١١٤

وَ مَنْ أَظْلَمُ من مبتدأ استفهام و اظلم خبره و المعنى لا أحدا ظلم

مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللّه انما أورد لفظ الجمع و ان كان المنع واقعا على مسجد و أحد لان الحكم عام و ان كان المورد خاصا

أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ثانى مفعولى منع كما في قوله تعالى وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ- او الخافض محذوف اى من ان يذكر او منصوب على العلية اى كراهة ان يذكر

وَ سَعى فِي خَرابِها بالتعطيل عن ذكر اللّه فانهم لما منعوا من يعمّره بالذكر فقد سعوا في خرابه و كذا ذكر البغوي عنه و عن عطاء- و ذكر عن قتادة و السدى ان المراد بمن مَنَعَ مَساجِدَ اللّه ... وَ سَعى فِي خَرابِها طيطوس بن اسبسيانوس الرومي و أصحابه حملهم بغض اليهود على معاونة بخت نصر البابلي المجوس فغزوا اليهود فقتلوا مقاتليهم و سبوا ذراريهم و حرّقوا التورية و خربوا بيت المقدس و ذبحوا فيه الخنازير و القوا فيه الجيف و كان بيت المقدس موضع حج النصارى و محل زيارتهم-

قلت و لعل الغرض من ذلك تعيير النصارى بما فعل اباؤهم و هم به راضون كما ان الغرض من ذكر ما صدر من أسلاف اليهود من عبادة العجل و غير ذلك تعييرهم

أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ فى علم اللّه و قضائه

أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ فيه وعد للمؤمنين بالنصر و استخلاص المساجد منهم و قد أنجز اللّه وعده حين فتح مكة على النبي صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه و امر النبي صلى اللّه عليه و سلم مناديا ينادى الا لا يحجن بعد العام مشرك و فتح الروم على عمر بن الخطاب و كان بيت المقدس خرابا فبناه المسلمون- و قيل هذا خير بمعنى الأمر او النهى اى قاتلوهم حتى لا يدخلها أحد منهم الا خائفا من القتل و السبي او لا تمكنوهم من الدخول في المساجد- و قيل المعنى ما كان ينبغى لهم ان يدخلوها الا بخشية و خضوع فضلا عن تخريبها و حينئذ الجملة في محل النصب على الحال من فاعل منع و سعى-

لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ قتل و سبى و ذلة بضرب الجزية

وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١٤) النار المؤبدة بكفرهم و ظلمهم.

﴿ ١١٤