١١٢

ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ اى اليهود الذِّلَّةُ اى الهوان و ذلك بسلب العصمة عن دمائهم و أموالهم و أهليهم أَيْنَ ما ثُقِفُوا و جدوا إِلَّا متلبسين بِحَبْلٍ كائن مِنَ اللّه يعنى القران او دين الإسلام الحاكم بعدم تعرض الكفار المستأمنين و اهل الذمة قال اللّه تعالى وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ و قال حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ عهد من المؤمنين بالأمان بعد الاستيمان او عقد الذمة بعد قبول الجزية فالمراد بحبل اللّه و حبل الناس واحد و لو كان كل واحد منهما على حدة لكان الأنسب او مقام الواو- و المستثنى منصوب على الحالية يعنى ضربت عليهم الذلة فى جميع الأحوال الا فى حال الاستيمان او عقد الذمة وَ باؤُ اى رجعوا الى ما كانوا عليه من الموت او الحيوة بعد الموت قال اللّه تعالى كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ بِغَضَبٍ مِنَ اللّه مستوجبين له وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ فهى محيطة بهم «١» احاطة البيت المضروب على اهله يعنى ضربت عليهم البخل و الحرص فان البخيل لا ينفق ماله و يكون دائما على هيئة المساكين و الحريص يكون دائما فى تعب و جدّ لطلب المال

قال البيضاوي اليهود غالبا فقراء مساكين ذلِكَ اى ما ذكر من ضرب الذلة و المسكنة و البوء بالغضب بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللّه وَ يَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ اى بسبب كفرهم و قتلهم الأنبياء بِغَيْرِ حَقٍّ يعنى انهم يعرفون كونهم ظالمين غير محقين ذلِكَ الكفر و القتل بِما عَصَوْا ربهم تعنتا و عنادا عمدا لا خطأ وَ كانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢) حدود اللّه و قيل معناه ان ضرب الذلة فى الدنيا و استيجاب الغضب فى الاخرة كما هو معلل بكفرهم و قتلهم فهو مسبب على عصيانهم و اعتدائهم من حيث انهم مخاطبون بالفروع ايضا قلت و على هذا التأويل كان المناسب إيراد العاطف بين الاشارتين-

(١) فى الأصل به-.

اخرج ابن ابى حاتم و الطبراني و ابن مندة فى الصحابة عن ابن عباس قال لمّا اسلم عبد اللّه بن سلام و ثعلبة بن شعبة و أسيد بن تبيعة و اسد بن عبيد و من اسلم من يهود معهم فامنوا و صدقوا و رغبوا فى الإسلام قالت أحبار يهود و اهل الكفر منهم ما أمن بمحمد و تبعه الّا شرارنا و لو كانوا خيارنا ما تركوا دين ابائهم و ذهبوا الى غيره فانزل اللّه فى ذلك.

﴿ ١١٢