١٧١ يَسْتَبْشِرُونَ كرره للتأكيد او يقال الاول بشارة بدفع الضرر و هذا بشارة بجلب النفع. بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّه ثوابا لاعمالهم وَ فَضْلٍ زيادة عليه من اللّه تعالى و ذلك رؤية اللّه و مراتب قربه و تنكيرهما للتعظيم وَ أَنَّ اللّه لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١) قرا الجمهور بفتح انّ عطفا على فضل فهو من جملة المستبشر به- عن ابى هريرة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال تكفل اللّه لمن جاهد فى سبيل اللّه لا يخرجه من بيته الا الجهاد فى سبيله و تصديق كلمته ان يدخله الجنة او يرجعه الى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من اجر و غنيمة و قال و الذي نفسى بيده لا يكلم أحد فى سبيل اللّه و اللّه اعلم بمن يكلم فى سبيله الا جاء يوم القيامة و جرحه تبعث دما اللون لون الدم و الريح ريح المسك رواه ( «١») و عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الشهيد لا يجد الم القتل الا كما يجد أحدكم الم القرصة «٢» رواه الدارمي و الترمذي و قال الترمذي هذا حديث حسن غريب و رواه النسائي بسند صحيح و رواه الطبراني فى الوسط عن ابى قتادة بسند صحيح- و الاية تدل على عدم ضياع اجر المؤمنين عامة شهيدا كان او غيره كانّ الشهداء يستبشرون بحال جميع المؤمنين- و قرا الكسائي على انه استيناف معترض دال على ان ذلك اجر لهم على ايمانهم و من لا ايمان له اعماله محبطة لا اجر عليها- و قيل هذه الاية نزلت فى شهداء بدر كانوا اربعة عشر رجلا ثمانية من الأنصار و ستة من المهاجرين و هذا القول ضعيف و قراءة قتّلوا بالتشديد يأبى عنه لدلالتها لكثرة المقتولين- و قال قوم نزلت هذه الاية فى شهداء بير معونة و كان سبب ذلك على ما روى محمد بن إسحاق (١) هكذا بياض فى الأصل- و فى حاشية نقل البغوي- ابو محمد عفا عنه-. (٢) القرص أخذك لحم الإنسان بإصبعيك حتى تولمه و لسع البراغيث- قاموس- منه رح. و عبد اللّه بن ابى عن انس رضى اللّه عنه و غيره قال قدم عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الا سنة العامري على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و اهدى له فرسين و راحلتين فابى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان يقبلها و قال لا اقبل هدية مشرك فاسلم ان أردت ان اقبل هديتك فلم يسلم و لم يبعد و قال يا محمد ان الذي تدعوا اليه حسن جميل فلو بعثت رجالا من أصحابك الى اهل نجد رجوت ان يستجيبوا لك فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انى أخشى عليهم اهل نجد فقال ابو براء أنالهم جار فبعث المنذر بن عمر رضى اللّه عنه أخا بنى ساعدة فى سبعين رجلا من خيار المسلمين من الأنصار يسمون القراء و فيهم عامر بن فهيرة مولى ابى بكر فى صفر سنة اربع حتى نزلوا بير معونة و هى ارض بين ارض بنى عامر و حرة بنى سليم فبعثوا حرام بن ملحان رضى اللّه عنه بكتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى عامر بن الطفيل فى رجال من بنى عامر فقال حرام بن ملحان انى رسول رسول اللّه إليكم انى اشهد ان لا اله الا اللّه و ان محمدا عبده و رسوله فامنوا باللّه و رسوله فخرج اليه رجل من كسر البيت برمح فضرب به فى جنبه حتى خرج من الشق الاخر فقال اللّه اكبر فزت و رب الكعبة ثم استصرخ عامر بن الطفيل عليهم ببني عامر فابوا ان يجيبوه الى ما دعاهم اليه و قالوا لا تخفروا جوار ابى براء فاستصرخ عليهم قبائل من بنى سليم عصية و رعل و ذكوان فاجابوه فخرجوا حتى غشوا القوم فاحاطوا بهم فى رحالهم فقاتلوهم حتى قتلوا كلهم الا كعب بن زيد تركوه و به رمق فعاش حتى قتل يوم الخندق و أخذوا عمرو بن امية أسيرا فلما أخبرهم انه من مضر أطلقه عامر بن الطفيل فقدم على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و اخبر له الخبر فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم هذا عمل ابى براء فبلغ ذلك أبا براء فشق عليه