٩٢ وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً الاية و اخرج نحوه عن مجاهد و السدى و اخرج ابن إسحاق و ابو يعلى و الحارث بن ابى اسامة و ابو مسلم الكحى عن القاسم بن محمد نحوه و اخرج ابن ابى حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه و معنى الاية ما كان لمؤمن من حيث انه مؤمن اى ما وقع له و لا يقع عنه و لا يوجد و لا يحصل على يديه ان يقتل مؤمنا بغير حق فان ذلك من أعظم محظورات دينه و إيمانه مانع عنه فهو اخبار بعدم صدور قتل المؤمن من المؤمن و المقصود منه المبالغة كانه نزل ايمان من قتل مؤمنا متعمدا لكمال نقصانه منزلة العدم و هو المعنى من قوله صلى اللّه عليه و سلم لا يقتل حين يقتل و هو مؤمن رواه البخاري عن ابن عباس مرفوعا و فى الصحاح ان الشي ء إذا كان وصفا لازما لشى ء قليل الانفكاك عنه يستعمل هناك كان كما فى قوله تعالى كانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً ...، كانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً قلت فعلى هذا إذا كان الشي ء منفكا عنه غالبا نادر الحصول او عديم الحصول يستعمل هناك ما كان كما فى قوله تعالى وَ ما كانَ اللّه لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ مع ان اللّه تعالى عذبهم يوم أحد بالقتل و الهزيمة حين اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا من مخالفة امر النبي صلى اللّه عليه و سلم و قيل هو نفى و معناه النهى كما فى قوله تعالى ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّه وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِلَّا خَطَأً منصوب على الحالية او العلية او المصدرية يعنى كائنا على اىّ حال الا خاطئا او لاجل شى ء الا للخطأ او قتلا الا قتلا خطأ فالاستثناء مفرغ و جاز ان يكون استثناء من قوله لمؤمن، لا يقال المختار حينئذ الجرّ مع ان القراء اتفقوا على النصب لان المختار مع الفصل الكثير بين المستثنى و المستثنى منه النصب على الاستثناء صرح به الشهيد و وافقه الرضى و جاز ان يكون الاستثناء منقطعا لان قوله ان يقتل يدل على قتل العمد كما هو شأن الافعال الاختيارية فقتل الخطأ غير داخل فيما سبق و المعنى لكن ان قتله خطأ فجزاؤه كذلك وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً اعلم ان القتل نوعان قتل عمد و قتل خطأ و قد ذكرنا تفسير العمد على اختلاف الأقوال و حكمه من القصاص و وجوب المال و كيفية القصاص فى سورة البقرة فى تفسير قوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ، بقي الكلام هناك فى انه هل تجب الكفارة فى قتل العمد أم لا فقال ابو حنيفة و مالك لا تجب و قال الشافعي تجب و عن احمد روايتان كالمذهبين قال الشافعي وجبت الكفارة فى القتل خطأ بهذه الاية فتجب بالقتل عمدا بالطريق الاولى و عن واثلة بن الأسقع قال اتينا النبي صلى اللّه عليه و سلم فى صاحب لنا قد استوجب النار بالقتل فقال أعتقوا عنه رقبة يعتق لكل عضو منه عضوا منه من النار كذا ذكره الرافعي قلنا الحديث رواه احمد و ابو داود و النسائي و ابن حبان و الحاكم و لفظهم قد استوجب فقط و لم يقولوا النار بالقتل فلا حجة فيه و دلالة النصّ ممنوع لان القتل عمدا كبيرة محضة لا يمكن الطهارة عنه بالكفارة و لو كان كذلك لا نفتح باب القتل عمدا بخلاف الخطأ فانه دائر بين العصيان بترك الحزم و إتيان المباح فيمكن الطهارة منه بامر دائر بين العبادة و العقوبة و هذا هو الفرق بين اليمين الغموس و المنعقدة فى وجوب الكفارة فى الثاني دون الاول عندنا «١» و امّا القتل خطأ فعلى اقسام أحدها شبيه العمد و اختلفوا فى تفسيره فقال ابو حنيفة هو القتل عمدا بما ليس موضوعا للقتل و قال ابو يوسف و محمد هو القتل عمدا بما يلبث غالبا و قال الشافعي هو ضربه عمدا ضربا لا يموت به غالبا فمات فمن ضرب سوطا او سوطين عمدا فمات فهو شبيه العمد بالاتفاق و من ضرب بسوط صغير و والى حتى مات فهو عمد عند الشافعي و شبيه بالعمد عند ابى حنيفة و صاحبيه و من ضرب بحجر عظيم او خشبة عظيمة لا تلبث غالبا فهو عمد عند الكل و شبيه بالعمد عند ابى حنيفة قال ابو حنيفة لا قصاص و لو رماه بابا قبيس و ما هو شبيه بالعمد فى النفس فهو عمد فيما دون (١) و لنا ايضا على عدم الكفارة فى القتل عمدا و اليمين الغموس ما رواه ابن ابى شبية و البخاري و مسلم و الترمذي و النسائي و ابن ماجة عن ابن مسعود قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من لقى اللّه لا يشرك به شيئا وادي ركوة ماله طيبة نفسه محتسبا و سمع و أطاع فله الجنة و خمس ليس