١٤ وَ مَنْ يَعْصِ اللّه وَ رَسُولَهُ وَ يَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَ لَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٤) قرا نافع و ابن عامر ندخله فى الموضعين بالنون على التكلم و الباقون بالياء على الغيبة و أفرد الضمير فى يدخله فى الموضعين نظرا الى الفظة من و خالدين و خالدا منصوبان على الحال و جمعه مرة و افراده اخرى نظرا الى لفظة من و معناه و لا يجوز ان يكون خالدا صفة لنار و الّا لوجب إبراز الضمير لكونه جاريا على غير من هو له و اللّه اعلم و يذكر حكم بنى الأعيان و العملات فى اخر السورة و لنذكر هاهنا ما بقي من مسائل الفرائض اشباعا للمقام- (مسئلة) اجمعوا على انه إذا ازدادت الفرائض على سهام التركة دخل النقص على كل واحد منهم على قدر حصّته و تسمى المسألة عائلة اى مائلة عن مساوات التركة الأسهم بالتعارض و عدم الترجيح و بالقياس على الديون إذا زادت على التركة و قد انعقد عليه الإجماع فى زمن عمر رضى اللّه عنه حين ماتت امراة عن زوج و أختين فجمع الصحابة فاستشارهم فقال ارايت لو مات رجل و ترك ستة دراهم و عليه لرجل ثلاثة و لرجل اربعة أ ليس جعل المال سبعة اجزاء فاخذت الصحابة بقوله رضى اللّه عنهم ثم خالف ابن عباس بعد موت عمر فانكره فقيل له الا قلت ذلك فى حضرة عمر فقال هيبة و كان مهيبا فقيل له رأيك مع الجماعة احبّ إلينا من رأيك منفردا روى البيهقي عن ابن عباس فقال ترون الذي احصى رمل عالج عددا يجعل فى مال نصفا و نصفا و ثلثا إذا ذهب نصف و نصف بالمال فاين موضع الثلث فقيل له من اوّل من عال الفرائض قال عمر و ذكر القصّة قال ابن عباس و ايم اللّه لو قدم من قدم اللّه و اخر من اخر ما عالت فريضة و كذا اخرج الحاكم و فى رواية و ايها قدم اللّه قال كل فريضة لم يهبطها اللّه عن فريضة الا الى فريضة فهذا ما قدم اللّه و كل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها الا ما بقي فتلك التي اخر اللّه فالذى قدم كالزوجين و الام و الذي اخر كالاخوات و البنات فاذا اجتمع من قدم اللّه و من اخر بدئ بمن قدم فاعطى حقه كاملا فان بقي شى ء كان لهن و ان لم يبق شى ء فلا شى ء لهن و تبع ابن عباس فى هذا القول محمّد بن الحنفية- (مسئلة) اجمعوا على ان ما ابقته اصحاب الفرائض فهو لاولى رجل ذكر لما مر من الحديث و يسمى ذلك الرجل عصبة و يرث ذلك الرجل جميع المال عند عدم ذى فرض و أقربهم الى الميت الابن ثم ابنه و ان سفل ثم الأب ثم أبوه و ان علا ثم الأخ لاب و أم ثم الأخ لاب ثم ابن الأخ لاب و أم ثم ابن الأخ لاب و هكذا حكم من سفل منهما ثم العم لاب و أم ثم لاب ثم ابنهما هكذا و ان سفل كل منهما ثم عمّ الأب هكذا لاب و أم ثم لاب ثم ابناهما و ان سفل هكذا و هكذا أعمام الأجداد الى ما لا نهاية لها عن على قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اعيان بنى الأب و الام يتوارثون دون بنى العلات يرث الرجل اخوه لابيه و امه دون أخيه لابيه رواه الترمذي و ابن ماجة و الحاكم و لا خلاف فى هذا الا ما مرّ الخلاف فى مقاسمة الاخوة للجد (مسئلة) اجمعوا على ان من حظه النصف و الثلثان من النساء تصير عصبة مع أخيها لقوله تعالى لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فى الأولاد و الاخوة و من ليس باهل فرض من النساء و اخوه عصبة لا تصير عصبة كالعمة و بنت الأخ- (مسئلة) و اخر العصبات مولى العتاقة بالإجماع روى البيهقي و عبد الرزاق انّ رجلا اتى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم برجل فقال انى اشتريته و أعتقته فما امر ميراثه فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم ان ترك عصبة فالعصبة أحق و الا فالولاء لك و فى الصحيحين انما الولاء لمن أعتق ثم عصبات مولى العتاقة و لا ولاء للنساء الا ما اعتقن او أعتق من اعتقن روى النسائي و ابن ماجة من حديث ابنة حمزة ان ابنة حمزة اعتقت فمات مولاها و ترك ابنته و مولاته يعنى ابنة