اخفار عامر إياه روى محمد بن إسحاق كان يقول عامر بن الطفيل كان يقول من الرجل منهم لما قتل رايته رفع بين السماء و الأرض حتى رايت السماء من دونه قالوا هو عامر بن فهيرة ثم بعد ذلك حمل ربيعة بن ابى براء على عامر بن الطفيل فطعنه على فرسه فقتله- و فى الصحيحين عن قتادة عن انس ان رعلا و ذكوان و عصية و بنى لحيان أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فزعموا انهم اسلموا و استمدوا على عدوهم فامدهم بسبعين من الأنصار كنا نسميهم القراء فى زمانهم كانوا يحطبون بالنهار و يصلون بالليل حتى كانوا ببئر معونة فقتلوهم و غدروا بهم فبلغ النبي صلى اللّه عليه و سلم فقنت شهرا يدعو فى الصبح على احياء من احياء العرب على رعل و ذكوان و عصية و بنى لحيان- و روى احمد و الشيخان و البيهقي عن انس و البيهقي عن ابن مسعود و البخاري عن عروة ان أناسا جاءوا الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقالوا ابعث معنا رجالا يعلمون القران و السنة فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار يقال لهم القراء فتعرضوا لهم فقتلوهم قبل ان يبلغوا المكان قالوا اللّهم بلغ نبينا و فى لفظ إخواننا انا قد لقيناك فرضينا عنك و رضيت عنا فاوحى اللّه انا رسولهم إليكم انهم قد رضوا و رضى عنهم قال انس فقرأنا فيهم بلغوا عنا قومنا انا قد لقينا ربنا فرضى عنا و ارضانا ثم نسخ- فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أربعين صباحا على رعل و ذكوان و عصية و بنى لحيان الذين عصوا اللّه و رسوله- قال البغوي فى قول انس فرفعت بعد ما قراناها زمانا و انزل اللّه عز و جل وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّه الاية- قلت و الاختلاف و ان وقع فى سبب نزول هذه الاية كما ذكرنا لكن بحسب عموم اللفظ جميع الشهداء داخلون فى حكم هذه الاية و اللّه اعلم- ( (مسئلة)) اجمعوا على ان الشهيد لا يغسل لان شهداء أحد لم يغسلوا و امر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بهم ان ينزع الحديد و الجلود و ان يدفنوا بدمائهم و ثيابهم رواه ابو داؤد و ابن ماجة عن ابن عباس و روى النسائي بسند صحيح عن عبد اللّه بن ثعلبة قوله صلى اللّه عليه و سلم زملوهم بدمائهم فانه ليس كلم يكلم فى سبيل اللّه الا هو يأتى يوم القيامة بدماء لونه لون الدم و ريحه ريح المسك و فى الباب حديث جابر رمى رجل بسهم فى صدره فمات فادرج فى ثيابه كما هو و نحن مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أخرجه ابو داؤد بإسناد على شرط مسلم (مسئلة) و اختلفوا فى مجنب استشهد هل يغسل أم لا فقال ابو حنيفة و احمد يغسل و قال مالك و الشافعي لا يغسل لعموم قوله صلى اللّه عليه و سلم زملوهم بدمائهم و لنا قصة حنظلة بن ابى عامر قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انى رايت الملائكة يغسل حنظلة بن ابى عامر بين السماء و الأرض بماء المزن فى صحاف الفضة قال ابو أسيد الساعدي فذهبنا فنظرنا اليه فاذا رأسه يقطر ماء فرجعت الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاخبرته فارسل الى امرأته فسالها فاخبرته انه خرج و هو جنب فولده يقال بنو غسيل الملائكة رواه ابن الجوزي من حديث محمد بن سعد مرسلا و رواه ابن حبان فى صحيحه و الحاكم و البيهقي من حديث ابن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد اللّه بن الزبير عن أبيه عن جده- قال الحافظ ظاهره ان الضمير فى قوله عن جده يعود على عباد فيكون الحديث من مسند الزبير و هو الذي يمكنه السماع من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى تلك الحال- و رواه الحاكم فى الإكليل من حديث ابى أسيد و فى اسناده ضعف و رواه الحاكم فى المستدرك و الطبراني و البيهقي من حديث ابن عباس و فى اسناد الحاكم معلى بن عبد الرحمن متروك و فى اسناد الطبراني حجاج مدلس و فى اسناد البيهقي ابو شيبة الواسطي ضعيف- ( (مسئلة)) اختلفوا فى الصلاة على الشهيد فقال الشافعي