لهن كفارة قتل النفس بغير حق و بهت مؤمن و الفرار من الزحف و يمين صابرة يقطع بها ما لا بغير حق منه رحمه اللّه. النفس اجماعا احتج ابو حنيفة بقوله صلى اللّه عليه و سلم الا ان قتل الخطأ شبه العمد قتل السوط و العصا و سيأتى وجه الاحتجاج ان السوط و العصا يعم الصغير و الكبير قال الجمهور العصا لا يطلق الا على الصغير عرفا و اللّه اعلم، و ثانى انواع الخطأ ما اخطأ فى القصد و هو ان يرمى شخصا يظنه صيدا فاذا هو آدمي او حربيّا فاذا هو مسلم و ثالثها ما اخطأ فى الفعل و هو ان يرمى غرضا فاصاب مؤمنا، رابعها ما اجرى مجرى الخطأ مثل النّائم ينقلب على رجل مؤمن فقتله خامسها القتل بالتسبيب كحافر بئر و واضع حجر فى غير ملكه و حكم جميع الاقسام المذكورة وجوب الدية على العاقلة اجماعا لانه قتل لم يجب فيه القصاص فوجب الدية تحرّزا عن اهدار دم معصوم و ايضا حكم جميعها وجوب الكفارة على القاتل و حرمانه عن الإرث اجماعا الا عند ابى حنيفة فى القتل بالتّسبيب لانه ليس بقتل حقيقة لانه تصرف فى الجثة و لم يوجد و انما وجد التصرف فى محل اخر و وجه قول الجمهور ان الشرع أنزله قاتلا حتى وجبت الدية اجماعا فعموم قوله تعالى وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ يقتضى وجوب الكفارة ايضا كيف و مقتضى الاية ان الدية قد يجب فى القتل و قد لا يجب بخلاف الكفارة فانه يجب لا محالة و ايضا الكفارة لدفع الإثم فالقول بوجوب الكفارة على النائم إذا انقلب على رجل فقتله مع انه صلى اللّه عليه و سلم قال رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى استيقظ الحديث و عدم وجوبها على من حفر بيرا فى غير ملكه ظلما حتى مات بالوقوع فيه مؤمن غير مرضى (مسئلة:) و فى رواية عن ابى حنيفة لا يجب الكفارة فى الشبيه بالعمد ذكر فى الكفاية شرح الهداية انه قال الجرجاني وحدت رواية عن أصحابنا ان الكفارة لا يجب فى شبه العمد، قلت و هذا هو الأظهر لان القصاص انما سقط هناك بشبهة من جهة الآلة و اما المعصية فكمالها انما يبتنى على القصد فى قتل المؤمن فاذا كان بالقصد فهو كبيرة محضة بل أقبح من القتل بالسّيف الا ترى انه لا يجوز قتل من وجب قتله بالقصاص الا بالسّيف قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان اللّه كتب الإحسان على كل شى ء فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة و إذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة و ليحد شفرته و ليرح ذبيحته رواه احمد و مسلم و اصحاب السنن الاربعة من حديث شدّاد بن أوس و قوله تحرير رقبة خبر مبتدا محذوف تقديره فجزاؤه تحرير رقبة واجب على القاتل و التحرير الاعتاق و الحر العتيق الكريم من الشي ء، قال فى القاموس الحر خيار كل شى ء سمى به لان الكرم و الخير فى الأحرار و الرقبة عبر بها عن النسمة كما عبر عنها بالرأس و تحرير الرقبة يقتضى ان يكون كاملا فى الرقبة فلا يجوز اعتاق أم الولد حيث استحقت العتق و لا يجوز بيعها قال عليه السلام أعتقها ولدها و كذا لا يجوز اعتاق المدبّر عند ابى حنيفة و يجوز عند الشافعي حيث لا يجوز بيعه عند ابى حنيفة و يجوز عند الشافعي و يجوز اعتاق المكاتب ما لم يؤد شيئا عند ابى حنيفة لان الكتابة يحتمل الفسخ برضائهما و لا يجوز عند الشافعي كما لا يجوز عتق من ادى بعض مكاتبته اتفاقا و لا يجوز اعتاق المجنون و الأعمى و الأخرس و الاصمّ الذي لا يسمع أصلا و مقطوع اليدين او الرجلين او يد و رجل من جانب واحد لان فائت جنس المنفعة كالهالكة معنى و يجوز اعتاق مقطوع أحد اليدين واحد الرجلين من خلاف و الأعور و الأعمش و الأبرص و الارمد لانه ناقص المنفعة لا فائدة به و يجوز اعتاق العنين و الحصى و المجبوب لان منفعة النسل زائد على ما يطلب من المماليك و كذا يجوز اعتاق الامة الرتقاء و القرناء لبقاء منفعة الاستخدام (مسئلة:) يشترط لوجوب الكفارة ان يكون القاتل عاقلا بالغا مسلما لانها عبادة فيشترط لها ما يشترط لسائر العبادات و قال الشافعي لا يشترط شيئا من ذلك قياسا على ضمان الأموال كالدية قلنا هذا قياس مع الفارق (مسئلة:) يشترط للكفارة عند الشافعي رحمه اللّه الاعتاق باختياره فلو اشترى أباه بنية الكفارة لا يجوز عنده و عند ابى حنيفة يشترط اقتران النية بسبب اختياري موجب للعتق فيجوز عنده إذا نوى الكفارة عند شراء قريبه و كذا إذا وهب له او اوصى له و نوى و لو ورث أباه او ابنه و نوى الكفارة عند ذلك لا يجوز اجماعا مُؤْمِنَةٍ اجمعوا على اشتراط الايمان فى كفّارة القتل بناء على هذا النصّ دون كفارة اليمين و الظهار و الصوم لكن يكفى ان يكون محكوما بإسلامها فلو أعتق صغيرا أحد أبويه مسلم جاز و روى ابن المنذر و ابن جرير و ابن ابى حاتم عن ابن عباس قال يعنى بالمؤمنة من قد عقل الايمان و صام و صلى و كل رقبة فى القران لم تسم مؤمنة؟؟؟ يجوز المولود فما فوقه ممن ليس له امانة، كذا اخرج عبد الرزاق عن قتادة و قال فى حرف أبيّ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ لا يجزى فيها صبىّ- وَ دِيَةٌ عطف على تحرير رقبة يعنى جزاؤه دية قال فى القاموس الدية بالكسر حق القتيل و هى مجملة فى المقدار و من يجب عليه بيّنه النبي صلى اللّه عليه و سلم (مسئلة:) يجب الدية على العاقلة و القاتل كاحدهم عند ابى حنيفة و عند الشافعي لا يجب على القاتل شى ء منها و هذا يعنى وجوب الدية على العاقلة و ان كان غير ظاهر الاستنباط من القران لكنه ثبت بالسنة المشهورة و الإجماع عن ابى هريرة قال اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الاخرى بحجر فقتلتها و ما فى بطنها فقضى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان دية جنينها غرة عبدا و وليدة و قضى بدية المرأة على عاقلتها و فى لفظ جعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم دية المقتولة على عصبة القاتلة و غرة لما فى بطنها و أحاديث الآحاد بمصاعدة الإجماع يقوى قوة الكتاب روى البيهقي من طريق الشافعي انه قال وجدنا عامّا فى اهل العلم ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قضى فى جناية الحر المسلم على الحرّ خطأ مائة من الإبل على عاقلة الجاني و عامّا فيهم ايضا انها فى ثلاث سنين فى كل سنة ثلثها، و روى البيهقي من طريق ابن لهيعة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيّب قال من السنة ان تنجم الدية فى ثلاث سنين و ممّا حكى عن الشافعي يستفاد الإجماع كذا نقل الترمذي فى جامعه و ابن المنذر و روى ابن ابى شيبة و عبد الرزاق و البيهقي من طريق الشعبي عن عمر و هو منقطع ان عمر بن الخطاب جعل الدية الكاملة فى ثلاث سنين و جعل نصف الدية فى سنتين و ما دون النصف فى سنة، و كذا روى البيهقي ايضا عن على من رواية يزيد بن ابى حبيب و هو منقطع و فيه ابن لهيعة- (مسئلة) لا يجب على العاقلة ما يجب من المال فى قتل العمد بالصلح او بعفو بعض الورثة او غير ذلك بل فى مال القاتل و ايضا لا يجب على العاقلة ما ثبت بإقرار القاتل و لا فى قتل العبد سواء كان العبد قاتلا او مقتولا و كل ذلك فى مال الجاني روى الدار قطنى و الطبراني فى مسند الشاميين من حديث عبادة «١» بن الصّامت ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لا تجعلوا على العاقلة من دية المعترف شيئا و اسناده واه فيه محمد بن سعيد كذاب و الحارث بن نبهان منكر الحديث و روى الدارقطني و البيهقي عن عمر موقوفا العبد و العمد و الصلح و الاعتراف لا يعقله العاقلة و هو منقطع و فى اسناده عبد الملك بن حسين ضعيف قال البيهقي و (١) فى الأصل عبادة الصامت-. المحفوظ عن عامر عن الشعبي من قوله و روى البيهقي عن ابن عباس لا يحمل العاقلة عمدا و لا صلحا و لا اعترافا و لا ما جنى المملوك و فى المؤطا عن الزهري مضت السنة ان العاقلة لا يحمل شيئا من ذلك و روى البيهقي عن ابى الزناد عن الفقهاء من اهل المدينة نحوه، (مسئلة:) العاقلة قبيلته و عصباته عند الشافعي و عند ابى حنيفة اهل ديوانه فان لم يكن من اهل الديوان فقبيلته و يضم الأقرب فالاقرب و للمعتق عاقلة المعتق و لمولى الموالاة مولاه و عاقلة مولاه (مسئلة) لا يزاد على رجل واحد من العاقلة على اربعة دراهم فى كل سنة عند ابى حنيفة و فى رواية عنه فى ثلاث سنين على اربعة دراهم و قال الشافعي على نصف دينار (مسئلة:) و من لا عاقلة له فدية مقتوله فى بيت المال، (فصل) فى مقدار الدية (مسئلة): اجمعوا على ان فى شبيه العمد دية مغلظة و هو الواجب فى العمد إذا سقط القصاص بعارض قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عقل شبه العمد مغلّظا مثل قتل العمد و لا يقتل صاحبه و ذلك ان ينزو الشيطان بين الناس فيكون رميا فى عميا فى غير فتنة و لا سلاح رواه احمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، و فى غيرها من انواع الخطاء دية مخففة و لا تغليظ الا فى الإبل توقيفا و الدية المغلظة عند ابى حنيفة و ابى يوسف مائة من الإبل ارباعا خمس و عشرون بنت مخاض و كذا بنت لبون و كذا حقة و كذا جزعة و عند محمد و الشافعي و غيرهما ثلاثون جذعة و ثلاثون حقة و أربعون ثنية كلها خلفات فى بطونها أولادها احتج الشافعي و من معه بحديث عبد اللّه بن عمرو ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال الا انّ دية قتل شبه العمد قتل السّوط و العصا فيه مائة منها أربعون فى بطونها أولادها رواه احمد و ابو داؤد و النسائي و صحّحه ابن حبّان و روى الترمذي و ابن ماجة من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عبد اللّه بن عمرو من قتل متعمدا سلّم الى اولياء المقتول فان أحبوا قتلوا و ان احبّوا أخذوا العقل ثلاثين حقة و ثلاثين جذعة و أربعين «١» خلفة فى بطونها أولادها و عن عبادة بن الصّامت الا ان فى الدية العظمى مائة من الإبل منها أربعون خلفة فى بطونها أولادها رواه الدارقطني و البيهقي و فى اسناده انقطاع قال ابو حنيفة قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى نفس المؤمن مائة من الإبل و كون الناقة ذات حمل فى بطنها ولدها لا يعلم يقينا و لو علمت فالحمل حيوان من وجه و له عرضة الانفصال ففى إيجاب الخلفات الحاملات إيجاب للزيادة على ما قدره الشرع يعنى المائة (١) فى الأصل أربعون. و هذا استدلال فى مقابلة النصّ و الظاهر ان المراد بكونها فى بطنها ولدها صلاحها لذلك و اللّه اعلم (مسئلة:) و الدية المخففة من الإبل أخماس فعند ابى حنيفة و احمد عشرون جذعة و عشرون حقة و عشرون بنت لبون و عشرون بنت مخاض و عشرون ابن مخاض و عند مالك و الشافعي كذلك لكن ابن لبون مكان ابن مخاض، و الحجة لابى حنيفة و احمد ما روى احمد و اصحاب السّنن و البزار و الدارقطني و البيهقي من حديث حجاج بن ارطاة عن زيد بن جبير عن حشف بن مالك عن ابن مسعود قال قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى دية الخطأ عشرون بنت مخاض و عشرون ابن مخاض ذكور و عشرون بنت لبون و عشرون حقة و عشرون جذعة و احتج مالك و الشافعي بما رواه الدارقطني عن ابى عبيدة ان أباه يعنى ابن مسعود قال دية الخطأ أخماس عشرون حقة و عشرون جذعة و عشرون بنات مخاض و عشرون بنات لبون و عشرون أبناء لبون ذكور قال الدارقطني هذا اسناد حسن و رواته ثقات و امّا حديث حشف بن مالك فضعيف غير ثابت عند اهل المعرفة بوجوه أحدها انه مخالف لما رواه ابو عبيدة عن أبيه بالسند الصحيح و ابو عبيدة اعلم بحديث أبيه و مذهبه من حشف بن مالك و ابن مسعود اتقى لربّه و أشحّ على دينه من ان يروى عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انه قضى يقضاء و يفتى بخلافه قال و حشف رجل مجهول لم ير و عنه الّا زيد بن جبير ثم لا يعلم أحد رواه عن زيد غير الحجاج بن ارطاة و هو رجل مدلس ثم قد رواه عن الحجاج أقوام فاختلفوا عنه، و قال ابن الجوزي يعارض قول الدارقطني هذا ان أبا عبيدة لم يسمع من أبيه فكيف جاز له ان يسكت عن ذكر هذا و كيف يقال عن الثقة مجهول و اشتراط المحدثين ان يروى عنه اثنان لا وجه له و قال الحافظ ابن حجر تعقب البيهقي الدارقطني و قال و هم الدارقطني فيه و الجواد قد يغتر قال و قد رايته فى جامع سفيان الثوري عن منصور عن ابراهيم عن عبد اللّه، و عن ابى اسحق عن علقمة عن عبد اللّه، و عن عبد الرحمن بن يزيد بن هارون عن سليمان التيمي عن ابى مجلد عن ابى عبيدة عن عبد اللّه و عند الجميع بنى مخاض و اللّه اعلم، (مسئلة) و الدية من الذهب الف دينار و من الورق اثنا عشر الف درهم عند احمد و قال ابو حنيفة عشرة آلاف درهم و قال الشافعي الأصل الإبل فان عدمت فعلى قولين أحدهما يعدل الى الف دينار او اثنى عشر الف درهم و الثاني الى قيمتها حين القبض زائدة و ناقصة و الدية من الذهب الف دينار يثبت من حديث ابى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم و سنذكره و فى المدية من الورق حديث ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه و سلم انه جعل الدية اثنى عشر الفا رواه اصحاب السّنن من حديث عكرمة و اختلف فيه على عمرو بن دينار فقال محمد بن مسلمة الطائفي عنه عن عكرمة عن ابن عبّاس عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و قال سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة مرسلا كذا رواه عبد الرزاق فى مصنفه قال ابن ابى حاتم عن أبيه المرسل أصح قال ابن حزم هكذا رواه مشاهير اصحاب ابن عينية و وجه قول ابى حنيفة ان الدراهم كان على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وزن ستة و هى الان من زمن عمر وزن سبعة فاثنا عشر الفا على وزن ستة تقارب عشرة آلاف وزن سبعة و وجه قول الشافعي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه ان النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يقوّم على اهل القرى فاذا غلت رفع فى قيمتها و إذا اهانت نقص من قيمتها رواه الشافعي عن