٦{ يا أيها الذين آمَنوا قُوا أَنفُسَكم وأهْليكم ناراً } قال خيثمة : كل شيء في القرآن يا أيها الذين آمنوا ففي التوراة يا أيها المساكين . وقال ابن مسعود : إذا قال اللّه يا أيها الذين آمنوا فارعها سمعك فإنه خير تؤمر به أو شر تنهى عنه . وقال الزهري : إذا قال اللّه تعالى : يا أيها الذين آمنوا افعلوا ، فالنبي منهم . ومعنى قوله : { قوا أنفسكم وأهليكم ناراً } أي اصرفوا عنها النار ، ومنه قول الراجز : ولو توقى لوقاه الواقي وكيف يوقى ما الموت لاقي وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : معناه قوا أنفسكم ، وأهلوكم فليقوا أنفسهم ناراً ، قاله الضحاك . الثاني : قوا أنفسكم ومروا أهليكم بالذكر والدعاء حتى يقيكم اللّه بهم ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . الثالث : قوا أنفسكم بأفعالكم ، وقوا أهليكم بوصيتكم ، قاله علي وقتادة ومجاهد . وفي الوصية التي تقيهم النار ثلاثة أقاويل : أحدها : يأمرهم بطاعة اللّه وينهاهم عن معصيته ، قاله قتادة . الثاني : يعلمهم فروضهم ويؤدبهم في دنياهم ، قاله علي . الثالث : يعلمهم الخير ويأمرهم به ، ويبين لهم الشر ، وينهاهم عنه . قال مقاتل : حق ذلك عليه في نفسه وولده وعبيده وإمائه . { وَقودها الناسُ والحجارةُ } في ذكر الحجارة مع الناس ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها الحجارة التي عبدوها ، حتى يشاهدوا ما أوجب مصيرهم إلى النار ، وقد بين اللّه ذلك في قوله { إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّه حَصَبُ جَهَنَّم } . الثاني : أنها حجارة من كبريت وهي تزيد في وقودها النار وكان ذكرها زيادة في الوعيد والعذاب ، قاله ابن مسعود ومجاهد . الثالث : أنه ذكر الحجارة ليعلموا أن ما أحرق الحجارة فهو أبلغ في إحراق الناس . روى ابن أبي زائدة قال : بلغني أن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) تلا هذه الآية { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم } الآية ، وعنده بعض أصحابه ، ومنهم شيخ فقال الشيخ : يا رسول اللّه حجارة جهنم كحجارة الدنيا ؟ فقال والذي نفسي بيده لصخرة من جهنم أعظم من جبال الدنيا كلها ، فوقع الشيخ مغشياً عليه ، فوضع النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) يده على فؤاده فإذا هو حي ، فقال : يا شيخ قل لا إله إلا اللّه ، فقال بها ، فبشره بالجنة ، فقال أصحابه : يا رسول اللّه أمِن بيننا ؟ قال : نعم لقول اللّه تعالى : { ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد } . { عليها ملائكة غِلاظٌ شدادٌ } يعني غلاظ القلوب ، شداد الأفعال وهم الزبانية . { لا يعْصُون اللّه ما أمرهم } أي لا يخالفونه في أمره من زيادة أو نقصان . { ويَفْعلون ما يُؤْمَرونَ } يعني في وقته فلا يؤخرونه ولا يقدمونه . |
﴿ ٦ ﴾