١٨٥

كُلُّ نَفْسٍ مؤمنة او فاجرة ذائِقَةُ الْمَوْتِ

قال البغوي فى الحديث انه لمّا خلق اللّه آدم اشتكت الأرض الى ربها لما أخذ منها فوعدها ان يرد فيها ما أخذ منها فما من أحد الا و يدفن فى التربة التي خلق منها و الحاصل انه ليست الحيوة الدنيا و نعماؤها جزاء للطاعات وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ اى جزاء أعمالكم يَوْمَ الْقِيامَةِ ان خيرا فخيرا و ان شرا فشرا فاجازيك على الصبر و الطاعة و أجازي الكفار على تكذيب الحق- و هذه الاية ايضا تسلية للنبى صلى اللّه عليه و سلم- و لفظا التوفية يشعر بانه قد يكون بعض الأجور قبلها قال اللّه تعالى و آتيناه يعنى ابراهيم أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ- و عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم القبر روضة من رياض الجنة او حفرة من حقر النار رواه الترمذي و رواه الطبراني فى الأوسط عن ابى هريرة فَمَنْ زُحْزِحَ اى ابعد عَنِ النَّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ اى ظفر بالمطلوب و نال المراد وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا اى العيش فيها إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ (١٨٥) المتاع ما يتمتع و ينتفع به و الغرور اما مصدر من غرّه يغرّه غرا و غرورا فهو مغرور و غرّه اى خدعه و أطمعه بالباطل او جمع غار شبه الدنيا بالمتاع الذي يدلس به البايع على المستام و يغرّه حتى يشتريه يعنى «١» متاعا نظرا الى الظاهر و لا حقيقة لها و ذلك لان لذاتها مشوبة بالمكاره و الالام و مع ذلك لا بقاء لها كالاحلام- قال قتادة هى متاع متروكة يوشك ان تضمحل باهلها فخذوا من هذا المتاع بطاعة اللّه ما استطعتم و الغرور الباطل و قال الحسن هى كخضر النبات و لعب النبات لا حاصل له عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول اللّه عز و جل اعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رات و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر فاقرءوا ان شئتم فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ و ان فى الجنة لشجرة يسير الراكب فى ظلها مائة عام لا يقطعها و اقرءوا ان شئتم و ظلّ ممدود و لموضع سوط من الجنة خير من الدنيا و ما فيها و اقرءوا ان شئتم فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ رواه البغوي بسنده و الفصل الاول متفق عليه عنه و كذا الفصل الثاني و الثالث فى الصحيحين غير قوله اقرءوا ان شئتم ظلّ ممدود اقرءوا ان شئتم فمن زحزح الاية-.

(١) فى الأصل متاع.

﴿ ١٨٥