مسلم عن ابن جريج عنه و رواه ابو داود و النسائي من حديث محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه- (مسئلة) لا يثبت الدية الا من هذه الأنواع الثلاثة عند الجمهور و قال ابو يوسف و محمد و احمد منها و من البقر مائتا بقرة و من الغنم ألفا شاة و من الحلل مائتا حلة كل حلة ثوبان لحديث عطاء عن جابر بن عبد اللّه قال فرض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى الدية على اهل الإبل مائة من الإبل و على اهل البقرة مائتى بقرة و على اهل الشاة الفى شاة و على اهل الحلل مائتى حلية رواه ابو داود و ابن الجوزي من طريقه و سكت عن الطعن فيه و رواه ابو داود فى المراسيل عن عطاء قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم هكذا- (مسئلة:) دية ما دون النفس عامتها مذكور فى حديث ابى بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم عن أبيه عن جدّه ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كتب الى اهل اليمن و كان فى كتابه ان من اعتبط «١» مؤمنا قتلا فانه قوديده الا ان يرضى اولياء المقتول و فيه ان الرجل يقتل بالمرأة و فيه فى النفس الدية مائة من الإبل و على اهل الذهب الف دينار و فى الالف إذا اوعب جذعة الدية مائة من الإبل و فى الأسنان الدية و فى الشفتين الدية و فى البيضتين الدية و فى الذكر الدية و فى الصلب الدية و فى العينين الدية و فى اليدين مائة من الإبل و فى اليد خمسون و فى الرجلين الدية و فى الرجل الواحد نصف الدية و فى المامومة ثلث الدية و فى الجائفة ثلث الدية و فى المنقلة خمس عشرة من الإبل و فى كل إصبع من أصابع اليد و الرجل عشر من الإبل و فى السنّ خمس من الإبل رواه النسائي و الدارمي و فى رواية مالك فى العين خمسون و فى الموضحة خمس اختلف اهل الحديث فى صحة هذا الحديث قال ابو دلود فى المراسيل قد أسند هذا الحديث و لا يصح و صححه الحاكم و ابن حبان و البيهقي و نقل عن احمد انه قال أرجو أن (١) اعتبط اى قتله بلا جناية منه و لا جريمة توجب قتله و كل من مات بغير علة فقد اعتبط و مات فلان عبطة اى شابا ضحيحا و عبطت الناقة ذبحت من غير مرض، نهاية منه رحمه اللّه. يكون صحيحا و قد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الائمة لا من حيث الاسناد بل من حيث الشهرة فقال الشافعي فى رسالته لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم انه كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قال ابن عبد البر هذا كتاب مشهور عند اهل السير معروف ما فيه عند اهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن الاسناد لانه أشبه التواتر فى مجيئه لتلقى الناس له بالقبول و المعرفة و قال الحاكم قد شهد عمر بن عبد العزيز و امام عصره الزهري بالصّحة لهذا الكتاب ثم ساق ذلك بسنده إليهما و اخرج عبد الرزاق بسنده عن سعيد بن المسيّب قضى ابو بكر فى الجائفة إذا أنفذت فى الجوف بثلثي الدية، كذا روى ابن ابى شيبة و روى الدارقطني موقوفا عن زيد بن ثابت فى الهاشمة عشر من الإبل و كذا اخرج عنه عبد الرزاق و البيهقي و روى مرفوعا و لا يصح و روى ابن ابى شيبة و البيهقي عن ابن ابى إسحاق عن مكحول ان النبي صلى اللّه عليه و سلم جعل فى الموضحة خمسا من الإبل و لم يوقت فيما دون ذلك شيئا و روى عبد الرزاق عن شيخ له عن الحسن ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لم يقض فيما دون الموضحة بشى ء و رواه البيهقي عن ابن شهاب و ربيعة و ابى الزناد و إسحاق بن ابى طلحة مرسلا و جعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أصابع اليد و الرجل سواء و قال الأسنان سواء الثنية و الضرس سواء و هذه و هذه سواء رواه ابو داود و البزار بتمامه و ابن ماجة مختصرا و ابن حبان و فى صحيح البخاري بلفظ هذه و هذه سواء يعنى الخنصر و الإبهام و لابى داود و النسائي و ابن ماجة من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه بلفظ الأصابع و الأسنان سواء فى كل إصبع عشر من الإبل و فى كل سنّ خمس من الإبل و روى ابن ابى شيبة عن ابى خالد عن عوف سمعت شيخا فى زمن الحجاج و هو ابو المهلّب عمّ ابى قال رمى رجل رجلا بحجر فى رأسه فى زمن عمر فذهب سمعه و عقله و لسانه و ذكره فلم يقرب النساء فقضى فيه عمر بأربع ديات و هو حىّ (مسئلة) دية المرأة على النصف من دية الرجل نفسا و جرحا و قال الشافعي ما دون الثلث لا ينصف ثم رجع الشافعي عن هذا القول الى قول الجمهور و روى الشافعي عن محمد بن الحسن عن ابى حنيفة عن حماد عن ابراهيم عن عليّ قال عقل المرأة على النصف من عقل