لا يصلى عليه و قال ابو حنيفة و مالك يصلى عليه و عن احمد كالمذهبين قلنا الصلاة اما لمغفرة الذنوب او لرفع الدرجات تكريما للميت و الشهيد اولى بالتكرمة و لو كان التكريم فى ترك الصلاة كان النبي صلى اللّه عليه و سلم اولى به و قد صلى عليه اجماعا- و الأصل هو الصلاة احتج الشافعي بحديث جابر بن عبد اللّه ان النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يجمع بين رجلين من قتلى أحد فى الثوب الواحد ثم يقول أيهما اكثر قراتا فاذا أشير الى أحدهما قدمه فى اللحد و قال انا شهيد على هؤلاء يوم القيامة و امر بدفنهم فى ثيابهم و لم يصل عليهم و لم يغسلوا رواه البخاري و النسائي و ابن ماجة و ابن حبان و حديث انس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يوم أحد يكفن الرجلين و الثلاثة فى الثوب الواحد و دفنهم و لم يصل عليهم رواه احمد و ابو داؤد و الترمذي و قال حديث حسن و الحاكم و صححه و قد أعله البخاري و قال انه غلط فيه اسامة بن زيد فقال عن الزهري عن انس و رجح رواية الليث عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب عن جابر يعنى هو الحديث الاول و اللّه اعلم- و أجيب عن احتجاج الشافعي بانه يحتمل ان النبي صلى اللّه عليه و سلم لم يصل على شهداء أحد لما كان به من الم الجراح و كسر الرباعية و لعله صلى عليهم غيره صلى اللّه عليه و سلم و يؤيد هذا الاحتمال ما روى ابو داؤد فى المراسيل و الحاكم و الطحاوي من حديث انس ايضا قال مر النبي صلى اللّه عليه على حمزة و قد مثل به و لم يصل على أحد من الشهداء غيره زاد الطحاوي قال عليه السلام انا شهيد عليكم يوم القيامة- فان قيل روى هذا الحديث الدارقطني و قال لم يقل هذه الزيادة غير عثمان بن عمرو و ليست محفوظة قلنا قال ابن الجوزي عثمان مخرج عنه فى الصحيحين و الزيادة من الثقة مقبولة قال الطحاوي لو كان ترك الصلاة على الشهيد سنة لما صلى على حمزة فظهر انه صلى على حمزة لفضله و لم يصل على غيره لما كان به من وجع و قد ورد ما يعارض ما تقدم عدة أحاديث عن عدة من الصحابة منها حديث جابر قال فقد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حمزة حين جاء الناس من القتال فقال رجل رايته عند تلك الشجرة فلما راه و رأى ما مثل به شهق و بكى فقام رجل من الأنصار فرمى عليه بثوب ثم جى ء بحمزة فصلى عليه ثم بالشهداء فيوضعون الى جانب حمزة فيصلى عليهم ثم يرفعون و يترك حمزة حتى صلى على الشهداء كلهم و قال حمزة سيد الشهداء عند اللّه يوم القيامة رواه الحاكم و قال صحيح الاسناد و لم يخرجاه الا ان فى سنده مفضل بن صدقة ابو حماد الحنفي قيل هو متروك و ضعفه النسائي و يحيى لكن قال الأهوازي كان عطاء بن مسلم يوثقه و كان احمد بن محمد بن شعيب يثنى عليه ثناء تاما و قال ابن عدى ما ارى به بأسا فالحديث لا يسقط عن درجة الحسن و منها حديث ابن عباس قال امر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بحمزة فسجى ببردة ثم صلى عليه و كبر سبع تكبيرات ثم اتى بالقتلى فيوضعون الى حمزة فيصلى عليهم و عليه معهم حتى صلى عليه ثنتين و سبعين صلوة رواه ابن إسحاق قال حدثنى من لا اتهمه عن مقسم مولى ابن عباس عنه و فى مقدمة مسلم عن شعبة عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عنه ان النبي صلى اللّه عليه و سلم صلى على قتلى أحد فسالت الحكم فقال لم يصل عليهم قال السهيلي الحسن بن عمارة ضعيف- و قال الحافظ و روى هذا الحديث الحاكم و ابن ماجة و الطبراني و البيهقي من طريق يزيد بن زياد عن مقسم عن ابن عباس مثله قال الحافظ يزيد فيه ضعف يسير و قال ابن الجوزي قال ابن المبارك ارم به و قال البخاري منكر الحديث و قال النسائي متروك- و منها حديث ابن مسعود نحوه يعنى صلى على حمزة سبعين صلوة رواه احمد و الحديث ضعيف و قال ابن همام لا ينزل عن درجة الحسن- و منها حديث ابى مالك الغفاري أخرجه ابو داؤد فى المراسيل انه صلى اللّه عليه و سلم صلى على قتلى أحد عشرة عشرة فى كل عشرة