٢٢٩ الطَّلاقُ الذي يعقب الرجعة بدليل ما سيأتى من ذكر الثالثة و ذكر الإمساك بعد المرتين «١» (١) فى الأصل المرتبتين- مَرَّتانِ روى انه صلى اللّه عليه و سلم سئل اين الثالثة فقال عليه السلام او تشريح بإحسان- أخرجه ابو داود فى ناسخه و سعيد بن منصور فى سننه و ابن مردوية من حديث ابن رزين الأسدي و أخرجه الدارقطني و ابن مردوية من حديث انس قال البغوي روى عروة بن الزبير قال كان الناس فى ابتداء الإسلام يطلقون من غير حصر و لا عدد كان الرجل يطلق امرأته فاذا قاربت انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها كذلك ثم راجعها بقصد مضارتها فنزل الطّلاق مرّتن فاذا طلق ثالثا لم تحل له الا بعد نكاح زوج اخر- و فيما قال مرتان دون ثنتان دلالة على كراهة الطلقتين دفعة واحدة فان كلمة مرتان تدل بالعبارة على التفرق و بالاشارة على العدد و اللام للجنس و ليس وراء الجنس شى ء فكان القياس ان لا يكون الطلقتين المجتمعتين معتبرة شرعا- و إذا لم يكن الطلقتين معتبرة لم يكن الثلاث مجتمعة معتبرة بالطريق الاولى لوجودهما فيها مع زيادة- و قيل المراد بالطلاق التطليق و المعنى ان التطليق الشرعي تطليقة بعد تطليقة على التفريق فى الاطهار دون الجمع و حينئذ لم يرد بالمرتين التثنية بل التكرير كما فى قوله تعالى ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يعنى كرة بعد كرة لكن يشكل حينئذ عطف قوله تعالى فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ و قوله تعالى فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ له من بعد لان قوله تعالى الطلاق على هذا التأويل يشتمل الطلقات الثلاث أيضا و على كلا التأويلين يظهران جمع الطلقتين او ثلاث تطليقات بلفظ واحد او بألفاظ مختلفة فى طهر واحد «٢» حرام بدعة مؤثم خلافا للشافعى فانه يقول لا بأس به- لكنهم أجمعوا على انه من قال لامراته أنت طالق ثلاثا يقع ثلاثا بالإجماع و قالت الامامية ان طلق ثلاثا دفعة واحدة لا يقع أصلا لهذه الاية- و قال بعض الحنابلة- يقع طلقة واحدة لما روى فى الصحيحين ان أبا الصهباء قال لابن عباس- الم تعلم ان الثلاث كانت تجعل واحدة على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ابى بكر و ستين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فقال ان الناس قد استعجلوا فى امر كان لهم اناءة فلو أمضيناه عليهم فامضاه عليهم- و اى تاخرا منه رح (٢) فى الأصل واحدة روى ابن إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس قال طلق ركانة بن عبد زوجته ثا؟؟ فى مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا فساله رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كيف طلقها قال طلقتها ثلاثا فى مجلس واحد قال انما تلك طلقة واحدة فارتجعها- و نقل عن طاؤس و عكرمة انهم قالوا من طلق ثلاثا فقد خالف السنة فيردّ الى السنة و به قال ابن إسحاق و من الناس من قال ان فى قوله أنت طالق ثلاثا يقع فى المدخول بها ثلثا و فى غير المدخول بها واحدة لما روى مسلم و ابو داود و النسائي ان أبا الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس فقال اما علمت ان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا جعلوها واحدة قال ابن عباس- بل كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل ان يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ابى بكر و صدرا من خلافة عمر فلما راى الناس قد تتابعوا فيها قال اجتزوهن عليهم- و الحجة للشافعى على جواز الطلقات بكلمة واحدة و وقوعهن من غير اثم ما فى الصحيحين من حديث سهل بن اسعد ان عويمر العجلى لا عن امرأته فلما فرغا قال عويمر كذبت عليها يا رسول اللّه ان أمسكتها فطلقها ثلاثا- و فى لفظ فهى طالق ثلاثا و لم ينكر عليه صلى اللّه عليه و سلم- و فى بعض روايات فاطمة بنت قيس طلقنى زوجى