٢٧٣ لِلْفُقَراءِ الظرف اما لغو متعلق بقوله ما تُنْفِقُوا يعنى ما تنفقوا من خير للفقراء فهو لانفسكم يؤف إليكم او هو متعلق بفعل محذوف دل عليه ما سبق يعنى اعمدوا للفقراء او اجعلوا ما تنفقونه للفقراء- او هو ظرف مستقر خبر مبتدأ مقدر قبله يعنى صدقاتكم للفقراء او مقدر بعده يعنى للفقراء الذين أحصروا حق عليكم الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللّه فى تحصيل العلوم الظاهرة و الباطنة و الجهاد لا يَسْتَطِيعُونَ لاشتغالهم بالعلم و الجهاد ضَرْباً ذهابا فِي الْأَرْضِ للكسب و التجارة يَحْسَبُهُمُ قرا ابو جعفر و ابن عامر و عاصم و حمزة بفتح السين في المضارع على وزن يسمع و قرا الآخرون بالكسر و هو شاذ في غير المثال الْجاهِلُ بحالهم أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ اى من أجل تعففهم من السؤال- و التعفف تفعل من العفة و هو ترك السؤال تكلفا لقناعتهم تَعْرِفُهُمْ يعنى تعرف ايها النبي حاجتهم و فقرهم بِسِيماهُمْ لا بقولهم و السيماء العلامة التي يعرف بها الشي ء- يعنى بصفرة ألوانهم من الجوع و الضرّ و رثاثة ثيابهم لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً إلحاحا و هو ان يلازم المسئول منه حتى يعطيه- و المعنى انهم لا يسئلون غالبا و لاجل هذا يحسبهم الجاهل بحالهم اغنياء و تعرف حاجتهم بسيماهم و ان سالوا عن ضرورة أحيانا لم يلحفوا و قيل هو نفى لمطلق السؤال يعنى لا يسئلون أصلا «١» فيقع فيه الالحاف- منصوب على المصدر فانه كنوع من السؤال- او على الحال اى ملحفين- اخرج ابن المنذر عن ابن عباس هم اهل الصّفة كانوا نحوا من اربعمائة رجل من فقراء المهاجرين لم يكن لهم مساكن في المدينة و لا عشائر يسكنون صفة المسجد يستغرقون أوقاتهم بالتعلم و العبادة و كانوا يخرجون في كل سرية يبعثها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- فحث اللّه تعالى عليهم الناس فكان من عنده فضل أتاهم به إذا امسى- عن عطاء بن يسهار عن رجل من بنى اسد قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من سال منكم و له وقية او عدلها فقد سال إلحافا- رواه مالك و ابو داود و النسائي و عن الزبير بن العوام قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لان يأخذ أحدكم حبله فيأتى بحزمة حطب على ظهره فيكف اللّه بها وجهه خير له من ان يسئل الناس أعطوه او منعوه- رواه البخاري- و عن ابن عمر ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال و هو على المنبر و هو يذكر الصدقة و التعفف عن المسألة اليد العليا خير من اليد السفلى- متفق عليه و عن ابن مسعود قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من سال الناس و له ما يغنيه جاء يوم القيامة و مسئلته في وجهه خموش «٢» او خدوش او كدوح- قيل يا رسول اللّه و ما يغنيه قال خمسون درهما او قيمتها من الذهب- رواه ابو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و الدارمي و عن سهل بن حنظلة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من سال و عنده (١) اخرج احمد عن ابن ابى مليكة قال- ربما سقط الحطام من يد ابى بكر الصديق فضرب بذراع ناقته فينحها فيأخذه فقالوا له فلا امرتنا نتناولكه فقال ان حبيبى صلى اللّه عليه و سلم امرني ان لا اسئل الناس شيئا- منه رحمه اللّه تعالى. (٢) خموش الخدوش نهاية خدوش جمع خدش و خدش الجلد قشره بعود او نحوه نهاية الكدوح الخدش و كل اثر من خدش او عض فهو كدح- نهاية منه رحمه اللّه. ما يغنيه فانما يستكثر من النار «١»- قال النفيلى و هو أحد رواته و ما الغنى الذي لا ينبغى معه المسألة قال قدر ما يغديه و يغشيه و قال في موضع اخر ان يكون له شبع يوم او ليلة و يوم- رواه ابو داود قلت و الجمع بين هذه الأحاديث الواردة في نصاب حرمة السؤال الحمل على اختلاف احوال الرجال فمن كان عنده شبع يوم و ليلة و كان يرجو تيسر شبع الغد في الغد لا يحل له المسألة و من كان لا يرجو ذلك يجوز له السؤال حتى يحصل عنده ما يكفى لمدة يتيسر له ما يحتاج اليه غالبا و من كان له شبع و لا يكون عنده ما يستر به عورته او ما يسد به خلته يجوز له سوال ما يحتاج اليه و أربعون درهما نصاب لحرمة السؤال مطلقا و اللّه اعلم وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّه بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣) و عليه مجاز ترغيب في الانفاق خصوصا على مثل هؤلاء. (١) اخرج احمد و ابو يعلى عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اما و اللّه ان أحدكم ليخرج بمسئلته من عندى تبا بطنها نارا قال عمر يا رسول اللّه لم تعطها إياهم قال فما اصنع يأبون الا مسئلتى و يأبى اللّه لى البخل و في الصحيحين عن ابن عمر ان عمر قال كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعطنى العطاء فاقول أعطه من هو أفقر اليه منى فقال خذه إذ جاءك من هذا المال شي ء و أنت غير مشرف و لا سائل فخذه فتقبله ان شئت كله و ان شئت تصدق به و ما لا فلا تتبعه نفسك قال سالم بن عبد اللّه فلا جل ذلك كان عبد اللّه لا يسئل أحدا شيئا و لا يرد شيئا أعطيه- منه. |
﴿ ٢٧٣ ﴾