١٢٤

وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ- قرا هشام إبرهم في جميع هذه السورة و هى خمسة عشر و في النساء ثلثة و هى الاخيرة و في الانعام الحرف الأخير و في التوبة الحرفان الآخران و في ابراهم حرف و في النحل الحرفان و في مريم ثلثة أحرف و في العنكبوت الحرف الأخير و في الشورى حرف و في الذاريات حرف و في النجم حرف و في الحديد حرف و في الممتحنة الحرف الاول- فذلك ثلثة و ثلثون حرفا و جملته تسع و ستون «١»

و قرا ابن ذكوان في البقرة خاصة بالوجهين «٢» و الباقون ابراهيم بالياء في الجميع و الابتلاء في الأصل التكليف بالأمر الشاق من البلاء و هو يستلزم الاختبار فظن ترادفهما

(١) هكذا في الأصل لعله سبق قلم- ابو محمد عفا اللّه عنه

(٢) فى الأصل الوجهين-

و المراد بالكلمات مدلولاتها و هى الأوامر و النواهي قال عكرمة عن ابن عباس هى ثلثون سهما هن شرايع الإسلام لم يبتل أحد بهذا الدين فاقامه كلّه الا ابراهيم فكتب له البراءة فقال وَ إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى-

عشرة في براءة التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ .....

و عشر في الأحزاب ان الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِماتِ وَ الْمُؤْمِنِينَ و....-

و عشر في المؤمنين و سال سائل قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ ..... او ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ف...-

و قال طاؤس ابتلاه اللّه بعشرة أشياء هى الفطرة خمس في الرأس قص الشارب و المضمضة و الاستنشاق و السواك و فرق الرأس و خمس في البدن تقليم الأظفار و نتف الإبط و حلق العانة و الختان و الاستنجاء بالماء- و قال الربيع و قتادة ...

مناسك الحج- و قال الحسن ابتلاه اللّه بسبعة أشياء بالكوكب و القمر و الشمس فاحسن فيها النظر و علم ان ربه دائم لا يزول و بالنار فصبر عليها و بالهجرة و بذبح ابنه و بالختان فصبر عليها- و قال سعيد بن جبير هو قول ابراهيم و إسماعيل إذ يرفعان قواعد البيت

رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا فرفعاه بسبحان اللّه و الحمد للّه و لا اللّه الا اللّه و اللّه اكبر- و قال يمان بن رباب هن محاجة قومه قال اللّه تعالى و حاجّه قومه الى ان قال وَ تِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ-

و قيل هى قوله الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ الى اخر الآيات-

و قيل المراد بالكلمات ما تضمنه الآيات التي بعدها-

قلت و الجمع بين هذه الأقوال اولى فالمراد به و اللّه تعالى اعلم ان اللّه ابتلاه بالأوامر و النواهي كلها منها الثلاثون و منها العشرة و منها السبعة و غير ذلك

فَأَتَمَّهُنَّ اى فاداهن كلهن كملا و قام بهن حق القيام و

قال اللّه تعالى إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً كلمة قال فعل تعلق به الظرف المتقدم اعنى إذ ابتلى معطوفة على ما قبلها- و ان كان الظرف متعلقا بمحذوف يعنى اذكر فهى استيناف كانه قيل فماذا قال ربه حين اتمهن فاجيب بذلك او بيان لقوله ابتلى فيكون الكلمات ما ذكره من الامامة و تطهير البيت و رفع قواعده و الإسلام و جاعل من الجعل الذي له مفعولان و المراد بالامامة هاهنا النبوة او ما هو أعم منه اعنى من يؤتم به و يجب اطاعته- و ليس المراد به السلطنة او الامامة بالمعنى الأخص الذي اخترعه الامامية و ليس له في اللغة و الشرع اصل- و قد جعل اللّه تعالى لابراهيم عليه السلام امامة عامة حتى قال لسيد الأنبياء اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً

قالَ ابراهيم وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي عطف على الكاف اى بعض ذريتى- و الذرية نسل الرجل فعليّة او فعّولة قلبت راءها الثالثة ياء كما في دسّها- مشتق من الذر بمعنى التفرق- او فعولة او فعيلة من الذرء بمعنى الخلق قلبت همزتها ياء

قال اللّه تعالى لا يَنالُ عَهْدِي يعنى الامامة قرا حفص و حمزة بإسكان الياء و الباقون بفتحها وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّه لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا و قال وَ لا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً او كَفُوراً- و لو

قلنا ان المراد بالامامة كونه مطاعا و بالظالم الفاسق

قلنا معنى قوله تعالى

لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ان الفاسق و ان كان أميرا فلا يجوزا طاعته في الظلم و المعصية لقوله عليه السلام لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق- رواه مالك و احمد من حديث عمران و الحكيم بن عمرو الغفاري

و روى البخاري و مسلم و ابو داود و النسائي من حديث علىّ بلفظ لا طاعة لاحد في معصية اللّه انما الطاعة في المعروف «١»- و اما النصوص الواردة في وجوب إطاعة اولى الأمر كقوله تعالى أَطِيعُوا اللّه وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ-

(١)

و اخرج ابن مردوية بسند ضعيف عن على بن ابى طالب عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في قوله تعالى لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قال لا طاعة الا في المعروف-

و قوله عليه الصلاة و السلام اسمعوا و أطيعوا و لو كان عبدا حبشيا كانّ رأسه زبيبة- فمختصة بما لم يخالف أمرهم امر الشارع فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّه وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّه وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فليس في الاية حجة للروافض على كون العصمة شرطا في الامامة و اللّه اعلم-.

﴿ ١٢٤