ثلاثا قلم يجعل لى النبي صلى اللّه عليه و سلم نفقة و لا سكنى- و طلق عبد الرحمن بن عوف تماظر فى مرضه و طلق الحسن بن على امرأته شهباء ثلاثا لما هنّته بالخلافة بعد موت على عليهما السلام فههنا مقامان أحدهما ان فى صورة الإيقاع ثلاثا تقع ثلاثا- و ثانيهما انه يأثم به- و الحجة لنا السنة و الإجماع- اما السنة فحديث ابن عمر انه طلق امرأته و هى حائض ثم أراد ان يتبعها بطلقتين أخريين عند القرائن فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال يا ابن عمر ما هكذا أمرك اللّه قد اخطأت السنة السنة ان تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء فامرنى فراجعتها فقال إذا هى طهرت فطلق عند ذلك او امسك فقلت يا رسول اللّه ارايت لو طلقتها ثلاثا أ كان يحل لى ان أراجعها قال لا كانت تبين منك و كانت معصية- رواه الدارقطني و ابن ابى شيبة فى مصنفه عن الحسن قال حدثنا ابن عمر قد صرح بسماعه عنه- و أعله البيهقي بعطاء الخراسانى قال اتى بزيادات لم يتابع عليها و هو ضعيف لا يقبل ما تفرد به- قال ابن همام تعليل البيهقي مردود حيث تابعه شعيب بن رزيق سندا و متنا- رواه الطبراني- و ما ذكر عليه السلام من حديث ابن عباس فيه دلالة على ان الحديث منسوخ فان إمضاء عمر الثلاث بمحضر من الصحابة و تقرر الأمر على ذلك يدل على ثبوت الناسخ عندهم و ان كان قد خفى ذلك قبله فى خلافة ابى بكر- و قد صح فتوى ابن عباس على خلاف ما رواه روى ابو داود عن مجاهد قال كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال انه طلق امرأته ثلاثا فسكت حتى ظننت انه رادها اليه ثم قال يطلق أحدكم فيركب الحموقة ثم يقول يا ابن عباس- و ان اللّه عز و جل قال وَ مَنْ يَتَّقِ اللّه يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً عصيت ربك و بانت منك امرأتك و روى الطحاوي بلفظ ان رجلا طلق امرأته مائة قال ابن عباس عصيت ربك و بانت منك امرأتك لم تتق اللّه فيجعل لك مخرجا الحديث- و فى مؤطا مالك بلغه ان رجلا قال لابن عباس انى طلقت امراتى مائة تطليقة فما ذا ترى فقال ابن عباس طلقت منك ثلاثا و سبع و تسعون اتخذت بها آيات اللّه هزوا- و على وقوع الطلقات الثلاث انعقد الإجماع و روى عن فقهاء الصحابة فى المؤطا بلغه ان رجلا جاء الى ابن مسعود فقال انى طلقت امراتى ثمانى تطليقات فقال ما قيل لك فقال قيل لى بانت منك قال صدقوا هو مثل ما يقولون- و ظاهره الإجماع على هذا الجواب و أسند عبد الرزاق عن علقمة قال جاء رجل الى ابن مسعود فقال انى طلقت امراتى تسعا و تسعين فقال له ابن مسعود ثلاث تبينها و سائرهن عدوان- و فى سنن ابى داود و موطا مالك عن محمد بن إياس بن البكير قال طلق رجل امرأته ثلاثا قبل ان يدخل بها ثم بدا له ان ينكحها فجاء يستفتى فذهبت معه فسال ابن عباس و أبا هريرة عن ذلك معا فقالا لا نرى ان تنكحها حتى تنكح زوجا غيرك قال فانما طلاقى إياها واحدة فقال ابن عباس انك أرسلت بين يديك ما كان لك من فضل- و فى مؤطا مالك مثله عن ابن عمرو روى وكيع عن الأعمش عن حبيب بن ثابت قال جاء رجل الى على بن ابى طالب فقال انى طلقت امراتى الفا فقال بانت منك بثلث و اقسم سائرهن على نسائك- و روى وكيع عن معاوية بن ابى يحيى قال جاء رجل الى عثمان بن عفان فقال طلقت امراتى الفا فقال بانت منك بثلاث و أسند عبد الرزاق عن عبادة بن الصامت ان أباه طلق امراة له الف تطليقة فانطلق عبادة فسال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بانت بثلاث فى معصية اللّه و بقي تسعمائة و سبع و تسعون عدوان و ظلم ان شاء عذبه و ان شاء غفر له- و روى الطحاوي عن انس قال لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره- و كان عمر بن الخطاب إذا اتى برجل طلق امرأته ثلاثا أوجع ظهره- و روى ايضا عن انس عن عمر فيمن طلق البكر ثلاثا انه لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره- و