حمزة فاعطى النبي صلى اللّه عليه و سلم ابنته النصف و لابنة حمزة النصف و روى الدارقطني و الطحاوي هذا الحديث مرسلا و قال البيهقي اتفق الرواة على ان ابنة حمزة هى المعتقة دون أبيها و فى الباب عن ابن عباس رواه الدارقطني- (مسئلة) و ان بقي شى ء من اصحاب الفرائض و ليست للميت عصبة يردّ ذلك على اصحاب الفرائض بقدر حصصهم غير الزوجين عند ابى حنيفة و احمد و قال مالك و الشافعي لا يرد و الباقي لبيت المال و افتى المتأخرون من اصحاب الشافعي بالرد على اصحاب الفرائض لعدم انتظام أم بيت المال نقل القاضي عبد الوهاب المالكي عن ابى الحسن ان الصحيح عن عثمان و على و ابن عباس و ابن مسعود انهم كانوا لا يورثون ذوى الأرحام و لا يردون على أحد من اصحاب الفرائض و روى الطحاوي بسنده عن ابراهيم قال عمر و عبد اللّه يورثان الأرحام قال الراوي قلت أ فكان على يفعل ذلك قال كان أشدهم فى ذلك و روى بسنده من طريقين عن سويد بن غفلة ان رجلا مات و ترك ابنة و امراة و مولاة قال سويد انى لجالس عند على إذ جاءه مثل هذه الفريضة فاعطى ابنته النصف و امرأته الثمن ثم رد ما بقي على ابنته و لم يعط المولى شيئا و روى عن ابى جعفر من طريقين كان على رضى اللّه عنه يرد بقية المواريث على ذوى السهام من ذوى الأرحام و روى الطحاوي بسنده عن مسروق قال اتى عبد اللّه فى اخوة لام دام فاعطى الاخوة الثلث و اعطى الام سائر المال و قال الام عصبة من لا عصبة له و كان لا يرد على اخوة لام مع الام و لا على ابنة ابن مع ابنة الصلب و لا على أخوات لاب مع اخت لاب و أم و لا على امراة و لا على جدة و لا على زوج قال الطحاوي النظر عندنا ما ذهب اليه على رضى اللّه عنه دون ما ذهب اليه ابن مسعود رض ان يكون ذوو الفروض فيما يرد عليهم من فصول المواريث كذلك و ان لا يقدم من قرب رحمه على من كان ابعد رحما من الميت بل يقسم بقدر حصصهم لانا قد راينا فى فرائضهم التي فرض لهم قد ورثوا جميعا بارحام مختلفة و لم يكن بعضهم بقرب رحمه اولى بالميراث ممن بعد رحمه و هذا هو قول ابى حنيفة و ابى يوسف و محمد (مسئلة) اجمعوا على انه عند اجتماع جهتى فرض و تعصيب يعتبر الجهتان «١» جميعا فاذا ماتت عن أبناء عم ثلاثة أحدهم أخ لام لها و الاخر زوج لها يعطى السدس لاحدهم بالاخوة و النصف للثانى بالزوجية و الباقي بين الثلاثة بالعصبية و يصح المسألة من ثمانية عشر خمسة منها للاول واحد عشر للثانى و اثنان للثالث و اختلفوا فيما إذا اجتمع جهتا فرض فقال مالك و الشافعي يرث باقواهما فقط و عند ابى حنيفة و احمد يرث بهما جميعا و ذا لا يتصوّر الا فى مجوسى نكح المحارم ثم اسلم او مسلم وطى بشبهة و ذلك كام هى اخت لاب بان نكح المجوسي بنته فولدت بنتا ثم نكح البنت الثانية فولدت ولدا فللولد الثالث الثانية امه و أخته لاب و الاولى جدته و أخته لاب- (مسئلة) اختلفوا فى ميراث ذوى الأرحام سوى اصحاب الفروض و العصبات بعد إجماعهم على عدم توريثهم مع أحد من اصحاب الفروض سوى الزوجين واحد من العصبات الّا ما روى عن سعيد بن المسيّب ان الخال يرث مع البنت فذهب ابو حنيفة و احمد الى توريثهم و حكى عن على و ابن مسعود و ابن عباس و ذهب مالك و الشافعي الى عدم توريثهم و يكون المال لبيت المال قالوا حكى ذلك عن ابى بكر و عمر و عثمان و زيد و الزهري و الأوزاعي و افتى المتأخرون من الشافعية بتوريثهم لعدم انتظام امر بيت المال و الحجة لنا فى توريث ذوى الأرحام قوله تعالى وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّه و قد ذكر البغوي عن ابى بكر انه قال فى خطبته انها نزلت فى اولى الأرحام (١) فى الأصل الجهتين-. بعضها اولى ببعض، قالوا لا دليل لكم فى هذه الاية لان الناس كانوا يتوارثون بالتبني كما تبنى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم زيد بن حارثة و كانوا يتعاقدون فى الجاهلية على ان الرجل يرث الرجل فانزل اللّه تعالى وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّه