|
٤٤ أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ- اى بالطاعة و فيه تقرير مع توبيخ و تعجيب و البرّ التوسع في الخير مشتق من البر و هو الفضاء الواسع يتناول كل خير- قال البغوي نزلت في علماء اليهود و ذلك ان الرجل منهم كان يقول لقريبه و حليفه من المسلمين إذا ساله عن امر محمد صلى اللّه عليه و سلم اثبت على دينه فان امره حق و قوله صدق- و كذا اخرج الواحدي عن ابن عباس- و قيل هو خطاب لاحبارهم حيث أمروا اتباعهم بالتمسك بالتورية و هم خالفوا التورية و غيروا نعت محمد صلى اللّه عليه و سلم فيه- وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ تتركونها من البر كالمنسيات- وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ التورية و فيها نعت محمد صلى اللّه عليه و سلم و صفته و فيها الوعيد على العناد و مخالفة القول العمل و ترك البر أَ فَلا تَعْقِلُونَ (٤٤) قبح صنعكم او أ فلا عقل لكم يمنعكم عما تعلمون قبح عاقبته- و العقل في الأصل الحبس و منه عقال الدابة- فان العقل يمنع الإنسان عما يضره يعنى ما تفعلون مخالف للعلم و العقل- روى البغوي ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال رايت ليلة اسرى بي رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار قلت من هؤلاء يا جبرئيل قال هؤلاء خطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر و ينسون أنفسهم و هم يتلون الكتاب- و روى ايضا عن اسامة بن زيد قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول- يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق اقتابه فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع اهل النار عليه فيقولون اى فلان ما شأنك الست كنت تأمرنا بالمعروف و تنهانا عن المنكر قال كنت أمركم بالمعروف و لا اتيه و أنهاكم عن المنكر و اتية- قال البيضاوي المراد بالآية حث الواعظ على تزكية النفس و تكميله لا منع الفاسق عن الوعظ فان الإخلال بأحد الامرين المأمور بهما لا يوجب الإخلال بالاخر- قلت فمعنى قوله تعالى. كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّه أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ ان معصية العالم اكبر مقتا عند اللّه من معصية الجاهل لا ان امره بالمعروف ممقوت- و اللّه اعلم ثم لمّا أمرهم اللّه تعالى بما شق عليهم من ترك الرياسة و الاعراض عن الدنيا ارشدهم بما يعينهم على ذلك و يكفيهم في إنجاح حوائجهم فقال. |
﴿ ٤٤ ﴾