ما ذكر الخصم من حديث ابن عباس يمكن تأويله بان قول الرجل أنت طالق أنت طالق أنت طالق كان واحدة فى الزمن الاول لقصدهم التأكيد فى ذلك الزمان- ثم صاروا يقصدون التجديد فالزمهم ثلثا لما علم قصدهم او للاحتياط- و اما حديث ركانة فمنكر و الأصح ما رواه ابو داود و الترمذي و ابن ماجة ان ركانة طلق زوجته البتة فجعله رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انه ما أراد الا واحدة فردها اليه فطلقها الثانية فى زمن عمر و الثالثة فى زمن عثمان- قال ابو داود- هذا أصح و بما ذكرنا من الأحاديث و الآثار كما يثبت وقوع الطلقات الثلاث دفعة واحدة يثبت انه بدعة معصية و ما ذكره الشافعي من تطليق عويمر ثلثا بعد التلاعن فهو استدلال بعدم إنكاره صلى اللّه عليه و سلم فهو شهادة على النفي لا عبرة بعد ما ثبت عنه صلى اللّه عليه و سلم الإنكار فى قصة اخرى و لعله صلى اللّه عليه و سلم أنكر و لم يذكره الراوي- او لم ينكر لانها بعد التلاعن لم تبق محلا لطلاق- و رواية حديث فاطمة بنت قيس بلفظ الثلاث غير صحيح و الصحيح انه طلقها البتة و ايضا حين طلقها كان زوجها غائبا عنها فى سرية و لم يكن بمحضر من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى يظهر تقريره و انما ثبت تقريره فى وقوع الثلاث- و ايضا حديث فاطمة بنت قيس رده عمر و قال- لا ندرى صدقت أم كذبت حفظت أم نسيت- و اثر عبد الرحمن بن عوف و حسن رضى اللّه عنهما ليس بحجة فى مقابلة المرفوع (مسئلة)- الطلاق ثلاثا مجتمعا بدعي حرام و بالتفريق على الإظهار مباح جائز بهذه الاية الى قوله تعالى فَإِنْ طَلَّقَها الاية و الأحسن من ذلك كله إذا اضطر الرجل الى طلاق امرأته ان يطلقها واحدة ثم ان لم يرد المراجعة يتركها حتى تنقضى عدتها- لان الطلاق ابغض المباحات عند اللّه و الحاجة اندفعت بالواحدة قال اللّه تعالى فى ذم السحر فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ- و عن جابر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه يفتنون الناس فادناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجى ء أحدهم فيقول فعلت كذا و كذا فيقول ما صنعت شيئا ثم يجى ء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه و بين امرأته فيدنيه و يقول نعم أنت- قال الأعمش أراه قال فيلتزمه- رواه مسلم و عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال ابغض الحلال الى اللّه الطلاق- رواه ابو داود- (مسئلة)- الطلاق فى الحيض يقع طلاقا اجماعا خلافا للامامية قالوا لا يقع أصلا- و عندنا يقع لكنه حرام اجماعا يجب الرجعة بعده و ما مر من حديث ابن عمر يدل على الوقوع و الحرمة و وجوب الرجعة- و اختلفوا فى انه ان أراد طلاقها ثانيا بعد الرجعة على وجه السنة متى يفعل- فقال ابو حنيفة إذا طهرت من تلك الحيضة ثم حاضت ثم طهرت فحينئذ يطلقها- كذا ذكر محمد فى المبسوط و لم يذكر خلافا عنه و لا عن صاحبيه و به قال مالك و احمد و هو المشهور من مذهب الشافعي و هو المستفاد من حديث ابن عمر المذكور الذي فى الصحيحين حيث قال مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فان بدا له ان يطلقها فليطلقها قبل ان يمسها فتلك العدة كما امر اللّه عز و جل- و فى رواية حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيه- و ذكر الطحاوي قول ابى حنيفة انه يطلقها فى الطهر الذي يلى الحيضة التي طلقها اولا فيها و هو أحد قولى الشافعي و قال الطحاوي الاول قول ابى يوسف- و الحجة للقول الثاني رواية سالم فى حديث ابن عمر المذكور- مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا او حاملا- رواه مسلم و اصحاب السنن- و الاولى اولى لانها أقوى صحة و اكثر تفسيرا و فيها زيادة و الاخذ بالزيادة اولى- قال ابن همام قوله عليه السلام يمسكها حتى تطهر يدل على ان استحباب الرجعة او وجوبها مقيد