٨١

وَ إِذْ أَخَذَ اللّه مِيثاقَ النَّبِيِّينَ أراد ان اللّه أخذ الميثاق من كل نبى ان يؤمن بمن بعده و يأمر أمته ان يتبعوه و هذا معنى قول ابن عباس و قال على بن ابى طالب لم يبعث اللّه نبيّا آدم و من بعده الا أخذ عليه العهد فى امر محمد صلى اللّه عليه و سلم و أخذ العهد على قومه لتؤمنن به و لئن بعث و هم احياء لينصرنه- و قيل معناه أخذ اللّه ميثاق اهل الكتاب ففى الكلام اما حذف مضاف تقديره أخذ اللّه ميثاق أولاد النبيّين و هم بنو إسرائيل اهل الكتاب و اما سماهم نبيين تهكما لانهم كانوا يقولون نحن اولى بالنبوة من محمد لانا اهل الكتاب و النبيون كانوا منا- و اما اضافة الميثاق الى النبيين اضافة الى الفاعل و المعنى إذ أخذ اللّه الميثاق الذي وثقه النبيون على أممهم و يؤيده قراءة ابن مسعود و ابى بن كعب و إذ أخذ اللّه ميثاق الّذين أوتوا الكتب و الصحيح هو المعنى الاول المنطوق من القراءة المتواترة فاخذ اللّه الميثاق من موسى ان يؤمن بعيسى و يأمر قومه ان يؤمنوا به و من عيسى ان يؤمن بمحمد صلى اللّه عليه و سلم و يأمر قومه ان يؤمنوا به و من ثم قال عيسى يبنى اسراءيل انّى رسول اللّه إليكم مصدّقا لمّا بين يدىّ من التّورية و مبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد و القراءة المتواترة لا ينافى قراءة ابن مسعود لان العهد من المتبوع عهد من التابع لَما آتَيْتُكُمْ قرا حمزة بكسر اللام على انها جارة و ما مصدرية اى لاجل ايتائى إياكم بعض الكتاب ثم مجيى ء رسول مصدق له أخذ اللّه الميثاق لتؤمنن به و لتنصرنه- او موصولة يعنى اخذه للذى اتيتكموه و جاءكم رسول مصدق له و الباقون بفتح اللام توطية للقسم لان أخذ الميثاق بمعنى الاستحلاف و ما حينئذ يحتمل ان يكون شرطية و لتؤمنن به ساد مساد جواب القسم و جزاء الشرط جميعا و المعنى أخذ اللّه ميثاق النبيين و استحلفهم لئن اتيتكم من كتاب ثم جاءكم رسول مصدق له لتومنن به- و يحتمل ان يكون موصولة مبتدا بمعنى الذي و خبره لتؤمنن به يعنى للذى اتيتكم من كتاب ثم جاءكم رسول مصدق له لتؤمنن به قرا نافع و ابو جعفر- ابو محمد آتيناكم على التعظيم كما فى قوله تعالى و اتينا داود زبورا و الآخرون بالإفراد مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ اى سنة او فقه فى الدين ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما للكتاب الذي جاء مَعَكُمْ جملة ثم جاء عطف على الصلة و العائد فيه الى الموصول مظهر وضع موضع المضمر و هو لما معكم تقديره مصدقا له- قيل المراد بالرسول محمد صلى اللّه عليه و سلم خاصة لكونه مبعوثا الى كافة الأنام و هو المستفاد من قول ابن عمرو ما ذكر من قول على- و الصحيح عندى ان اللفظ عام و لا دليل على التخصيص و لا شك ان الايمان بجميع الأنبياء و القول بلا نفرّق بين أحد من رسله واجب على جميع الأمم السابقة و اللاحقه و قد قال اللّه تعالى شرع لكم من الدّين ما وصّى به نوحا و الّذى أوحينا إليك و ما وصّينا به ابراهيم و موسى و عيسى ان اقيموا الدّين و لا تتفرّقوا فيه و قول على و ابن عباس رضى اللّه عنهما بتخصيص ذكر النبي صلى اللّه عليه و سلم لالزام اهل الكتاب المعاندين فان الكلام معهم انما كان فى امر محمد صلى اللّه عليه و سلم لا غير و ليس المقصود من قولهما نفى الحكم عما عداه و جاز ان يكون تخصيص العهد لمحمد صلى اللّه عليه و سلم لاظهار فضله و فى قوله تعالى مصدّقا لما معكم اشارة الى ان تكذيبه يستلزم تكذيب ما معكم لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ اى بالرسول وَ لَتَنْصُرُنَّهُ بانفسكم ان أدركتموه او بامركم بالنصر لمن أدركه من اتباعكم ان لم تدركوه-

قال البغوي حين استخرج اللّه الذرية من صلب آدم و الأنبياء فيهم كالمصابيح و السرج أخذ عليهم الميثاق فى امر محمد صلى اللّه عليه و سلم قالَ استيناف بيان لاخذ الميثاق كانه قيل كيف أخذ اللّه الميثاق- او ناصب لاذ اى قال إذ أخذ اللّه الميثاق و على الاول ناصبه إذ كرع أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي اى عهدى استفهام تقرير قالُوا اى الأنبياء أو هم و الأمم جميعا يوم الميثاق

أَقْرَرْنا قالَ اللّه للرسل فَاشْهَدُوا على أنفسكم و على اتباعكم بالإقرار يوم القيامة وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١) عليكم و عليهم و قال سعيد بن المسيب قال اللّه تعالى لملائكته فاشهدوا عليهم كناية عن غير مذكور

﴿ ٨١