دفعا لذلك و ردّا للمواريث الى ذوى الأرحام و قال ادعوهم لابائهم هو اقسط عند اللّه و المراد باولى الأرحام فى الاية هم العصبات و اصحاب الفروض قلنا على تقدير تسليم نزول الاية لذلك العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب و اللفظ عام شامل لاصحاب الفروض و العصبات و غيرهم و لنا من الأحاديث حديث امامة بن سهل ان رجلا رمى بسهم فقتله و ليس له وارث إلا خال فكتب فى ذلك ابو عبيدة الى عمر فكتب عمر ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال الخال وارث من لا وارث له رواه احمد و البزار و روى الطحاوي بلفظ اللّه و رسوله مولى من لا مولى له و الخال وارث من لا وارث له و حديث المقدام بن معد يكرب عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انه قال الخال وارث من لا وارث له يرثه و يعقل عنه رواه احمد و ابو داود و النسائي و ابن ماجة و الحاكم و صححه و ابن حبان و حكى ابن ابى حاتم عن ابى زرعة انه حديث حسن و أعله البيهقي بالاضطراب و رواه الطحاوي بلفظ من ترك ما لا فلورثته و انا وارث من لا وارث له اعقل عنه وارثه و الخال وارث من لا وارث له يعقل عنه و يرثه و فى رواية مثله الا انه قال أرثه و افك عنانه و الخال وارث من لا وارث له يرث ما له يفك عنانه قلت معنى قوله عليه السلام انا وارث من لا وارث له ان من لا وارث له فما له لبيت المال و النبي صلى اللّه عليه و سلم كان متوليا لبيت المال و حديث عائشة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال الخال وارث من لا وارث له رواه الترمذي و النسائي و الطحاوي و أعله النسائي بالاضطراب و رجح الدارقطني و البيهقي وقفه و حديث واسع بن حبان قال توفى ثابت بن الدحداح و كان أتيا و هو الذي ليس له اصل يعرف فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لعاصم بن عدى هل تعرفون له فيكم نسبا قال لا يا رسول اللّه فدعى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أبا لبابة بن المنذر ابن أخته فاعطاه ميراثه، رواه الطحاوي و روى الطحاوي اثار عمر بن الخطّاب انه جعل فى العمة و الخالة الثلثين للعمة و و الثلث للخالة الثلثان لقرابة الأب و الثلث لقرابة الام، احتجوا بحديث ابى هريرة قال سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن ميراث العمة و الخالة قال لا أدرى حتى يأتينا جبريل ثم قال اين السّائل عن ميراث العمة و الخالة قال فاتى الرجل فقال سارنى جبرئيل لا شى ء لهما، رواه الدارقطني و الحديث ضعيف قال الدارقطني لم يسنده غير مسعدة عن محمّد بن عمرو و هو ضعيف و ضاع للحديث و الصواب مرسل و قال احمد بن حنبل حرقنا حديثه و رواه الحاكم من حديث عبد اللّه بن دينار عن ابن عمر و صححه و فى اسناده عبد اللّه بن جعفر المدني و هو ضعيف و روى الحاكم له شاهدا من حديث شريك بن عبد اللّه ان الحارث بن ابى عبيد أخبره ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سئل عن ميراث العمة و الخالة فذكره و فيه سليمان بن داؤد متروك و أخرجه الدارقطني من وجه اخر غير شريك مرسلا و حديث زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار ان رجلا من الأنصار جاء الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال يا رسول اللّه رجل هلك و ترك عمته و خالته فسال النبي صلى اللّه عليه و سلم و هو واقف على حماره فوقف ثم رفع يديه و قال اللّهم رجل هلك و ترك عمته و خالته فيسئله الرجل و يفعل النبي صلى اللّه عليه و سلم ذلك ثلاث مرات ثم قال لا شى ء لهما رواه الطحاوي بطرق و الدارقطني و النسائي و الحديث مرسل و رواه ابو داود فى المراسيل و وصله الحاكم فى المستدرك بذكر ابى سعيد و فى اسناده ضعف و وصله الطبراني فى الصغير ايضا من حديث ابى سعيد فى ترجمة محمد بن الحرث المخزومي و ليس فى الاسناد من ينظر فى حاله غيره و وجه التطبيق بين الأحاديث ان النبي صلى اللّه عليه و سلم سئل اوّلا عن ميراث العمة و الخالة و ذلك