بتلك الحيضة التي طلقها فيها فان لم يراجع فيها حتى طهرت تقررت المعصية- فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ- بالمراجعة و حسن المعاشرة- هذا يعنى الإمساك بعد الطلقتين ثابت اجماعا إذا كان الزوجان حرين- و اما إذا كانا رقيقين فلا رجعة بعد الثنتين اجماعا- و ان كانت امة تحت حرا و حرة تحت عبد فاختلفوا فيه- فقال مالك و الشافعي و احمد ان كان الزوج حرا فطلاقه ثلاث و ان كانت تحته امة- و ان كان عبدا فثنتان و ان كانت الزوجة حرة- و هو قول عمر و عثمان و زيد بن ثابت- و قال ابو حنيفة بعكس ذلك يعتبر الطلاق بالنساء و هو قول على و ابن مسعود- قال ابن الجوزي قد رويت الأحاديث فى الطرفين و كلها ضعاف- روى ابن الجوزي عن عائشة قالت قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم طلاق العبد ثنتان و قرء الامة حيضتان- و روى ابو داود و الترمذي و ابن ماجة و الدارمي و الدارقطني عنها قالت قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم طلاق الامة تطليقتان وعدتها حيضتان- قال ابن الجوزي فى سند كلا الحديثين مظاهر بن اسلم قال يحيى بن سعيد مظاهر ليس بشى ء و قال ابو حاتم هو منكر الحديث و قال ابن همام وثقه ابن حبان و قال الحاكم مظاهر شيخ من اهل البصرة لم يذكر أحد من متقدمى مشائخنا فيه بجرح- و قال ابن الجوزي- قد روى بعض من قال الطلاق بالرجال عن ابن عباس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انه قال الطلاق بالرجال و العدة بالنساء و انما هو من كلام ابن عباس- و روى ابن الجوزي من طريق الدارقطني عن ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم طلاق الامة ثنتان وعدتها حيضتان- قال ابن الجوزي هذان حديثان لا يثبتان اما الاول ففيه سليم بن سالم كان ابن المبارك يكذبه و قال يحيى ليس حديثه بشى ء و قال السعدي ليس بثقة- و اما الثاني فقال الدارقطني تفرد به عمرو بن شبيب مرفوعا و كان ضعيفا قال يحيى بن معين عمرو بن شبيب ليس بشى ء و قال ابو زرعة واهي الحديث- و الصحيح انه من قول ابن عمر و يمكن ترجيح مذهب ابى حنيفة بانا قد أثبتنا من قبل ان الطلاق لا بد فيه من التفريق على الاطهار فعدد الطلقات لا يتصور الا على عدد الاطهار و قد اجمعوا ان عدة الامة حيضتان فثبت ان طلاق الامة ايضا طلقتان و اللّه اعلم و هاهنا إشكال على مذهب ابى حنيفة ان العام على اصل ابى حنيفة قطعى الشمول لافراده لا يجوز تخصيص العام من الكتاب بخبر الآحاد او القياس كما لا يجوز نسخه بهما و قوله تعالى وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ- و قوله تعالى الطَّلاقُ مَرَّتانِ كل منهما عام يشتمل الحرائر و الإماء فتخصيصهما بقوله - طلاق الامة ثنتان وعدتها حيضتان و هو من حديث الآحاد لا يصح لا يقال العام القطعي إذا خص منه اولا بقطعى يصير فى الباقي ظنيا فحينئذ يجوز تخصيصه بخبر الآحاد و القياس و قوله تعالى وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ خص اولا بالآيات من قوله تعالى وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ الاية و قوله تعالى وَ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ الاية فجاز تخصيصه بحديث الآحاد لانا نقول المخصص لا يكون الا متصلا و ما كان متراخيا فهو ناسخ و ليس بمخصص و ما تلوتم من الآيات ليس شيئا منها متصلا بهذه الاية بل متراخ فهو ناسخ و نسخ الحكم عن بعض افراد العام لا يجعل العام فى الباقي ظنيا بل هو قطعى فى الباقي كما كان من قبل- و التفصى عن هذا الاشكال بان يقال لما ثبت اجماع الامة على ان اية العدة و اية الطلاق مخصوصتان بالاحرار يظهر بذلك ان الأوائل من اهل الإجماع و هم الصحابة قد سمعوا قولا من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قاطعا فى حقهم خصوا بذلك القول تلك الآيات و ان لم يصل ذلك القول إلينا بالتواتر و لو لم