١٨٩

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ نزلت في معاذ بن جبل و ثعلبة بن غنم الانصاريين قالا يا رسول اللّه ما بال الهلال يبدو دقيقا ثم يزيد حتى يمتلى نورا ثم يعود دقيقا كما بدا لا يكون على حال واحد- كذا ذكر البغوي- و أخرجه ابو نعيم و ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق السدى الصغير عن ابن عباس-

و اخرج ابن ابى حاتم من طريق العوفى عنه قال سال الناس عن الاهلة فنزلت-

و اخرج ابن ابى حاتم عن ابى العالية قال- بلغنا انهم قالوا يا رسول اللّه لم خلقت الاهلة فنزلت

قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِّ- ان كان السؤال عن الحكمة في اختلاف حال القمر و تبدل امره فقد طابق الجواب السؤال حيث امر اللّه سبحانه بان يجيب بان الحكمة الظاهرة في ذلك ان يكون معالم للناس يوقتون بها أمورهم و معالم للعبادات الموقتة كالحج و الصوم و غير ذلك يعرف بها أوقاتها- و ان كان السؤال عن علة تبدل احوال القمر و هو الظاهر فهو جواب على اسلوب الحكيم تنبيها بان اللائق بحال السائل ان يسئل بالفائدة دون العلة إذ لا فائدة في ذلك السّؤال إذ حينئذ يلزمه الاشتغال بما لا يعنيه و هذا يدل على ان الاشتغال بالعلوم الغريبة كالهيئة و النجوم و غير ذلك مما ليس فيه فائدة دينية معتدة بها لا يجوز و المواقيت جمع ميقات اسم فمعز الدولة من الوقت و المراد به ما يعرف به اوقات الحج و الصوم و آجال الديون و انقضاء العدة و غير ذلك-

وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ قرا ابن كثير و ابن عامر و حمزة و الكسائي البيوت «١» و العيون و الشيوخ و ابن عامر و حمزة و الكسائي جيوبهن و حمزة و ابو بكر الغيوب بكسر اوائلهن لمكان الياء و الباقون بالضم على الأصل

(١) البيوت قراء قالون و ابن كثير و ابن عامر ابو بكر و حمزة و الكسائي و خلف و العيون و الشيوخ قراهما ابن كثير و ابن ذكوان و ابو بكر و حمزة و الكسائي جيوبهن قراه ابن كثير و ابن ذكوان و حمزة و الكسائي الغيوب إلخ-

مِنْ ظُهُورِها روى البخاري عن البراء قال كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيوت من ظهورها فانزل اللّه الاية-

و اخرج ابن ابى حاتم و الحاكم و صححه عن جابر قال كانت قريش تدعى الحمس و كانوا يدخلون من الأبواب فى الإحرام و كانت الأنصار و سائر العرب لا يدخلون من باب في الإحرام فبينما رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في بستان إذ خرج من بابه و خرج معه قطبة بن عامر الأنصاري فقالوا يا رسول اللّه ان قطبة رجل فاجر و انه خرج معك من الباب فقال ما حملك على ما فعلت.

قال رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت فقال انى رجل احمسى قال فان دينى دينك فانزل اللّه-

و اخرج ابن جرير عن ابن عباس نحوه-

و اخرج عبد بن حميد عن قيس بن جبير نحوه و لكن فيه رفاعة بن نابوت مكان قطبة بن عامر-

و ذكر البغوي انه دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذات يوم بيتا لبعض الأنصار فدخل رفاعة على اثره من الباب الحديث- و قال الزهري كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة لم يحل بينهم و بين السماء شى ء و كان الرجل يخرج مهلّا بالعمرة فيبدو له الحاجة بعد ما يخرج من بيته فيرجع و لا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف الباب فيفتح الجدار من ورائه ثم يقوم في حجرته فيأمر بحاجته حتى بلغ ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اهل زمن الحديبية بالعمرة فدخل حجرة فدخل رجل على اثره من الأنصار من بنى سلمة الحديث- و وجه العطف و عدم الفصل اما انهم سالوا الامرين معا في حادثة واحدة- او انه لما سالوه عما لا يعنونه و لا يتعلق بعلم النبوة و تركوا السؤال عما يعنونه و يختص بعلم النبوة عقب بذكره كانّه قال اللائق ان يسئلوا أمثال ذلك- و يمكن ان يقال السؤال عن حقائق الممكنات على وجه لا يفيد يشبه دخول البيت من ظهرها فان الخوض في العلوم بمنزلة الدخول في البيت فكما ان الموضوع لاجل الدخول في البيت انما هو الباب ليستمتع بمنافع البيت كذلك الموضوع للخوض و التفكر في الحقائق وجوه منافعها و الاستدلال على صانعها دون افعال النفس فيما لا يجد به من مسائل الهيئة

وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى قد مرّ وجه الحمل و اختلاف القراء فيما سبق

وَ أْتُوا الْبُيُوتَ فى حالة الإحرام مِنْ أَبْوابِها وَ اتَّقُوا اللّه فيما حرم عليكم

لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٩) لكى تفوزوا بالبر اخرج الواحدي عن ابى صالح عن ابن عباس لما صد النبي صلى اللّه عليه و سلم عن البيت عام الحديبية ثم صالحه المشركون على ان يرجع عامه «١» و يأتى القابل- فلما كان العام القابل تجهز هو و أصحابه لعمرة القضاء و خافوا ان لا يفى ء قريش بذلك و ان يصدوهم عن المسجد الحرام و يقاتلوهم و كره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام فانزل اللّه تعالى.

(١) فى الأصل على الا يرجع عامة القابل

﴿ ١٨٩