٤٢

وَ إِذْ قالَتِ عطف على إذ قالت امراة عمرن الْمَلائِكَةُ يعنى جبرئيل عليه السلام شفاها يا مَرْيَمُ إِنَّ اللّه اصْطَفاكِ اى اختارك لنفسه بالتجليات الذاتية الدائمية التي عبرها الصوفية بكمالات النبوة و هى بالاصالة للانبياء عليهم السلام و بالتبعية و الوراثة للصديقين و كانت هى صديقة قال اللّه تعالى و امّه صدّيقة وَ طَهَّرَكِ عن الذنوب بالحفظ و المغفرة و عدم تطرق الشيطان إليها كما مر من حديث ابى هريرة برواية الشيخين و قيل طهرها من مسيس الرجال و قيل من الحيض وَ اصْطَفاكِ اى فضلك عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ (٤٢) اى عالمى زمانهم عن على قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول خير نسائها مريم بنت عمران و خير نسائها خديجة متفق عليه و فى رواية قال ابو كريب و أشار وكيع الى السماء و الأرض و عن انس ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران و خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد و آسية امراة فرعون رواه الترمذي و عن ابى موسى الأشعري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كمل من الرجال كثير و لم يكمل من النساء الا مريم بنت عمران و آسية امراة فرعون و فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام متفق عليه-

قلت لعل معنى قوله صلى اللّه عليه و سلم لم يكمل من النساء من الأمم السابقة الا مريم و آسية يدل عليه قوله عليه السلام و فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام فان هذه الجملة تدل على فضل عائشة على مريم و آسية- و فى الصحيحين من حديث عائشة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال يا فاطمة الا ترضين ان تكونى سيدة نساء اهل الجنة او نساء المؤمنين و روى ابو داود و النسائي و الحاكم عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أفضل نساء اهل الجنة خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد

و اخرج احمد و الترمذي و النسائي و ابن حبان و الحاكم عن حذيفة ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال نزل ملك من السماء فاستأذن اللّه ان يسلم علىّ فبشرنى ان فاطمة سيدة نساء اهل الجنة فهذه الأحاديث تدل على ان فاطمة أفضل من مريم لان نساء اهل الجنة عام لا يحتمل التخصيص بزمان دون زمان بخلاف قوله تعالى اصطفيك على نساء العلمين فانه يحتمل ان يكون المراد منه عالمى زمانها كما

قلنا لكن ورد فيما روى ابو يعلى و ابن حبان و الحاكم و الطبراني عن ابى سعيد الخدري ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال فاطمة سيدة نساء اهل الجنة الا ما كان من مريم و روى الترمذي عن أم سلمة عن فاطمة قالت أخبرني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انى سيدة نساء اهل الجنة الا مريم بنت عمران فهذين الحديثين يدلان على استثناء مريم من المفضولية و لا يدلان على كونها أفضل من فاطمة عليها السلام و ما فى الصحيحين من حديث المسور بن مخرمة قوله صلى اللّه عليه و سلم فاطمة بضعة منى و عند احمد و الترمذي و الحاكم عن ابن الزبير نحوه يقتضى فضل فاطمة على جميع الرجال و النساء كما قال مالك لا نعدل ببضعة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أحدا لكن عند جمهور اهل السنة خص منه من علم فضلهم قطعا من الأنبياء و بعض الصديقين و بقي من سواهم فى العموم و اللّه اعلم.

﴿ ٤٢