قبل نزول قوله تعالى وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ و حينئذ لم ينزل عليه شى ء فى ذلك فقال لا شى ء لهما ثم نزل توريث ذوى الأرحام فحينئذ قال الخال وارث من لا وارث له و اللّه اعلم- (مسئلة) اصناف ذوى الأرحام اربعة (١) فروع الميت (٢) و أصوله (٣) و فروع أصله القريب (٤) و فروع أصله البعيد فيحجب الاوّل الثاني و الثاني الثالث و الثالث الرابع و يحجب الأقرب من كل صنف الأبعد و عند الاستواء من يدنى بوارث يحجب من يدنى بذي رحم و يعتبر فى فروع الاخوة و الأخوات و الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات قوة القرابة ان كان حيّز قرابتهم واحدة فبنت العم لابوين اولى من بنت العم لاب و عند اختلاف حيز قرابتهم لا اعتبار لقوة القرابة كعمة لاب و خالة لاب و أم لا يحجب أحدهما صاحبته يعطى الثلثان لقرابة الأب و الثلث لقرابة الام روى الطحاوي عن عمر كما ذكرنا و من له جهتا قرابة يتضاعف حظه و يقسم المال فى ذوى الأرحام باعتبار أبدانهم عند ابى حنيفة و ابى يوسف و الحسن و عند محمد يعتبر عدد أبدانهم و صفة من يدنى بهم الى الميّت و تفصيل الكلام يقتضى بسطا لا يسعه المقام- (مسئلة) اجمعوا على ان القتل عمدا مانع من الإرث و كذا القتل خطأ عند الثلاثة و قال مالك يرث من المال القاتل خطأ دون الدية لنا عموم قوله صلى اللّه عليه و سلم القاتل لا يرث رواه الترمذي و ابن ماجة من حديث ابى هريرة و فيه إسحاق بن عبد اللّه الهروي متروك الحديث و روى النسائي و الدارقطني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نحوه و البيهقي و الدارقطني من حديث ابن عباس نحوه احتج مالك بحديث عبد اللّه بن عمر ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم فتح مكة قال لا يتوارث اهل ملتين و المرأة ترث من دية زوجها و ماله و هو يرث من ديتها و مالها ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمدا فان قتل أحدهما صاحبه عمدا لم يرث من ديته رواه الدارقطني و فيه الحسن بن صالح مجروح و بحديث هشام بن عروة عن أبيه ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال الرجل يقتل وليه خطأ انه يرث من ماله و لا يرث من ديته و فيه مسلم بن على قال يحيى ليس بشى ء و قال الدارقطني متروك و رواه الدارقطني من حديث سعيد بن المسيب مرسلا لا يرث قاتل عمد و لا خطأ من الدية رواه ابو داود قلنا هذه الأحاديث لا تدل على ميراث القاتل خطأ الا بالمفهوم و المفهوم ليس بحجة عندنا ثم هو يخالف الأصول و هو الميراث فى بعض التركة (مسئلة) اجمعوا على ان المسلم لا يرث الكافر و لا الكافر المسلم لقوله عليه السلام لا يرث المسلم الكافر و لا الكافر المسلم رواه الشيخان و اصحاب السنن الاربعة من حديث اسامة بن زيد و حكى عن معاذ و ابن المسيب و النخعي انه يرث المسلم الكافر و لا عكس كما يتزوج المسلم الكتابية من غير عكس و استثنى احمد من هذا الحكم أمرين أحدهما ان المسلم يرث عنده من معتقه الكافر بالولاء محتجا بحديث جابر مرفوعا لا يرث المسلم النصراني الا ان يكون عبده او أمته رواه الدارقطني و قال الدارقطني روى موقوفا و هو المحفوظ قلنا المراد بالعبد و الامة الماذونان فى التجارة فان مالهما مال المولى اطلق عليه الميراث مجازا و امّا المعتق فليس بعبد، و ثانيهما انه إذا كان للميّت المسلم أقارب كفّارا فاسلموا قبل قسمة التركة فعنده يستحقون الميراث و فى رواية عنه لا يستحقون كمذهب الجمهور احتج احمد بحديث ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كل قسم قسّم فى الجاهلية فهو على ما قسّم و كل قسم أدركه الإسلام فانه على قسم الإسلام رواه ابو داود و حديث ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما كان من ميراث قسّم فى الجاهلية فهو على قسمة الجاهلية و ما كان من ميراث أدركه الإسلام فهو على قسمة الإسلام رواه ابن ماجة و ليس فى الحديثين حجة فان المعنى يقسم فى الإسلام على فرائض