الرجل فى النفس و ما دونها و روى سعيد بن منصور عن زكريا و غيره عن الشعبي ان عليا كان يقول جراحات النساء على النصف من دية الرجل فيما قل و كثر و روى البغوي عن على بن الجعد عن شعبة عن الحكم عن الشعبي عن زيد بن ثابت قال جراحات الرجال و النساء سواء الى الثلث فما زاد فعلى النصف و قال ابن مسعود الا السن و الموضحة فانهما سواء و قال علىّ على النصف و روى سعيد بن منصور عن هشيم عن مغيرة عن ابراهيم عن عمر انّ الخنصر و الإبهام سواء و ان جراح الرجال و النساء سواء فى الأسنان و الموضحة و ما خلى ذلك فعلى النصف كذا روى البيهقي عن سفيان عن جابر عن الشعبي عن شريح قال كتب الىّ عمر فذكر نحوه و روى النسائي من رواية إسماعيل بن عباس عن ابن جريح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عقل المرأة كعقل الرجل الى ثلث الدية فاختار مالك قول زيد بن ثابت و عمرو ابن مسعود و من معهم و قال الشافعي كان مالك يذكر انه السنة و كنت أتابعه عليه و فى نفسى منه شى ء ثم ظهر انه، يريد انه سنة اهل المدينة فرجعت عنه و كان قول على أعجبها الى الشعبي و اختاره الجمهور لان حال المرأة انقص من حال الرجل و منفعتها اقل و قد ظهر اثر النقصان فى التنصيف فى النفس اجماعا فكذا فى أطرافها و اجزائها اعتبارا بها و بالثلث و ما فوقه (مسئلة) دية العبد قيمته و دية الامة قيمتها بالغا ما بلغ عند الشافعي و ابى يوسف و كذا عند ابى حنيفة و محمد غير انهما قالا إذا كان قيمة العبد عشرة آلاف او اكثر و الامة خمسة آلاف او اكثر ينقص من كل واحد منهما عشرة دراهم و جراح العبد من قيمته كجراح الحر من ديته، روى البيهقي عن عمر و علىّ انهما قالا فى الحر يقتل العبد عليه ثمنه بالغا ما بلغ و روى عبد الرزاق ان عمر جعل فى العبد ثمنه كعقل الحرّ فى ديته و فيه انقطاع و روى ابن ابى شيبة عن على و اخرج الشافعي بسند صحيح الى الزهري جراح العبد من قيمته كجراح الحرّ من ديته وجه قول ابى حنيفة انه تعالى قال وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ يعم الحرّ و العبد و لذا تجب الكفارة بقتل العبد فما وجب بقتل العبد خطأ انما هودية و ضمان نفسه من حيث الآدمية فلا يجوز ان يكون زائدا او مساويا لدية الحرّ بل يجب ان يكون ناقصا عنه الا ترى ان دية الحرة مع كمال آدميتها ينقص من دية الحرّ فدية العبد و هو آدمي من وجه و مال من وجه اولى ان ينقص و لو غصب عبدا قيمته عشرون الفا و هلك فى يده يجب قيمته بالغا ما بلغت بالإجماع لان ضمان الغصب بمقابلة المالية لا غير- (مسئلة:) إذا جنى العبد جناية خطأ قيل لمولاه امّا ان تدفعه بها او تفديه و قال الشافعي جنايته فى رقبته يباع فيها الا ان يقضى المولى الأرش و فائدة الاختلاف فى اتباع الجاني بعد العتق او المولى قال الشافعي انما يطالب العبد بعد العتق دون المولى و قال ابو حنيفة ان اعتقه بعد العلم بالجناية كان المولى مختارا للفداء و ان أعتق قبل العلم بالجناية يجب على المولى الأقل من الأرش و القيمة و اللّه اعلم- مُسَلَّمَةٌ مؤداة إِلى أَهْلِهِ اى اهل المقتول يعنى ورثة يصرفونها مصارف تركته فى تجهيزه و ما بقي فى أداء ديونه ثم ما بقي فى إنفاذ وصاياه من الثلث و ما زادان شاءوا و ما بقي يقسم بين الورثة كسائر المواريث إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا يعنى ان يعفوا الى الورثة او المقتول بعد الجرح قبل ان يموت سمى اللّه سبحانه العفو صدقة للحثّ عليه و التنبيه على فضله قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كل معروف صدقة رواه البخاري من حديث جابر و مسلم من حديث حذيفة و ايضا فيه حث على ادائه لمن يستنكف عن قبول الصّدقة فانها من أوساخ الأموال استثناء مفرغ متعلق بمحذوف اى واجبة على عاقلته او بمسلّمة و هو فى محل النصب على انه حال من العاقلة او الأهل او على انه ظرف زمان يعنى واجبة على العاقلة كائنين على اىّ حال كانوا الا حال تصدّق ورثة القاتل عليهم او مسلمة الى اهله كائنين على اى حال الا حال تصدّقهم على العاقلة او مسلمة فى كل زمان الأزمان تصدقهم على العاقلة فَإِنْ كانَ القتيل مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ يعنى الكفار و العدو يطلق على الواحد و الجمع وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ اى فجزاؤه تحرير رقبة مؤمنة فقط دون الدية قالوا معناه إذا كان الرجل المسلم فى دار الحرب لم يهاجر إلينا بعد إسلامه او هاجر ثم رجع الى دار الحرب مسلما فقتله مسلم خطأ تجب الكفارة بقتله للعصمة المؤثمة بالإسلام و لا يجب الدية لان العصمة