٢{ إنّا خلقْنا الإنسانَ من نُطْفَةٍ أمْشاجٍ } يعني بالإنسان في هذا الموضع كل إنسان من بني آدم في قول جميع المفسرين . وفي النطفة قولان : أحدهما : ماء الرجل وماء المرأة إذا اختلطا فهما نطفة ، قاله السدي . الثاني : أن النطفة ماء الرجل ، فإذا اختلط في الرحم وماء المرأة صارا أمشاجاً . وفي الأمشاج أربعة أقاويل : أحدها : أنه الأخلاط ، وهو أن يختلط ماء الرجل بماء المرأة ، قاله الحسن وعكرمة ، ومنه قول رؤبة بن العجاج : يطرحن كل مُعْجَل نشاجِ لم يُكْسَ جلداً في دم أمشاج . الثاني : أن الأمشاج الألوان ، قاله ابن عباس ، وقال مجاهد : نطفة الرجل بيضاء وحمراء ، ونطفة المرأة خضراء وصفراء . روى سعيد عن قتادة عن أنس قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { ماء الرجل غليظ أبيض ، وماء المرأة رقيق أصفر فأيهما سبق أو علا فمنه يكون الشبه } . الثالث : أن الأمشاج : الأطوار ، وهو أن الخلق يكون طوراً نطفة ، وطوراً علقة ، وطوراً مضغة ، ثم طوراً عظماً ، ثم يكسى العظم لحماً ، قاله قتادة . الرابع : أن الأمشاج العروق التي تكون في النطفة ، قاله ابن مسعود . وفي قوله { نَبْتَلِيه } وجهان : أحدهما : نختبره . الثاني : نكلفه بالعمل . فإن كان معناه الاختبار ففيما يختبر به وجهان : أحدهما : نختبره بالخير والشر ، قاله الكلبي . الثاني : نختبر شكره في السراء ، وصبره في الضراء ، قاله الحسن . ومن جعل معناه التكليف ففيما كلفه وجهان : أحدهما : العمل بعد الخلق ، قاله مقاتل . الثاني : الدين ، ليكون مأموراً بالطاعة ، ومنهياً عن المعاصي . { فَجَعَلْناه سميعاً بصيراً } ويحتمل وجهين : أحدهما : أي يسمع بالأذنين ويبصر بالعينين أمتناناً بالنعمة عليه . الثاني : ذا عقل وتمييز ليكون أعظم في الامتنان حيث يميزه من جميع الحيوان . وقال الفراء ومقاتل : في الآية تقديم وتأخير أي فجعلناه سميعاً بصيراً أن نبتليه ، فعلى هذا التقديم في الكلام اختلفوا في ابتلائه على قولين : أحدهما : ما قدمناه من جعله اختباراً أو تكليفاً . الثاني : لنبتليه بالسمع والبصر ، قاله ابن قتيبة . |
﴿ ٢ ﴾