حمزة حتى صلى عليه سبعين صلوة قال الحافظ رجاله ثقات و ابو مالك تابعي اسمه غزوان- و قد اعل الشافعي هذا الحديث بأنه متدافع لان الشهداء كانوا سبعين فاذا اتى بهم عشرة عشرة يكون قد صلى سبع صلوات و أجيب بان المراد انه صلى على سبعين نفسا و حمزة معهم كلهم و عند اجتماع هذه الأحاديث يثبت انه قد صلّى على قتلى أحد و وجه التطبيق بين ما روى انه صلى اللّه عليه و سلم لم يصل عليهم و ما روى انه صلى عليهم و انه لم يصل بنفسه الشريفة الا أول مرة على حمزة ثم امر الناس بالصلوة على كلهم و صلى على حمزة الصلاة مع كل من القتلى انه من أسند الصلاة الى النبي صلى اللّه عليه و سلم على قتلى أحد كلهم فمعناه انه امر بالصلوة فاسند اليه مجازا و من نفى عنه الصلاة فهو على الحقيقة نظرا الى الأكثر و من فصّل و قال صلى على حمزة لا غير فقد اتى بما هو الواقع و فى الباب ما رواه النسائي و الطحاوي عن شداد بن الهاد مرسلا ان رجلا من الاعراب جاء الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فامن به و اتبعه و قال أهاجر معك فاوصى به النبي صلى اللّه عليه و سلم بعض الصحابة فلما كانت غزوة غنم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فيها أشياء فقسم و قسم له الحديث و فيه فقال الاعرابى ما على هذا اتبعك و لكن اتبعك على ان ارمى هاهنا و أشار الى حلقه بسهم فاموت فادخل الجنة الحديث و فيه فاتى به النبي صلى اللّه عليه و سلم يحمل قد أصابه سهم حيث أشار فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم اهو هو قالوا نعم قال صدّق اللّه فصدقه و كفنه النبي صلى اللّه عليه و سلم فى جبته صلى اللّه عليه و سلم ثم قدمه فصلى عليه و كان مما ظهر من صلاته عليه اللّهم ان هذا عبدك خرج مهاجرا فى سبيلك فقتل شهيدا انا اشهد عليه و هذا مرسل و المرسل عندنا حجة ( (فصل)) روى البخاري و غيره عن عقبة بن عامر ان النبي صلى اللّه عليه و سلم صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين يعنى قبيل وفاته عليه السلام و حمله البيهقي على الدعاء و ليس بشى ء لان الدعاء لم يكن مرة بعد ثمانى سنة و انما هى صلوة الجنازة و قد ورد فى بعض ألفاظه خرج يوما فصلى على اهل أحد صلاته على الميت رواه الطحاوي و غيره- فان قيل الحنفية لا يجيزون الصلاة على الميت بعد ثلاثة ايام قلت انما لا يجيزون لان الميت ينفسخ فى القبر فى ثلاثة ايام و اما الشهيد فقد ثبت انه لا يأكله الأرض و هو ابدا كيوم دفنه فلا بأس بالصلوة عليه و قد صح عنه صلى اللّه عليه و سلم و اللّه اعلم- روى الفرياني و النسائي و الطبراني بسند صحيح عن ابن عباس انه قال لما رجع المشركون عن أحد قالوا لا محمدا قتلتم و لا الكواعب أردفتم بئسما صنعتم ارجعوا فسمع بذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فندب المسلمين فانتدبوا الحديث قال محمد بن عمرو لما رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من أحد يوم السبت ١٥ باتت وجوه الأوس و الخزرج على بابه خوفا من كرة العدو فلما طلع الفجر من يوم أحد ١٦ اذّن بلال و خرج ينتظر خروج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فلما خرج أخبره رجل مزنّى قول ابى سفيان حين بلغوا الروحاء ارجعوا نستأصل من بقي و صفوان بن امية يأبى ذلك عليهم و يقول يا قوم لا تفعلوا فان القوم قد حربوا و أخاف ان يجتمع عليكم من تخلف من الخزرج فارجعوا و الدولة لكم فانى لا أمن ان رجعتم ان تكون الدولة عليكم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ارشدهم صفوان و ما كان برشيد و الذي نفسى بيده لقد سومت لهم الحجارة و لو رجعوا لكانوا كامس الذاهب و دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أبا بكر و عمر فذكر لهما فقالا يا رسول اللّه اطلب العدو و لا يقمحون الاقماح رفع الراس و غمض البصر- نهايه مندوح على الذرية- فامر بلالا ان ينادى ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يأمركم بطلب عدوكم و لا