١٥٣

يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ و كان هذا السؤال منهم سوال تحكم و اقتراح لا سوال الانقياد و اللّه تعالى لا ينزل الآيات على اقتراح العباد اخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي انه لما نزل قوله تعالى يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ الى قوله بُهْتاناً عَظِيماً جثا رجل من اليهود فقال ما انزل اللّه عليك و لا على موسى و لا على عيسى و لا على أحد شيئا فانزل اللّه تعالى وَ ما قَدَرُوا اللّه حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللّه عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْ ءٍ فَقَدْ سَأَلُوا الضمير عائد الى اهل الكتاب أضاف الحكم إليهم باعتبار ان السؤال صدر عن بعضهم و هم السبعون الذين خرج بهم موسى عليه السلام الى الجبل و الفاء للسببية و التقدير لا تستكبر منهم هذا السؤال لانهم قد سالوا الاية و قيل الفاء جواب شرط مقدر اى ان استكبرت ما سال هؤلاء عنك فقد سال أسلافهم مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ يعنى ما اقترحوا عليك ليس باول جهالاتهم فَقالُوا تفسير للسوال أَرِنَا اللّه جَهْرَةً اى اراءة جهرة او رؤية جهرة على انه مصدر من غير لفظه يعنى عيانا او مجاهرين يعنى معاينين له و قال ابو عبيدة معناه قالوا جهرة أرنا اللّه فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ اى أهلكتهم نار جاءت من السماء بِظُلْمِهِمْ بسبب ظلمهم على أنفسهم و هو تعنتهم و سوالهم بما كان خلاف العادة و الحكمة و ذلك لا يقتضى امتناع الرؤية مطلقا ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ الها هذه جناية اخرى ارتكبها اوائلهم مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ يعنى المعجزات الواضحات فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ و لم نستأصلهم هذا استدعاء الى التوبة يعنى عفونا عن اوائلكم حين تابوا فتوبوا أنتم حتى نعفو عنكم وَ آتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً (١٥٣) اى تسلّطا ظاهرا حتى أمرهم بان يقتلوا أنفسهم او حجة ظاهرة و هى الآيات التسع على من خالفه.

﴿ ١٥٣