المقومة بالدار و لم يوجد و لان العاقلة انما تعقل لتركهم النصرة و لا نصرة لهم فى دار الحرب اخرج ابن المنذر عن جرير بن عبد اللّه البجلي انّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال من اقام مع المشركين فقد برئت منه الذمّة و قيل المراد منه إذا كان المقتول مسلما فى دار الإسلام و هو من نسب قوم كفار و قرابته فى دار الحرب حرب للمسلمين كما كان الحارث ابن زيد فالواجب فيه تحرير رقبة مؤمنة فقط و ليس فيه دية لانه ليس بين قومه و بين المسلمين عهد فلا سبيل لهم للوجوب على المسلمين و لانه لا وراثة بين المسلم و الكفار و الاوّل أصح لان المقتول إذا لم يكن له وارث فديته يوضع فى بيت المال و عموم الآية يرجّح الأخير وَ إِنْ كانَ «١» القتيل مِنْ قَوْمٍ كفّار بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ من المعاهدين و اهل الذمة فَدِيَةٌ يعنى فجزاؤه دية واجبة على عاقلة القاتل مُسَلَّمَةٌ مؤداة إِلى أَهْلِهِ اى ورثة المقتول و ذا لا يتصوّر الا إذا كان المقتول كافرا ذمّيّا او معاهدا او مسلما كان له وارث مسلم و الا فديته توضع فى بيت المال قال فى المدارك فيه دليل على ان دية الذمّى كدية المسلم قلت لا دليل فيه لان الدية لفظ مجمل ورد بيانه من النبي صلى اللّه عليه و سلم مختلفا كما ذكرنا من الاختلاف فى دية الرجل و المرأة و الحرّ و العبد فكذا جاز الاختلاف بين دية المسلم و الكافر (مسئلة) دية المسلم و (١) اخرج ابن ابى شيبة و ابن ابى حاتم و الحاكم و صححه و الطبراني و البيهقي فى سننه عن ابن عباس فى قوله فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ قال كان الرجل يأتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فيسلم ثم يرجع الى قومه فيكون فيهم و هم مشركون فيصيبه المسلمون خطأ فى سرية إذا أغارت فيعتق الذي يصيبه رقبة و فى قوله وَ إِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ قال كان الرجل يكون معاهدا و قومه اهل عهد فيسلم إليهم ديته و يعتق الذي أصابه رقبة منه رحمه اللّه. الكافر سواء عند ابى حنيفة رحمه اللّه و قال مالك دية الكافر من اىّ نوع كان ستة آلاف درهم يعنى نصف دية المسلم على قوله و قال الشافعي دية اليهودي و النصراني اربعة آلاف درهم و دية المجوسي و كذا الوثني ثمانى مائة درهم و قال احمد ان كان القتل عمدا فديته على المسلم مثل دية المسلم فى ماله و ان كان خطأ فعنه روايتان كقولى مالك و الشافعي فى الكتابي و اما دية المجوسي و الوثني فثمانى مائة درهم، احتج مالك بحديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جدّه قال خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عام الفتح الحديث بطوله و فيه لا يقتل مؤمن بكافر و دية الكافر نصف دية المسلم و فى رواية دية المعاهد نصف دية الحرّ رواه ابو داود و كذا روى الترمذي و قال السيوطي حسن، و روى احمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عبد اللّه بن عمرو عن النبي صلى اللّه عليه و سلم بطريقين لفظ أحدهما دية الكافر نصف دية المسلم و لفظ الآخر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قضى ان عقل اهل الكتابين نصف عقل المسلم و وجه قول الشافعي فى اهل الكتابين حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال كانت قيمة الدية على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثمان مائة دينار او ثمانية آلاف درهم و دية اهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين قال فكان كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيبا فقال ان الإبل قد غلت قال ففرضها عمر على اهل الذهب الف دينار و على اهل الورق اثنى عشر الف درهم و على اهل البقرة مائتى بقرة و على اهل الشاء الفى شاة و على اهل الحلل مائتى حلة، قال و ترك دية اهل الذمّة لم يرفعها فيما رفع من الدية رواه ابو داود و روى الشافعي عن فضيل بن عياص عن منصور بن المعتمر عن ثابت الحداد عن ابن المسيّب ان عمر مضى فى دية اليهودي و النصراني باربعة آلاف درهم و فى دية المجوسي ثمان مائة درهم و كذا روى الدارقطني بسنده عن سعيد بن المسيّب و روى البيهقي من طريق الشافعي عن سفيان عن صدقة ابن بشار قال أرسلنا يعنى صدقة الى سعيد بن المسيب يسئله عن دية المعاهد قال قضى فيه عثمان باربعة آلاف درهم و روى البيهقي و الدارقطني عن عمر فى المجوسية اربعمائة درهم و روى ابن حزم فى الإيصال من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن حبيب عن ابى الخير عن عقبة بن عامر ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال دية المجوسي ثمانى مائة درهم و كذا اخرج الطحاوي و ابن عدى و البيهقي و اسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة قال عقبة بن عامر قتل رجل فى خلافة عثمان كليا يصيد لا يعرف مثله فى الكلاب فقوّم ثمانى مائة درهم فالزمه عثمان بتلك القيمة فصار دية المجوسي قيمة الكلب و روى البيهقي من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن ابى حبيب عن ابن شهاب ان عليّا و ابن مسعود كانا يقولان فى دية المجوسي ثمانى مائة درهم و الحجة لابى حنيفة حديث ابن عمران النبي صلى اللّه عليه و سلم قال دية الذمّى دية المسلم رواه الطبراني فى الأوسط و ذكر فى الهداية بلفظ دية كل ذى عهد فى عهده الف دينار قال صاحب الهداية و كذا قضى ابو بكر و عمر قلت اما حديث ابن عمر فرواه الدارقطني ايضا و قال لم يروه عن نافع عن ابن عمر غير ابى بكر القرشي عبد اللّه بن عبد الملك النهدي و هو متروك و قال هذا الحديث باطل لا اصل له و كذلك قال ابن حبان هذا باطل لا اصل له من كلام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لا يحل الاحتجاج بابى بكر و روى الدارقطني ايضا حديث اسامة بن زيد ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جعل دية المعاهد كدية المسلم و قال فيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصى متروك و روى الدارقطني ايضا حديث ابن عباس قال جعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم دية العامريين دية المسلم قال ابو بكر بن عياش روايه كان لهما عهد قال الدارقطني فيه ابو سعيد سعيد بن المرزبان البقّال قال يحيى ليس بشى ء و لا يكتب حديثه و قال القلاس متروك و امّا اثر عمر فروى عبد الرزاق فى مصنفه عن رباح عن عبيد اللّه عن حميد عن انس انّ يهوديا قتل عيلة فقضى عمر باثنى عشر الف درهم و رباح ضعيف و روى الطحاوي و الحاكم من حديث جعفر بن عبد اللّه بن الحكم ان رفاعة بن اشمول اليهودي قتل بالشام فجعل عمر ديته الف دينار و احمد رحمه اللّه حمل ما احتج به ابو حنيفة على القتل عمدا و ما احتج به غيره على القتل خطأ و اللّه اعلم وَ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فى مال القاتل ان كان القاتل واجدا للرقبة مالكا لها او قادرا على تحصيلها بوجود ثمنها فاضلا عن الديون و عن حوائجه الاصلية فَمَنْ لَمْ يَجِدْ رقبة فَصِيامُ يعنى فالواجب على القاتل فى جميع الصّور المذكورة صيام شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ فمن أفطر يوما فى خلال الشهرين بلا عذر او نسى النية او نوى صوما اخر وجب عليه الاستيناف اجماعا لاشتراط التتابع و ان أفطرت المرأة بحيض فلا استيناف عليها اجماعا و من أفطر بعذر مرض او سفر يجب عليه الاستيناف عند الجمهور خلافا لاحد قولى الشافعي و هو القديم منه كذا روى ابن ابى حاتم عن مجاهد فان عجز عن الصّوم لا يجزيه الإطعام عند ابى حنيفة و مالك و أصح قولى الشافعي و قال الشافعي فى أحد قوليه و احمد يجزيه قياسا على الظهار كذا روى ابن ابى حاتم عن مجاهد قلنا هو قياس من غير جامع و فى مورد النصّ و المذكور فى الاية كل الواجب تَوْبَةً منصوب على العلية اى شرع ذلك له لكى يتوب اللّه عليه او على المصدرية اى تاب اللّه عليكم توبة او فليتب توبة او على انه بحذف المضاف حال من الصّيام ان جعل فاعلا للظرف و من ضميره فى الظرف ان جعل مبتدا و المعنى فعليه صيام شهرين و التوبة بمعنى ان الصيام سبب لقبول التوبة و لك ان تجعل النصب على المدح فيكون مدحا للصيام بجعله توبة مِنَ اللّه صفة للتوبة وَ كانَ اللّه عَلِيماً بحال من قتل حَكِيماً (٩٢) فيما قدّر و اللّه اعلم قال البغوي ان مقيس بن ضبابة الكندي اسلم هو و اخوه هشام فوجد أخاه هشاما قتيلا فى بنى النجار فاتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فذكر ذلك له فارسل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم معه رجلا من بنى فهر الى بنى النجار ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يأمركم ان علمتم قاتل هشام ابن ضبابة ان تدفعوا الى مقيس فيقتصّ منه و ان لم تعلموا ان تدفعوا اليه ديته فابلغهم الفهري ذلك فقالوا سمعا و طاعة للّه و لرسوله ما نعلم له قاتلا لكنا نؤدى ديته فاعطوه مائة من الإبل ثم انصرفا راجعين نحو المدينة فاتى الشيطان مقيسا فوسوس اليه فقال تقبل دية أخيك فتكون عليك مسبة اقتل الذي معك فتكون نفس مكان نفس و فضل الدية فتغفل الفهري فرماه بصخر فشدخه ثم ركب بعيرا و ساق بقيتها راجعا الى مكة كافرا فنزل. |
﴿ ٩٢ ﴾