١٢١

وَ اذكر إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ تنزلهم و تسوّى و هى لهم مَقاعِدَ مواطن و مواقف من الميمنة و القلب و الساقة لِلْقِتالِ متعلق بتبوئ وَ اللّه سَمِيعٌ لاقوالهم عَلِيمٌ (١٣١) لنياتهم قال الحسن هو يوم بدر و قال مقاتل يوم الأحزاب- و قال سائر المفسرين و هو الصحيح انه هو يوم أحد اخرج ابن ابى حاتم و ابو يعلى عن المسور بن مخرمة انه قال لعبد الرحمن بن عوف أخبرني عن قصتكم يوم أحد قال اقرأ بعد العشرين و مائة من ال عمران تجد قصتنا و إذ غدوت من أهلك الى قوله إذ همّت طائفتن منكم ان تفشلا قال هم الذين طلبوا الامان من المشركين الى قوله وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ الاية قال هو تمنى المؤمنين لقاء العدو الى قوله أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ قال هو صاح الشيطان يوم أحد قتل محمد الى قوله أَمَنَةً نُعاساً قال القى عليهم النوم الى اخر «١» ستين اية (يعنى الى قوله تعالى وَ اللّه بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ و يتلوه قوله تعالى لَقَدْ سَمِعَ اللّه) قال ابن إسحاق رحمه اللّه و كان مما انزل اللّه تعالى فى يوم أحد يعنى فى شأن يوم أحد ستون اية من ال عمران فيها صفة ما كان فى يومهم ذلك و معاتبة من غاب منهم قال مجاهد و الكلبي و الواقدي غدا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من منزل عائشة رضى اللّه عنها فمشى على رجليه الى أحد فجعل يصف أصحابه للقتال كما يقوم القدح-

و اخرج ابن جرير و البيهقي فى الدلائل من طريق محمد بن إسحاق عن رجاله و رواه عبد الرزاق فى مصنفه عن معمر عن الزهري ان المشركين نزلوا بأحد يوم الأربعاء ثانى عشر شوال سنة ثلاث من الهجرة و كانوا ثلاثة آلاف فاستشار رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أصحابه و دعا عبد اللّه بن ابى بن سلول و لم يدعه قط قبلها فقال هو و اكثر الأنصار أقم يا رسول اللّه بالمدينة لا تخرج إليهم فو اللّه ما خرجنا الى عدو منا قط الا أصاب منا و لادخلها علينا الا أصبنا منه فكيف و أنت فينا فدعهم فان أقاموا أقاموا بشر مجلس و ان دخلوا قاتلهم الرجال فى وجوههم و رماههم النساء و الصبيان بالحجارة من فوقهم

(١) فى الأصل الى الأخر.

و ان رجعوا رجعوا خائبين فاعجب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم هذا الرأى و كان هذا رأى الأكابر من المهاجرين و الأنصار و قال حمزة بن عبد المطلب و سعد بن عبادة و النعمان بن مالك فى طائفة من الأنصار رضى اللّه عنهم (غالبهم احداث لم يشهدوا البدر و طلبوا الشهادة و أحبوا إلقاء العدو و أكرمهم اللّه بالشهادة يوم الأحد) اخرج بنا يا رسول اللّه الى هذه الا كلب لا يرون انا حببنا عنهم و ضعفنا- و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انى رايت فى منامى بقرا فاولتها خيرا و رايت فى ذباب سيفى ثلما فاولتها هزيمة و رايت انى ادخلت يدى فى درع حصينة فاولتها المدينة فان رايتم ان تقيموا بالمدينة و كان يعجبه ان يدخلوا عليهم المدينة فيقاتلوهم فى الازقة- روى احمد و النسائي و الدارمي بسند صحيح بلفظ رايت فى درع حصينة و رايت بقرا تنحر فاولت ان الدرع الحصينة المدينة و ان البقر خير و اللّه- و روى البزار و الطبراني عن ابن عباس قال لما نزل ابو سفيان و أصحابه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لاصحابه انى رايت فى المنام سيفى ذا الفقار انكسر و هى مصيبة و رايت بقرا تذبح و هى مصيبة و رايت علىّ درعى و هى مدينتكم لا يصلون إليها ان شاء اللّه قال ابن إسحاق و ابن عقبة و ابن سعد و غيرهم كانت هذه الرؤيا ليلة الجمعة- قال عروة و كان الذي راى بسيفه ما أصاب وجهه- و قال ابن هشام و اما الثلم فى السيف فرجل من اهل بيتي يقتل و فى رواية ثم هززته يعنى السيف مرة اخرى فعاد احسن ما كان فاذا هو ما جاء اللّه به من الفتح- و قال حمزة و الذي انزل عليك لا اطعم اليوم طعاما حتى أجالدهم بسيفى خارج المدينة و كان يوم الجمعة صائما و يوم السبت صائما- و قال «١» النعمان بن مالك يا رسول اللّه لا تحرمنا الجنة فو الذي نفسى بيده لادخلنها فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لمن قال انى أحب اللّه و رسوله و فى لفظ اشهد ان لا اله الا اللّه و انك رسول اللّه و لا أفر يوم الزحف فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صدقت فاستشهد يومئذ و حث مالك بن سنان الخدري و إياس بن عتيك على الخروج للقتال- فلما أبوا الا ذلك صلى الجمعة بالناس فوعظهم و أمرهم بالجد و الاجتهاد و أخبرهم ان لهم النصر ما صبروا ففرح الناس بالشخوص الى عدوهم و كره ذلك المخرج بشر كثير و صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم العصر بالناس و حضر اهل العوالي و رفعوا النساء فى الآطام و دخل بيته و معه ابو بكر و عمر و قد صف الناس له

(١) فى الأصل و قال و قال.

