١٨٠

وَ لا يَحْسَبَنَّ قرا حمزة بالتاء خطابا للنبى صلى اللّه عليه و سلم او لكل من يحسب و الباقون بالياء و ضمير الفاعل راجع الى النبي صلى اللّه عليه و سلم او الى كل من يحسب و قوله الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللّه مِنْ فَضْلِهِ اى يبخلون بالزكاة مفعوله الاول بتقدير المضاف اى لا تحسبن بخل الذين ليطابق المفعولين هُوَ ضمير الفصل خَيْراً لَهُمْ مفعوله الثاني و جاز ان يكون الموصول فاعلا للفعل على قراءة الجمهور و المفعول الاول محذوفا و جاز ان يكون الضمير المرفوع اعنى هو هو المفعول الاول وضع موضع الضمير المنصوب و المعنى على التقديرين لا يحسبن الذين يبخلون بالزكاة بخلهم خيرا لهم او إيتاء اللّه المال خيرا لهم او ما أتاهم اللّه خيرا لهم و هذا التقدير أوفق بقوله تعالى سيطوّقون ما بخلوا به بَلْ هُوَ يعنى البخل او إيتاء اللّه المال او ما أتاهم اللّه شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ

ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ نزلت الاية فى ما نعى الزكوة كذا قال ابن مسعود و ابن عباس و ابو وائل و الشعبي و السدىّ- عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من أتاه اللّه مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله يوم القيامة شجاعا اقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم تأخذ بلهزمتيه يعنى شدقيه ثم يقول انا مالك انا كنزك ثم تلا وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ الاية رواه البخاري- و عن ابى ذر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال ما من رجل يكون له ابل او بقر او غنم لا يؤدى حقها الا اتى بها يوم القيامة أعظم ما يكون و أسمنه تطاه بأخفافها و تنطحه بقرونها كلما جاءت أخراها ردت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس متفق عليه- و روى عطية عن ابن عباس ان هذه الاية نزلت فى أحبار اليهود كتموا صفة محمد صلى اللّه عليه و سلم و نبوته و أراد بالبخل كتمان العلم و بقوله سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ انهم يحملون أوزارهم و اثامهم وَ للّه مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يعنى انه الباقي بعد فناء خلقه و هم يموتون و يتركون الأموال فيعطى أموالهم لمن يشاء من ورثتهم او من غيرهم و يبقى عليهم الحسرة و العقوبة فمالهم يبخلون و لا ينفقون أموالهم فى سبيل اللّه وَ اللّه بِما تَعْمَلُونَ قرا ابن كثير و ابو عمرو بالياء للغيبة و الضمير راجع الى الذين يبخلون و الباقون بالتاء خطابا للناس أجمعين او للذين يبخلون على الالتفات خَبِيرٌ (١٨٠) فيجازى عليه- اخرج محمد بن إسحاق و ابن جرير و ابن ابى حاتم عن ابن عباس انه كتب النبي صلى اللّه عليه و سلم مع ابى بكر الصديق رضى اللّه عنه الى يهود بنى قينقاع يدعوهم الى الإسلام و اقام الصلاة و إيتاء الزكوة و ان يقرضوا اللّه قرضا حسنا فدخل ابو بكر ذات يوم بيت مدارسهم فوجد ناسا كثيرا من اليهود قد اجتمعوا الى رجل منهم يقال له فخاص بن عازورا و كان من علمائهم و معه حبر اخر يقال له اشيع فقال ابو بكر لفخاص اتق اللّه و اسلم فو اللّه انك لتعلم ان محمدا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد جاءكم بالحق من عند اللّه تجدونه مكتوبا عندكم فى التورية فامن و صدق و اقرض اللّه قرضا حسنا يدخلك الجنة و يضاعف لك الثواب فقال فخاص يا أبا بكر تزعم ان ربنا يستقرض أموالنا و ما يستقرض الا الفقير من الغنى فان كان ما تقول حقا فان اللّه إذا لفقير و نحن اغنياء و انه ينهاكم عن الربوا و يعطينا و لو كان غنيا ما أعطانا الربوا فغضب ابو بكر و ضرب وجه فخاص ضربة شديدة و قال و الذي نفسى بيده لو لا العهد بيننا و بينك لضربت عنقك يا عدو اللّه فذهب فخاص الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال يا محمد انظر ما صنع بي صاحبك فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لابى بكر ما حملك على ما صنعت فقال يا رسول اللّه ان عدو اللّه قال قولا عظيما زعم ان اللّه فقير و انهم اغنياء فغضبت للّه و ضربت وجهه فجحد ذلك فخاص فانزل اللّه تعالى ردا على فخاص و تصديقا لابى بكر.

﴿ ١٨٠