١١٨

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً

البطانة السريرة و يقال الصاحب الذي يعرّفه الرجل أسراره ثقة به مِنْ دُونِكُمْ اى من دون المسلمين اى من هو ادنى منكم رتبة و أسفل فيه نعت للمسلمين بانهم هم الأعلون فى الدنيا و الاخرة و ارشاد على طلب الأعالي للمصاحبة دون الأداني فان العزلة خير من الجليس السوء و الجليس الصالح خير من العزلة- و صيغة من دونكم يشتمل اهل الأهواء ايضا من الروافض و الخوارج و غيرهم فلا يجوز مباطنتهم كما لا يجوز مباطنة الكفار و قوله من دونكم متعلق بقوله لا تتخذوا او ظرف مستقر صفة لبطانة اى لا تتخذوا من دون المسلمين بطانة او بطانة كائنة من دونهم لا يَأْلُونَكُمْ اى لا يقصرون اى من هو على غير دينكم لكم خَبالًا شرا و فسادا بل يبذلون جهدهم فيما يورثكم شرا و فسادا منصوب على انه مفعول ثان للايألونكم على تضمين معنى المنع او النقص او منصوب بنزع الخافض اى لا يألونكم فى الخبال وَدُّوا ما عَنِتُّمْ ما مصدرية اى تمنوا شدة الضر و المشقة بكم قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ حيث لا يتمالكون أنفسهم لفرط بغضهم فيقولون فيكم ما يسوءكم بلا اختيار و قصد وَ ما تُخْفِي صُدُورُهُمْ من البغضاء أَكْبَرُ مما يبدون لانهم يظهرون مودتكم مكرا و خديعة قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ الدالة على عداوتهم او على وجوب الإخلاص للّه و موالات المؤمنين و معادات الكفار و الجمل الاربعة «١» مستانفات على التعليل و يجوز ان يكون الثلاث الاول صفات لبطانة- و على كلا التقديرين التعليل بهذه الجمل او التقييد بها يفيد ان الكافر إذا لم يكن له عداوة مع مؤمن لاجل إيمانه و لا يقصد خبالا و كان بينه و بين مؤمن مودة لقرابة او غير ذلك لا بأس به كما كان بين النبي صلى اللّه عليه و سلم و بين ابى طالب و عباس قبل إسلامه عن عباس رضى اللّه عنه انه قال يا رسول اللّه هل نفعت أبا طالب بشى ء فانه كان يحومك او يغضب لك قال نعم هو فى الضحضاح فى الأصل ما اجتمع من الماء على وجه: الأرض ما يبلغ الكعبين فاستعير للنار- نهايه منه رح ضحضاح من نار و لولا انا لكان فى الدرك الأسفل من النار- رواه مسلم

و اخرج البزار مثله عن جابر و مسلم عن حذيفة و ابى سعيد الخدري إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (١١٨) شرط استغنى عن الجزاء بما سبق يعنى فانتهوا عن موالاتهم و عادوهم او أخلصوا للّه و والوا المسلمين.

(١) فى الأصل الأربع-.

﴿ ١١٨