يسمعوا فى ذلك من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لم يجترؤا على تخصيص الاية القطعية و الا يلزم اجتماعهم على الضلالة ثم الاتباع سلكوا مسلكهم للمنع عن ابتغاء سبيل غير سبيلهم- فان قيل ليس الإجماع على ان الطلاق معتبر بالرجال او النساء فكيف يجرى هذا الجواب هناك قلنا ثبت بالإجماع ان قوله تعالى الطَّلاقُ مَرَّتانِ ليس على عمومه و ذلك الخلاف لا يضر و اللّه اعلم او تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ قيل المراد به الطلقة الثالثة قلت و ذلك غير سديد لانه معطوف على قوله فامساك بمعروف يعنى فالواجب أحد الامرين إمساك بمعروف او طلقه ثالثة و ليس كذلك بل يجوز له ان لا يمسك و لا يطلق و يترك حتى تنقضى عدتها- و قيل التسريح بإحسان هو ان لا يراجعها حتى تبين بالعدة و يرد على هذا القول مثل ما يرد على الاول- ذكر القولين البغوي و غيره- و الاولى ان يفسر قوله او تسريح بإحسان بان يبينها مطلقا اما بطلاق ثالث او بانقضاء العدة و المعنى فالواجب ان يمسكها بمعروف او يبينها بإحسان سواء طلق ثالثا اولا و الغرض منه تحريم الإمساك بالإضرار بغير معروف و على هذا فقوله تعالى فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ تفصيل لاحد احتماليه- و لو كان المراد بالتسريح الطلقة الاخرى لكان ذلك طلقة رابعة- فان قيل روى انه صلى اللّه عليه و سلم سئل عن قوله تعالى الطَّلاقُ مَرَّتانِ فاين الثالثة يا رسول اللّه قال او تسريح بإحسان- رواه ابو داود فى ناسخه و سعيد بن منصور فى سننه و ابن مردويه من حديث ابى رزين الأسدي مرسلا و أخرجه الدارقطني من حماد بن سلمة عن قتادة عن انس متصلا و صححه ابن القطان و قال البيهقي ليس بشى ء- و رواه ايضا الدارقطني و البيهقي من حديث عبد الواحد بن زياد عن إسماعيل عن انس و قالا جميعا الصواب عن إسماعيل عن ابى رزين عن النبي صلى اللّه عليه و سلم مرسلا- قال البيهقي كذا رواه الجماعة عن الثقات و قال ابن القطان المسند ايضا صحيح قلنا قوله عليه السلام فى جواب اين الثالثة او تسريح بإحسان- معناه انه أحد احتماليه و اللّه اعلم روى ابو داود فى الناسخ و المنسوخ عن ابن عباس قال كان الرجل يأكل من مال امرأته الذي نحلها و غيره لا يرى عليه جناحا فانزل اللّه تعالى وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً اى من المهر خطاب مع الأزواج و قيل خطاب مع الحكام و اسناد الاخذ و الإيتاء إليهم لانهم آمرون بهما عند الترافع و هذا بعيد إِلَّا أَنْ يَخافا قرا الستة من القراء على البناء للفاعل اى يعلم الزوجان من أنفسهما أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللّه تخاف «١» المرأة ان تعص اللّه فى امر زوجها- و يخاف الزوج اضاعة حقوقها او انه إذا لم يطلق امرأته ان تعتدى عليه- و فى الكلام التفات من الخطاب (١) فى الأصل يخاف الى الغيبة و قرا ابو جعفر و حمزة و يعقوب يخافا على البناء للمفعول اى يخاف الحكام الزوجين و حينئذ ان مع صلته بدل اشتمال من ضمير يخافا فَإِنْ خِفْتُمْ ايها الحكام أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللّه فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ اى افتدت المرأة نفسها به- قال الفراء أراد بقوله عليهما الزوج فقط دون الزوجة و انما ذكرهما جميعا لاقترانهما كقوله تعالى نَسِيا حُوتَهُما و انما الناسي فتى موسى دون موسى- قلت و الظاهر انه كما كان الجناح على الزوج فى أخذ المال بدليل قوله تعالى- و لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً- الاية و قوله تعالى وَ إِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَ آتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَ تَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً كذلك كان الجناح على الزوجة فى اعطائها المال على طلب الطلاق فان