١٢

{ إنّ لدينا أنْكالاً وجَحيماً } في { أنكالاً } ثلاثة أوجه :

أحدها : أغلالاً ، قاله الكلبي .

الثاني : أنها القيود ، قاله الأخفش وقطرب ، قالت الخنساء :

دَعاك فَقَطّعْتَ أنكاله

وقد كُنّ قبْلك لا تقطع .

الثالث : أنها أنواع العذاب الشديد ، قاله مقاتل ، وقد جاء عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) أنه قال : { إن اللّه تعالى يحب النكل على النكل ، قيل : وما النكل ؟ قال : الرجل القوي المجرب على الفرس القوي المجرب } ومن ذلك سمي القيد نكلاً لقوته ، وكذلك الغل ، وكل عذاب قوي واشتد .

{ وطعاماً ذا غُصَّةٍ } فيه وجهان :

أحدهما : أنه شوك يأخذ الحلق فلا يدخل ولايخرج ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنها شجرة الزقوم ، قاله مجاهد .

{ وكانت الجبالُ كَثيباً مَهيلاً } فيه وجهان :

أحدهما : رملاً سائلاً ، قاله ابن عباس .

الثاني : أن المهيل الذي إذا وطئه القدم زل من تحتها وإذا أخذت أسفله انهال أعلاه ، قاله الضحاك والكلبي .

{ فأخَذْناه أَخْذاً وبيلاً } فيه أربعة تأويلات :

أحدهما : شديداً ، قاله ابن عباس ومجاهد .

الثاني : متتابعاً ، قاله ابن زيد .

الثالث : ثقيلاً غليظاً ، ومنه قيل للمطر العظيم وابل ، قاله الزجاج .

الرابع : مهلكاً ، ومنه قول الشاعر :

أكْلتِ بَنيكِ أَكْلَ الضّبِّ حتى

وَجْدتِ مرارةَ [ الكلإ الوبيل ] .

{ فكيف تتّقونَ } يعني يوم القيامة .

{ إن كفَرتم يوماً يجْعَل الولدان شيباً } الشيب : جمع أشيب ، والأشيب والأشمط الذي اختلط سواد شعره ببياضه ، وهو الحين الذي يقلع فيه ذو التصابي عن لهوه ، قال الشاعر :

طرْبتَ وما بك ما يُطرِب

وهل يلعب الرجلُ الأَشْيَبُ

وإنما شاب الولدان في يوم القيامة من هوْله .

{ السماءُ مُنفطرٌ به } فيه أربعة أوجه :

أحدها : ممتلئة به ، قاله ابن عباس .

الثاني : مثقلة ، قاله مجاهد .

الثالث : مخزونة به ، قاله الحسن .

الرابع : منشقة من عظمته وشدته ، قاله ابن زيد .

{ وكانَ وعْدُه مَفْعولاً } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : وعده بأن السماء منفطر به ، وكون الجبال كثيباً مهيلاً ، وأن يجعل الولدان شيباً ، قاله يحيى بن سلام .

الثاني : وعده بأن يظهر دينه على الدين كله ، قاله مقاتل .

الثالث : وعده بما بشّر وأنذر من ثوابه وعقابه .

وفي المعنى المكنى عنه في قوله { به } وجهان :

أحدهما : أن السماء منفطرة باليوم الذي يجعل الولدان شيباً ، فيكون اليوم قد جعل الولدان شيباً ، وجعل السماء منفطرة ويكون انفطارها للفناء .

الثاني : معناه أن السماء منفطرة بما ينزل منها بأن يوم القيامة يجعل الولدان شيباً ، ويكون انفطارها بانفتاحها لنزول هذا القضاء منها .

﴿ ١٢