٤٦ الَّذِينَ يَظُنُّونَ اى يتوقعون لقاء اللّه او يستيقنون به- قال البغوي- الظن من الاضداد يكون شكا و يقينا يعنى مشترك بينهما- او يقال اطلق على اليقين مجازا لما شابهه في الرجحان قلت و في إيراد لفظ الظن هاهنا دون العلم و اليقين اشعار بان من كان غالب ظنه انه ملاقى اللّه و ان اللّه تعالى مجازيه على اعماله فالعقل الصحيح يهوّن عليه الصبر على الطاعة و عن المعصية مخافة الضرر الا ترى ان من كان غالب ظنه ان ماء القدح مسموم فهو يصبر على مشقة العطش و لا يشرب من ذلك الماء و كذا من كان غالب ظنه ان ما في القدح يورث الشفاء و القوة فهو يصبر على مرارته و يشربه- فكيف من كان يؤمن باللّه و بجزائه فانه يستحقر المشقة نظرا الى تحصيل رضائه و عظم جزائه بل يستلذ بامتثال امر المحبوب و توقع لقائه و من ثم قال عليه الصلاة و السلام جعلت قرة عينى في الصلاة- أخرجه الحاكم و النسائي- أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ اى معاينوه يرونه في الاخرة- و الصلاة معراج المؤمن تكون للعبد وسيلة الى رؤية اللّه قال اللّه تعالى وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً و عن ربيعة بن كعب قال كنت أبيت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاتيته بوضوئه و حاجته فقال لى سل فقلت أسئلك مرافقتك في الجنة قال او غير ذلك قال هو ذاك قال فاعنّى على نفسك بكثرة السجود- رواه مسلم و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- اقرب ما يكون العبد الى الرب و هو ساجد- رواه مسلم و قيل المراد باللقاء الصيرورة و الحشر اليه-. وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (٤٦) فيجازيهم بأعمالهم- و ملاحظة الرجوع الى اللّه يهون الصبر عليه و لذلك سن للمصاب قول إِنَّا للّه وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ-. |
﴿ ٤٦ ﴾