ما بين حجرته الى منبره ينتظرون خروج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فجاء سعد بن معاذ و أسيد بن حضير فقال للناس استكرهتم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قلتم له ما قلتم و الوحى ينزل اليه من السماء فردوا الأمر اليه فما أمركم به فافعلوا فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قد لبس لامته و لبس الدرع اى السلاح- منه رح فاظهرها و حزم وسطه بمنطقة من حمائل السيف من آدم و اعتم و تقلد السيف- و ندم الناس على إكراهه فقالوا يا رسول اللّه استكرهناك و لم يكن لنا ذلك فان شئت فاقعد فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد دعوتكم الى هذا الحديث فابيتم و ما ينبغى لنبى إذا لبس لامته ان يضعها حتى يقاتل انظروا ما أمركم به فاتبعوه امضوا على اسم اللّه فلكم النصر ما صبرتم و وجد مالك بن عمرو النجاري قد مات و وضعوه عند موضع الجنائز فصلى عليه ثم خرج ثم ركب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فرسه السكب و تقلد القوس و سعد بن عبادة و سعد بن معاذ و كل منهما دارع و الناس عن يمينه و شماله حتى «١» إذا انتهى الى رأس الثنية رأى كتيبة خشنا لها رحل فقال ما هذا قالوا «٢» هؤلاء حلفاء عبد اللّه بن ابى من اليهود فقال اسلموا فقيل لا فقال انا لا نستنصر باهل الشرك على اهل الشرك و سار رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فعسكر بالشيخين و هما اطمان- و عرض «٣» على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عسكر فاستصغر غلمانا فردهم رد سبعة عشر و هم أبناء اربعة عشر و عرضوا عليه و هم أبناء خمسة عشر فاجازهم منهم عبد اللّه بن عمر و زيد بن ثابت و اسامة بن زيد و زيد بن أرقم و البراء بن عاذب و ابو سعيد الخدري و أوس بن ثابت الأنصاري- و أجاز رافع بن خديج بعد الرد لما قيل انه رام فقال سمرة بن جندب أجاز رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رافع بن خديج وردنى و انا اصرعه فاعلم بذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال تصارعا فصرع سمرة رافعا فاجازه- فلما فرغ العرض و غابت الشمس اذن بلال بالمغرب فصلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بأصحابه ثم اذن بالعشاء فصلى بهم و بات بالشيخين و استعمل على الحرس تلك الليلة محمد بن مسلمة فى خمسين رجلا يطوفون بالعسكر و نام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى كان السحر فصلى الصبح ثم قال اين الأدلاء من رجل يخرج بنا من كثب لا يمر بنا عليهم فقام ابو خثيمة

(١) فى الأصل حتى انتهى.

(٢) فى الأصل قال.

(٣) فى الأصل و عرض رسول اللّه.

الحارثي فقال انا يا رسول اللّه فسلك به فى حرة بنى حارثة و بين أموالهم حتى سلك فى مال لمربع بن قنطى و كان منافقا ضرير البصر فلما سمع حس رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و من معه من المسلمين قام يحثو التراب فى وجوههم و يقول ان كنت رسول اللّه فانى لا أحل لك ان تدخل حائطى و أخذ حفنة من تراب ثم قال و اللّه لو اعلم انى لا أصيب غيرك لضربت بها وجهك- فابتدر لا القوم ليقتلوه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا تقتلوه فهذا الأعمى أعمى القلب أعمى البصر و قد بدر اليه سعد بن زبدة الأشهلي قبل نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فضربه بالقوس فشجه- و كان رسول اللّه خرج الى أحد فى الف رجل و قيل فى تسعمائة و خمسين رجلا فلما بلغوا بالمهملات الخلط اى مقام خلط العسكرين- منه رح السوط انحزل عبد اللّه بن ابى بثلث الناس و رجع فى ثلاثمائة و قال علام نقتل أنفسنا و أولادنا فتبعهم ابو جابر السلمى فقال أنشدكم فى نبيكم و فى أنفسكم فقال عبد اللّه بن ابى لو نعلم قتالا لاتّبعنكم و بقي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى سبعمائة و فرسه و فرس لابى بردة و قال ابن عقبة لم يكن مع المسلمين فرس- و همت بنوا سلمة من الخزرج و بنوا حارثة من الأوس و كانا جناحى العسكر بالانصراف مع عبد اللّه بن أبيّ فعصمهم اللّه فلم ينصرفوا فذكّرهم اللّه تعالى عظيم نعمته و قال.

﴿ ١٢١