اللّه لا على نسق الجاهلية و كذا لا حجة لهم فيما يحتجون به من حديث عروة بن الزبير قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من اسلم على شى ء فهو له رواه ابن الجوزي- (مسئلة) يرث النصراني اليهودي و بالعكس كذا كل اهل ملتين من الكفر عند ابى حنيفة و الشافعي لان الكفر ملة واحدة و الأصل هو الميراث و قال مالك و احمد لا يرث لقوله صلى اللّه عليه و سلم لا يتوارث اهل ملتين شتى رواه احمد و النسائي و ابو داود و ابن ماجة و الدارقطني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده و فيه يعقوب بن عطاء ضعيف و رواه ابن حبان من حديث ابن عمر فى حديث و رواه الترمذي و استغربه من حديث جابر و فيه ابن ابى ليلى ضعيف و أخرجه البزار من حديث ابى هريرة بلفظ لا يرث ملّة من ملّة و فيه عمرو بن راشد و هو لين الحديث و رواه النسائي و الحاكم و الدارقطني بهذا اللفظ من حديث اسامة بن زيد قال الدارقطني هذا اللفظ فى حديث اسامة غير محفوظ و وهم عبد الحق فعزاه الى مسلم و رواه البيهقي من حديث اسامة بلفظ لا يرث المسلم الكافر و لا الكافر المسلم و لا يتوارث اهل ملتين و فى اسناده الخليل ابن مرة ضعيف ثم المراد بالملتين هو الإسلام و الكفر و اللّه اعلم (مسئلة) اجمعوا على ان الأنبياء لا يورثون و ان ما تركوه صدقة يصرف فى مصالح المسلمين و لم يخالف فى هذه المسألة الا الشيعة و هم يطعنون على خير البرية بعد الأنبياء ابى بكر الصديق رضى اللّه عنه انه منع فاطمة عن ميراث أبيها و احتج بحديث تفرد بروايته قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة و ترك بهذا الحديث و هو من الآحاد قوله تعالى يُوصِيكُمُ اللّه الاية مع ان هذا الحديث يعارض قوله تعالى وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ و قوله تعالى حكاية عن زكريا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ قاتلهم اللّه انى يوفكون الم يعلموا ان الحديث و ان كان بالنسبة إلينا من الآحاد لكنه فى حق الصديق الذي سمع بأذنه من فىّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان فوق المتواتر لان المحسوسات فوق المتواترات على ان ما قالوا ان الحديث تفرد بروايته ابو بكر باطل بل رواه جماعة من الصحابة منهم خذيفة بن اليمان و ابو الدرداء و عائشة و ابو هريرة و روى البخاري ان عمر رضى اللّه عنه قال بمحضر من الصحابة منهم على و عباس و عبد الرحمن بن عوف و زبير بن العوام و سعد بن ابى وقاص أنشدكم باللّه الذي باذنه تقوم السّماء و الأرض أ تعلمون ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لا نورث ما تركناه صدقة يريد بذلك نفسه قالوا اللّهم نعم ثم اقبل على على و عباس فقال أنشدكما باللّه هل تعلمان ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ذلك قالا اللّهم نعم الحديث و قد صح روايات هؤلاء الصحابة فى كتب الحديث فى مسانيدهم فالحديث المذكور بالنسبة إلينا ايضا يبلغ درجة الشهرة و تلقته الامة بالقبول و اجمعوا عليه و قد ورد ما يؤيد ذلك فى كتب الشيعة ايضا روى محمد بن يعقوب الرازي فى الكافي عن ابى البختري عن ابى عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام انه قال العلماء ورثة الأنبياء و ذلك ان الأنبياء لم يورثوا درهما و لا دينارا و انما أورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشى ء منها فقد أخذ بحظ وافر و كلمة انما عندهم للحصر و قوله تعالى وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ المراد به ميراث العلم كما يدل عليه الاية حيث قال و ورث سليمان داود و قال يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ فان قوله علمنا بيان لذلك الميراث و كذا قوله تعالى يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ المراد به ميراث العلم إذ لا يمكن ان يرث يحيى بن زكريا من جميع ال يعقوب ميراث المال و انما هو ميراث العلم و اللّه اعلم. |
﴿ ١٤ ﴾