١٠٥ إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ الآيات الى قوله عظيما، فلما نزل القران اتى رسول اللّه بالسلاح فرده الى رفاعة و لحق بشير المشركين فنزل على سلافة بنت سعد فانزل اللّه وَ مَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى الى قوله ضللا بعيدا، قال الحاكم صحيح على شرط مسلم و اخرج ابن سعد فى الطبقات بسنده عن محمود بن لبيد قال عدا بشير بن الحارث على علية رفاعة بن زيد عمّ قتادة بن النعمان فنقبها من ظهرها و أخذ طعاما له و درعين باداتهما فاتى قتادة النبي صلى اللّه عليه و سلم فاخبره بذلك فدعا بشيرا فساله فانكر و رمى بذلك لبيد بن سهيل رجلا من اهل الدار ذا حسب و نسب فنزل القران بتكذيب بشير و براءة لبيد إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ الآيات فلما نزل القران فى بشير و عثر عليه هرب الى مكة مرتدا فنزل على سلافة بنت سعد فجعل يقع فى النبي صلى اللّه عليه و سلم و فى المسلمين فنزل القران فيه و هجاه حسان بن ثابت حتى رجع و كان ذلك فى شهر الربيع الثاني سنة اربع من الهجرة و قال البغوي روى الكلبي عن ابى صالح عن ابن عباس و أخرجه ابن جرير عنه قال نزلت هذه الاية فى رجل من الأنصار يقال له طعمة بن أبيرق بنى ظفر بن الحارث سرق درعا من جار له يقال له قتادة بن النعمان و كانت الدرع فى جراب فيه دقيق فجعل الدقيق ينتثر من خرق فى الجراب حتى انتهى الى الدار ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له زيد السمين فالتمست الدرع من عند طعمة فحلف و اللّه ما أخذها و ماله بها علم فقال اصحاب الدرع لقد راينا اثر الدقيق حتى دخل داره فلما خلف تركوه و اتبعوا اثر الدقيق الى منزل اليهودي فاخذوه فقال اليهودي دفعها الىّ طعمة بن أبيرق فجاء بنوا ظفر و هم قوم طعمة الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و سالوه ان يجادل عن صاحبهم و قال له انك ان لم تفعل افتضح صاحبنا فهمّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان يعاقب اليهودي و قال البغوي و يروى عن ابن عبّاس رواية اخرى انّ طعمة سرق الدرع فى جراب فيه نخالة فخرق الجراب حتى كان يتناثر منه النخالة طول الطريق فجاء به الى دار زيد السمين و تركه على بابه و حمل الدرع الى بيته فلما أصبح صاحب الدرع جاء على اثر النخالة الى دار زيد السمين فاخذه و حمله الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فهمّ النبي صلى اللّه عليه و سلم ان يقطع يد زيد اليهودي و قال البغوي قال مقاتل ان زيد السمين أودع درعا عند طعمة فجحدها طعمة فانزل اللّه تعالى هذه الاية إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ متلبسا بِالْحَقِّ اى بالأمر و النهى و العلوم الحقة لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللّه قال البيضاوي الرؤية ليست بمعنى العلم و الا لاستدعى ثلثة مفاعيل و الروية بمعنى الابصار ظاهر الانتفاء فالمعنى بما عرفك اللّه و اوحى إليك و قال بعض الأفاضل يمكن حمله على معنى العلم بحذف مفعوله الثاني و الثالث اى بما علمكه اللّه حقا و هو و ان كان محتاجا الى زيادة الحذف لكنه غنى عن التجوز قلت و الظاهر عندى ان الرؤية بمعنى العلم و ما الموصولة عبارة عن مضمون جملة يتعلق بها العلم و الضمير العائد الى الموصول محذوف فى حكم المذكور مغنى عن المفعولين لقيام مضمون الجملة مقامها كانه قيل لتحكم بين الناس بكون طعمة سارقا و لبيد او زيد «١» بريا و هذه الاية دليل على ان النبي صلى اللّه عليه و سلم لم يكن يعمل بالمظنون لكنها لا ينفى الاجتهاد عن النبي صلى اللّه عليه و سلم لانه إذا حصل للنبى صلى اللّه عليه و سلم ظن بالاجتهاد و قرر اللّه سبحانه و لم يطلعه على الخطأ ظهر عنده بيقين انه الحق بخلاف المجتهد و يؤيده ما روى عن عمرو بن دينار ان رجلا قال لعمر احكم بما أراك اللّه قال مه انما هذا للنبى صلى اللّه عليه و سلم خاصّة و جاز ان (١) فى الأصل لبيدا او زيدا. يكون هذا الحكم عاما و يقال ان المجتهد إذا ظهر عنده الحكم بدليل ظنى من خبر الآحاد او القياس فالعمل به واجب بدلائل قطعية من الكتاب و السنة و الإجماع ما لم يظهر دليل راجح يخالفه فالحكم المظنون عند المجتهد بعد بذل جهده و ان كان غير معلوم عنده انه فى نفس الأمر لكنه معلوم عنده انه واجب «٢» العمل و قال الشيخ ابو منصور رحمه اللّه معنى الاية بما ألهمك اللّه بالنظر فى الأصول المنزلة و قال فيه دليل على جواز الاجتهاد فى حقه (٢) و عن ابن وهب قال قال لى مالك الحكم الذي يحكم بين الناس على وجهين فالذى حكم بالقران و السنة الماضية فذلك الحكم الواجب و الصّواب و الحكم الذي يجتهد فيه العالم نفسه فيما لم يأت فيه شى ء فلعله ان يوافق و الثالث التكلف لما لا يعلم فما أشبه ذلك ان لا يوافق منه رحمه اللّه. وَ لا تَكُنْ عطف على أنزلنا بتقدير القول يعنى و قلنا لا تكن او عطف على الكتاب لكونه منزلا يعنى أنزلنا إليك الكتاب و أنزلنا إليك لا تكن لِلْخائِنِينَ يعنى لاجلهم و للذب عنهم و المراد بهم بنوا أبيرق خَصِيماً (١٠٥) للبراء و هم لبيد بن سهيل او زيد السمين اليهودي. |
﴿ ١٠٥ ﴾