|
٤١ وَ آمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ يعنى القران عطف تفسيرى على أوفوا او تخصيص بعد التعميم فان الايمان هو العمدة في الوفاء بالعهود مُصَدِّقاً اى موافقا في القصص و بعث النبي صلى اللّه عليه و سلم و نعته و في الوعد و الوعيد و الدعوة الى التوحيد- و الايمان بالأنبياء بلا تفريق بينهم و بما جاءوا به من ربهم و الى امتثال الأوامر و الانتهاء عن المناهي- او شاهدا على كونها من اللّه تعالى لِما مَعَكُمْ من الكتب الالهية التورية و غيرها- و في التقييد بكون القران مصدّقا لمّا معهم تنبيه على ان اتباعها يوجب الايمان به و لذلك عرّض بقوله وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ- بل الواجب ان تكونوا أول من أمن به كما ان ورقة بن نوفل لما كان عالما بالتورية صار أول من أمن به- فالمراد به التعريض دون الحقيقة كقولك اما انا فلست بجاهل فلا يقال كيف نهوا عن التقدم في الكفر مع سبق مشركى مكة فيه- او المراد و لا تكونوا أول كافر من اهل الكتاب او أول من كفر بما معه فان الكفر بالقران كفر بما يصدقه- قلت او المراد بالاولية الاولية بالذات «١» يعنى كونهم سببا لكفر غيرهم فان ايمان العلماء و الأحبار و الرؤساء سبب لايمان غيرهم و كفرهم سبب لكفر غيرهم- فلذا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- الا ان شر الشرار شرار العلماء- و ان خير الخيار خيار العلماء رواه الدارمي من حديث الأحوص بن حكيم عن أبيه- (١) لا يخفى ان الاولية بالذات يستلزم التقدم بحسب الزمان او المعية بحسبه فالاشكال بسبق مشركى مكة فيه باق كما كان و يحتاج في بيان سببية كفرهم لكفر غيرهم من التخصيص باتباعهم و هو تطويل للمسافة بلا طائل قلت كفر اهل الكتاب سبب لكفر غيرهم من الأميين حيث يزعمون لو كان الإسلام حقّا لما تركه اهل الكتاب فهو سبب لثبات مشركى مكة على كفرهم- فسبق كفر مشركى مكة بالزمان لا ينافى اولية كفر اهل الكتاب بالذات و كونه سببا لكفرهم يعنى لثباتهم على الكفر و اللّه اعلم- منه رحمه اللّه. و المعنى لا تكونوا سببا لكفر اتباعكم فيكون عليكم اثم الأريسيين و أول كافر خبر من ضمير الجمع بتأويل أول فريق- او بتأويل أول فريق- او بتأويل لا يكن كل واحد منكم أول كافر كقولك كسانا حلة- و أول افعل لا فعل له من لفظه- و قيل أصله أوال من وال على وزن سأل أبدلت همزته واوا من غير قياس او ااول من أول قلبت الهمزة واوا و أدغمت- قال البغوي نزلت الاية في كعب بن اشرف و أصحابه من علماء اليهود وَ لا تَشْتَرُوا اى لا تستبدلوا بِآياتِي اى بالايمان بايات القران اولا تستبدلوا بايات التورية ببيان نعت محمد صلى اللّه عليه و سلم ثَمَناً اى عرضا من الدنيا قَلِيلًا فان اعراض الدنيا و ان جلت فهى قليلة رذيلة بالاضافة الى ما يفوتهم من حظوظا لاخرة و ذلك ان رؤساء اليهود و علماءهم كانت لهم مأكلة يصيبونها من سفلتهم و جهّالهم يأخذون كل عام منهم شيئا معلوما من ذروعهم و ضروعهم و نقودهم فخافوا فواتها ان بينوا صفة محمد صلى اللّه عليه و سلم و اتبعوه- فاختاروا الدنيا على الاخرة و غير و انعته و كتموا اسمه وَ إِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١) بالايمان و اختيار الاخرة على الدنيا- و هذا مثل فايّاى فارهبون- غير ان في الاية السابقة خطاب لعوام بنى إسرائيل و لذا فصلت بالرهبة التي هى مقدمة التقوى و في الثانية خطاب لعلمائهم و لذلك فصلت بالتقوى الذي هو منتهى الأمر-. |
﴿ ٤١ ﴾