٧٩ ما كانَ جائز لِبَشَرٍ يعنى لمحمد و لا لعيسى صلى اللّه عليهما- و البشر اسم جنس كالانسان ذكرا كان او أنثى واحدا كان او جمعا و قد يثنى كما فى قوله تعالى أ نؤمن لبشرين مثلنا و يجمع ابشارا كذا فى القاموس و قال البغوي البشر جميع ابن آدم جمع لا واحد له من لفظه كالقوم و الجيش و يوضع موضع الواحد أَنْ يُؤْتِيَهُ اللّه الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ يعنى الحكمة و السنة او إمضاء الحكم وَ النُّبُوَّةَ «١» ثُمَّ يَقُولَ عطف على يؤتى منصوب بان لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللّه اى من دون توحيد اللّه- و فيه اشارة الى ان عبادة غير اللّه تنافى عبادة اللّه و عبادته منحصر فى توحيده- و ان فى محل الرفع على انه اسم كان يعنى ما كان إيتاء الكتاب و النبوة و بعد ذلك القول بعبادة غير اللّه جائزا لبشر لمنافاة بين النبوة التي هى دعاء الناس الى الايمان باللّه وحده و هذا القول الذي هو دعاء الى الشرك وَ لكِنْ عطف على يقول بتقدير القول يعنى و لكن يقول كُونُوا رَبَّانِيِّينَ و جاز ان يكون و لكن كونوا معطوفا على مفهوم ما سبق فانه يفهم منه لا تكونوا قائلين للناس كونوا عبادا لى و لكن كونوا ربانيين مبلغين ما أتاكم ربكم- قال على و ابن عباس فى تفسير قوله تعالى كونوا ربانيين كونوا فقهاء علماء و قال قتادة حكماء علماء و قال سعيد بن جبير عن ابن عباس فقهاء معلمين و قال عطاء علماء حلماء نصحا للّه فى خلقه و عن سعيد بن جبير الذي يعمل بعلمه و قال ابو عبيد سمعت رجلا عالما يقول الرباني العالم بالحلال و الحرام و الأمر و النهى العارف بانباء الامة ما كان و ما يكون و قيل الربانيون فوق الأحبار و الأحبار العلماء و الربانيون الذين (١) ترك فى الأصل و النبوة لعله من الناسخ- ابو محمد عفا اللّه عنه. جمعوا بين العلم و البصارة بين الناس و حاصل الأقوال الرباني الكامل المكمل فى العلم و العمل و الإخلاص و مراتب القرب سمى بذلك لانهم يربون العلم و يقومون به و يربون المتعلمين لصغار العلوم قبل كبارها و كل من قام بإصلاح شى ء و إتمامه فقد ربه يربه و عن على انه يرب علمه بعمله واحده ربان كما يقال ريان و عطشان ثم ضمت اليه ياء النسبة- و قيل هو منسوب الى الرب بزيادة الالف و النون للمبالغة كاللحيانى لعظيم اللحية و الرقبانى لعظيم الرقبة و طويلهما إذ لو أريد النسبة الى اللحية و الرقبة بدون المبالغة لقيل لحيى و رقبى- قال محمد بن الحنفية يوم مات ابن عباس مات ربانى هذه الامة بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ قرا الكوفيون و ابن عامر بالتشديد من التعليم اى يعلمون الناس و الباقون بالتخفيف من علم وَ بِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩) اى تديمون على قراءة الكتاب و يحفظونه و جاز ان يكون معناه تدرسونه على الناس فيكون بمعنى تعلّمون من التعليم- قال فى الصحاح درس الدار معناه بقي اثرها و درس الكتب و العلم اى تناول اثره بالحفظ- و لما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن ادامة القراءة بالدرس قال اللّه تعالى و درسوا ما فيه و بما كنتم تدرسون يعنى تديمون القراءة و تحفظون و قوله بما كنتم متعلق بقوله كونوا و ما مصدرية و المعنى كونوا ربانيين بسبب كونكم عالمين الكتاب و معلميه الناس دائمين على قراءته و حفظه فان فائدة العلم العمل به و إصلاح نفسه و فائدة التعليم إصلاح غيره و ذلك فرع إصلاح نفسه لئلا يخاطب بقوله تعالى لم تقولون ما لا تفعلون و قوله تعالى أ تأمرون النّاس بالبرّ و تنسون أنفسكم. |
﴿ ٧٩ ﴾