يخرج معنا الا من شهد القتال أمس قال أسيد بن حضير و به تسع جراحات يريد ان يداويها لما سمع النداء سمعا و طاعة للّه و رسوله و لم يعرج على دواء جرحه و خرج من بنى سلمة أربعون جريحا بالطفيل بن النعمان ثلاثة عشر جرحا و بخراش بن الصمة عشر جراحات و بكعب بن مالك بضعة عشر جرحا و بعطية بن عامر تسع جراحات و وثب المسلمون الى سلاحهم و ما عرجوا على دواء جراحاتهم قال ابن عقبة و اتى عبد اللّه بن أبيّ فقال يا رسول اللّه انا اركب معك قال لا قال ابن إسحاق و محمد بن عمرو اتى جابر بن عبد اللّه فقال يا رسول اللّه ان مناديك نادى ان لا يخرج معنا الا من حضر القتال بالأمس و قد كنت حريصا على الحضور و لكن ابى خلفنى على أخوات لى سبع و فى لفظ تسع و قال لا ينبغى لى و لك ان نترك هذه النسوة و لا رجل معهن و لست بالذي او ثرك بالجهاد مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لعل اللّه تعالى يرزقنى الشهادة و كنت رجوتها فتخلفت عليهن فاستأثر على بالشهادة فأذن لى يا رسول اللّه أسير معك فاذن له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال جابر فلم يخرج معه أحد لم يشهد القتال بالأمس غيرى استأذنه رجال لم يحضروا القتال فابى ذلك عليهم قال ابن إسحاق و متابعوه انما خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مرهبا للعدو ليبلغهم انه خرج فى طلبهم فيظنوا بهم قوة و ان الذي أصابتهم لم يوهنهم عن عدوهم فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و معه ابو بكر و عمر و عثمان و على و طلحة و الزبير و سعد و عبد الرحمن بن عوف و عبد اللّه بن مسعود و حذيفة بن اليمان و ابو عبيدة بن الجراح فى سبعين رجلا حتى بلغوا حمراء الأسد موضع من المدينة على ثمانية أميال على يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة و حمل سعد بن عبادة ثلاثين بعيرا و ساق جزرا لتفحر فنحروا فى يوم الاثنين ٧ او يوم الثلاثاء ١٨ و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يأمرهم فى النهار بجمع الحطب فاذا امسوا أمران توقد النيران فتوقد كل رجل نارا فاوقدوا خمسمائة نار و لقى معبد الخزاعي و هو يومئذ مشرك و جزم ابو عمرو و ابن الجوزي بإسلامه- و كانت خزاعة مسلمهم و كافرهم عيبة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بتهامة صفقتهم معه لا يخفون عنه شيئا كان بها فقال يا محمد و اللّه لقد عز علينا ما أصابك من أصحابك و لوددنا ان اللّه كان قد عفاك ثم خرج من عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لقى أبا سفيان بالروحاء و قد اجمعوا للرجعة الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قالوا لقد أصبنا جلة أصحابهم و قادتهم لتكرن على بقيتهم فلنفرغنّ عنهم فلما راى ابو سفيان معبدا قال و ماوراءك قال محمد قد خرج فى أصحابه يطلبكم فى جمع لم ار مثله قط يتخرقون عليكم تخرقا قد اجتمع معه من كان تخلف عنه فى يومكم و ندموا على صنيعهم و فيهم من الخنق عليكم شى ء لم ار مثله قط قال ويلك ما تقول قال و اللّه ما أراك ترتحل حتى ترى نواصى الخيل قال فو اللّه لقد اجمعنا الكرة عليهم لنستاصل بقيتهم قال فانى و اللّه أنهاك عن ذلك فثنى ذلك مع كلام صفوان أبا سفيان و من معه وقت أكبادهم فانصرفوا سراعا خائفين من الطلب- و مر بابى سفيان ركب من عبد القيس فقال اين تريدون قالوا نريد المدينة للميرة فقال فهل أنتم مبلغون عنى محمدا رسالة و احمل لكم ابلكم هذه زبيبا بعكاظ غدا إذا و وافيتمونا قالوا نعم قال فاذا جئتموه فاخبروا انا قد اجمعنا اليه و الى أصحابه لنستأصلهم بقيتهم- و انصرف ابو سفيان الى مكة و مر الركب برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو بحمراء الأسد فاخبروه بالذي قاله ابو سفيان فقال رسول اللّه صلى اللّه حسبنا اللّه و نعم الوكيل فاقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم هناك الاثنين ١٧ و الثلاثاء ١٨ و الأربعاء ١٩ و انزل اللّه تعالى. |
﴿ ١٧١ ﴾