طلب الطلاق معصية لقوله صلى اللّه عليه و سلم أيما امراة سالت زوجها الطلاق فى غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة- رواه احمد و الترمذي و ابو داود و ابن ماجة و الدارمي من حديث ثوبان و إعطاء المال على المعصية حرام بل الإنسان ممنوع من إتلاف المال بغير حق يعنى بغير فائدة دينية او دنيوية و هذا هو المحمل لقوله عليه السلام المختلعات هن المنافقات- رواه الترمذي فاذا خيف منهما عدم اقامة حدود اللّه و ارتكاب المعصية جاز لهما الاخذ و الإعطاء هذا على تقدير خوف النشوز من الجانبين- اما إذا كان النشوز من جانب الزوج فقط فلا يحل له الاخذ قال صاحب الهداية يكره يعنى تحريما و الحق انه يحرم لما تلونا و لعدم دليل الإباحة و لانه أخذ مال المسلم بغير حق و إمساكها لا لرغبة إضرار او تضيقا ليقتطع مالها- و ان كان النشوز من جانبها يحرم عليها و عصت هى لا هو لما ذكرنا- و ان لم يكن النشوز من جانب و لا يخافان ان لا يقيما حدود اللّه فلا يحل أخذ المال للزوج و لا طلب الطلاق و بذل المال للزوجة لكن يقع الخلع و يجب المال للزوج على الزوجة فى جميع الصور قضاء اجماعا خلافا للظاهرية لنا ان الخلع سواء كان طلاقا او فسخا فهو امر شرعى و الناهي عن الأمور الشرعية يدل على الانعقاد و النفاذ حتى يتصور الابتلاء- و ذهب المزني الى ان الخلع غير مشروع أصلا و هذه الاية منسوخة بقوله تعالى وَ إِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ لاية و الجواب انه ليس فى تلك الاية ذكر الاخذ و الإعطاء بمعاوضة ملك النكاح برضاء الزوجين فلا تعارض و لا نسخ بدون التعارض و اللّه اعلم و اختلفوا فى ان الخلع هل هو طلاق او فسخ- فقال ابو حنيفة و مالك و هو المشهور من قولى الشافعي انه طلاق و هو رواية عن احمد- و قال احمد و هو رواية عن الشافعي انه فسخ و ليس بطلاق فمن قال انه فسخ لا ينقص عنده منه عدد الطلاق و لا يلحقه طلاق اخر و لا يرث أحدهما من الاخر فى العدة و بهذه الاية استدل كلا الفريقين وجه استدلال القائلين بانه فسخ ان اللّه سبحانه ذكر الطلقتين فى أول الاية ثم ذكر الخلع ثم ذكر الطلاق الثالث بقوله فان طلّقها فلا تحلّ له فلو كان الخلع طلاقا لزم كون عدد الطلاق أربعا و هذا الاستدلال مروى عن ابن عباس روى ابن الجوزي بسنده عن طاؤس قال سمعت ابراهيم بن سعيد يسئل ابن عباس عن رجل طلّق امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه فقال ينكحها ان شاء انما ذكر الطلاق فى أول الاية و آخرها و الخلع فيما بين ذلك- و رواه عبد الرزاق و روى الدارقطني عن ابن عباس الخلع فرقة و قالوا روى نافع مولى ابن عمر انه سمع ربيع بنت معوذ بن عفراء تخبر ابن عمر انها اختلعت من زوجها على عهد عثمان بن عفان فجاء عمها الى عثمان فقال ان ابنة معوذ اختلعت من زوجها اليوم أ فتنتقل فقال عثمان لتنتقل و لا ميراث بينهما و لا عدة عليها الا انها لا تنكح حتى تحيض حيضة خشية ان يكون بها حبل- فقال ابن عمر عثمان خيرنا و أعلمنا- و وجه استدلالنا ان اللّه تعالى ذكر الطلاق المعقب للرجعة مرتين ثم ذكر افتداء المرأة و فى تخصيص اسناد الافتداء الى المرأة مع اقتضاء سوق الكلام الى اسناد الفعل إليهما و عدم وقوع الفرقة الا بفعل من الزوج دليل واضح على تقرير فعل الزوج على ما سبق و هو الطلاق فقد بين الطلاق بنوعيه بغير مال و بمال ثم قال فان طلّقها فلا تحلّ له- و الفاء لفظ خاص للتعقيب و قد عقب الطلاق الافتداء فان لم يقع الطلاق بعد الخلع تبطل موجب الفاء و القول بانه متصل باول الكلام و قوله تعالى وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ الى قوله الظَّالِمُونَ معترض تحكّم و إخلال بنظم الكلام بلا دليل- و ما قال الشافعي ان اللّه سبحانه ذكر الطلاق فى أول الاية و آخرها و ذكر الخلع فيما بين ذلك ليس بشى ء فانه لم يذكر الخلع و الفسخ فى الكلام أصلا انما ذكر