجه :

أحدهاه : أنه أراد بذلك المرأة التي وهبت نفسها للنبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) فلم يقبلها ، قاله ابن عباس .

والثاني : أنه عسل شربه النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) عند بعض نسائه ، واختلف فيها فروى عروة

عن عائشة أنه شربه عند حفصة وروى ابن أبي مليكة عن ابن عباس أنه شربه عند سودة . وروى أسباط عن السدي أنه شربه عند أم سلمة ، فقال يعني نساؤه عدا من شرب ذلك عندها : إنا لنجد منك ريح المغافير ، وكان يكره أن يوجد منه الريح ، وقلن له : جَرَسَتْ نحلة العُرفُط ، فحرّم ذلك على نفسه ، وهذا قول من ذكرنا .

الثالث : أنها مارية أم إبراهيم خلا بها رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) في بيت حفصة بنت عمر وقد خرجت لزيارة أبيها ، فلما عادت وعلمت عتبت على النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) فحرمها على نفسه أرضاء لحفصة ، وأمرها أن لا تخبر أحداً من نسائه ، فأخبرت به عائشة لمصافاة كانت بينهما وكانت تتظاهران على نساء النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) أي تتعاونان ، فحرّم مارية وطلق حفصة واعتزل سائر نسائه تسعة وعشرين يوماً ، وكان جعل على نفسه أن يُحرّمهن شهراً ، فأنزل اللّه هذه الآية ، فراجع حفصة واستحل مارية وعاد إلى سائر نسائه ، قاله الحسن وقتادة والشعبي ومسروق والكلبي وهو ناقل السيرة .

واختلف من قال بهذا ، هل حرّمها على نفسه بيمين آلى بها أم لا ، على قولين :

أحدهما : أنه حلف يميناً حرّمها بها ، فعوتب في التحريم وأُمر بالكفارة في اليمين ، قاله الحسن وقتادة والشعبي .

الثاني : أنه حرّمها على نفسه من غير يمين ، فكان التحريم موجباً لكفارة اليمين ، قاله ابن عباس .

﴿ ١