افتداء المرأة و سكت عن فعل الزوج فليس فعله الا ما ذكر من الطلاق فظهر ان الطلاق المذكور سابقا ان لم يكن بمال فهو رجعى و ان كان بمال فهو بائن حتى يتحقق الافتداء و لا يجتمع البدل و المبدل منه فى ملك الزوج سواء كان ذلك بلفظ الطلاق او بلفظ الخلع او غيرهما مما يؤدى معناه و تسميته خلعا اصطلاح لم يثبت من القران و اللّه اعلم- و يدل على كون الخلع طلاقا سبب نزول هذه الاية و هو ان جميلة بنت عبد اللّه بن أبيّ امراة ثابت بن قيس ( و اخرج الدارقطني ان اسمها زينب قال ابن حجر لعل لها اسمين و وقع فى حديث آخر أن اسمها حبيبة بنت سهل قال ابن حجر و الذي ظهر انهما قضيتين وقعتا له فى امرأتين لشهرة الحديثين و صحة الطريقين و اختلاف السياقين) أتت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فشكت اليه زوجها وارته اثارا من ضربه و قالت يا رسول اللّه لا انا و لا هو فارسل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى ثابت فقال مالك و لا هلك فقال و الذي بعثك بالحق ما على وجه الأرض أحب الىّ منها غيرك قال لها ما تقولين فقالت يا رسول اللّه ما كنت أحدثك حديثا ينزل عليك خلافه هو من أكرم الناس حنة لزوجته و لكن أبغضه فلا انا و لا هو- و روى البخاري فى صحيحه عن ابن عباس ان امراة ثابت بن قيس أتت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقالت يا رسول اللّه ثابت بن قيس ما اعيب عليه فى خلق و لا دين و لكنى اكره الكفر فى الإسلام قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أ تردين حديقته قالت نعم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اقبل الحديقة و طلقها تطليقة- و اخرج البيهقي من وجه اخر عن ابن عباس- ان جميلة أتت النبي صلى اللّه عليه و سلم تريد الخلع فقال لها ما أصدقك قالت حديقة قال روى عليه حديقته- و اخرج ابن جرير عن ابن عباس قال- أول خلع كان فى الإسلام- امراة ثابت بن قيس أتت النبي صلى اللّه عليه و سلم فقالت يا رسول اللّه لا يجتمع رأسى و رأس ثابت انى رفعت الخباء فرايته اقبل فى عدة فاذا هو أشدهم سوادا و أقصرهم قامة و أقبحهم وجها- فقال أ تردين حديقته قالت «١» نعم و ان شاء زدته ففرق بينهما و اخرج ابو داود و ابن حبان و البيهقي عن حبيبة بنت سهل انها كانت عند ثابت بن قيس فاتت النبي صلى اللّه عليه و سلم فقالت لا انا و لا ثابت الحديث- (١) فى الأصل قال- و اخرج ابن جرير عن ابن جريح قال- نزلت هذه الاية فى ثابت بن قيس و فى حبيبة و كانت اشتكت الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال تردين عليه حديقته قالت نعم فدعاه يذكر ذلك قال و يطيب لى قال نعم قال قد فعلت فنزلت هذه الاية- فهذه القصة تدل على ان الخلع طلاق كما فى الصحيح انه صلى اللّه عليه و سلم قال اقبل الحديقة و طلقها تطليقة- فان قيل عمل الراوي على خلاف مروية ينزل على اصل ابى حنيفة منزلة الناسخ و ما فى البخاري هو من رواية ابن عباس و قد ذكر قول ابن عباس فيما سبق ان الخلع فرقة قلنا لعل ابن عباس زعم ان ثابتا طلق امرأته امتثالا لامر النبي صلى اللّه عليه و سلم و صار هذا طلاقا على مال و ليس بخلع ثم افتى بتأويل الاية ان الخلع فسخ فليس عمله على خلاف روايته على زعمه و حين قال ابن عباس كان هذا أول خلع فى الإسلام يحمل قوله على المجاز و لا يلزم علينا اتباع زعم ابن عباس- و مما يدل على كون الخلع طلاقا ما روى عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب ان النبي صلى اللّه عليه و سلم جعل الخلع تطليقة و هذا مرسل صحيح و المرسل عندنا حجة و قد حكم الشافعي بان مراسيل سعيد بن المسيب لها حكم الوصل قال فانى وجدتها مسانيد- و قد روى كون الخلع طلاقا عن ابن مسعود قال لا يكون طلقة بائنة الا فى فدية او إيلاء- رواه ابن ابى شيبة و كذا روى عن على ايضا- و روى عن أم بكرة انها اختلعت من زوجها فارتفعها الى عثمان فى ذلك فقال هى طلقة بائنة الا ان يكونا سميا شيئا فهو على ما سميت- رواه مالك و ما قيل ان من رواة هذا الأثر جمها؟؟ ن لا يعرف قال ابن همام هو ابو العلى مولى الأسلميين و يقال مولى يعقوب القبطي تابعي روى عن سعد بن ابى وقاص و عثمان بن عفان و ابى هريرة و أم بكرة و روى عنه عروة بن الزبير و موسى بن عبيدة الزبيدي و غيرهما ذكره ابن حبان فى الثقات- (مسئلة) اجمعوا على ان الخلع على الأكثر من الصداق صحيح بناء على عموم الاية لكن يكره عند ابى حنيفة و احمد و قال أكثرهم لا يكره و هو رواية جامع الصغير عن ابى حنيفة- و قد سبق الخلاف فى هذه المسألة بين الصحابة وجه الكراهة ما رواه ابو داود فى مراسيله و ابن ابى شيبة و عبد الرزاق فى قصة امراة ثابت بن قيس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لها أ تردين عليه حديقته التي أصدقك قالت نعم و زيادة قال اما الزيادة فلا و أخرجه الدارقطني كذلك و قال قد أسنده الوليد عن ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس و المرسل أصح و اخرج ابن الجوزي من طريق الدارقطني عن ابى الزبير ان ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده زينب بنت عبد اللّه بن أبيّ ابن «١» سلول و كان أصدقها حديقة فكرهته فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم أ تردين عليه حديقته التي اعطاك قالت نعم و زيادة فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم اما الزيادة فلا و لكن حديقته قالت نعم فاخذها له فخلى سبيلها فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس قال قد قبلت قضاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- (١) فى الأصل بنت عبد اللّه ابن ابى سلول قال ابن الجوزي اسناده صحيح و قال الدارقطني سمعه ابو الزبير من غير واحد و اخرج الدارقطني بسنده عن عطاء ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال لا يأخذ الرجل من المختلعة اكثر مما أعطاها- و روى ابن ماجة عن ابن عباس ان جميلة بنت سلول أتت النبي صلى اللّه عليه و سلم الحديث و فيه فامره ان يأخذ حديقته و لا يزداد- فلا شك فى ثبوت هذه الزيادة بمرسل صحيح اعتضد بمسند و مرسل- و فى الباب اثر على لا يأخذ منها فوق ما أعطاها- رواه عبد الرزاق و وكيع نحوه- و ما روى عبد الرزاق عن الربيع بنت معوذ انها اختلعت من زوجها بكل شى ء تملكه فخوصم فى ذلك الى عثمان فاجازه و امره ان يأخذ عقاص رأسها فما دونها- و ما روى عن نافع ان عمر جاءته مولاة لامراته اختلعت من كل شى ء لها و كل ثوب حتى نقبتها فلا ينافى هذان الاثران القول بالكراهة لانهما يدلان على النفاذ قضاء و لم ينكره أحد- و وجه عدم الكراهة هذه الاية حيث قال اللّه تعالى فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ فان كلمة ما عام يشتمل القليل و الكثير و شرط قبول الأحاديث من الآحاد أن لا يعارض الكتاب القطعي و قد عارضت- قلت و هذا مبنى على اصل ابى حنيفة ان العام قطعى الدلالة فى الشمول لا يجوز تخصيصه بخبر الآحاد و لو قلنا بجواز التخصيص بخبر الآحاد لقلنا ان حكم الاية مخصوص بمقدار الصداق و ما دون ذلك بتلك الأحاديث و اللّه اعلم- و قد روى ما يدل على عدم الكراهة حديث ابى سعيد الخدري قال كانت أختي تحت رجل من الأنصار تزوجها على حديقة الحديث و فيه قال عليه السلام تردين عليه حديقته و يطلقك قالت نعم و أزيده قال روى عليه حديقته و زيديه رواه ابن الجوزي لكن هذا الحديث لا يصح فيه عطية العوفى قال ابن حبان لا يحل كتب حديثه- و فيه الحسن بن عمارة قال شعبة هو كذاب تِلْكَ اشارة الى او امر اللّه و نواهيه حُدُودَ اللّه يعنى ما منع عن المجاوزة عنه فَلا تَعْتَدُوها فلا تجاوزوها وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّه فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. (٢٢٨) |
﴿ ٢٢٩ ﴾