٣

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ هذا بيان لما يتلى عليكم و الميتة ما فارقه الروح على حتف انفه اخرج ابن مندة فى كتاب الصحابة من طريق عبد اللّه بن جبلة بن حيان بن ابجر عن أبيه عن جده حيان بن الجر قال كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و انا أوقد تحت قدر فيها لحم ميتة فانزل اللّه تحريم الميتة فاكفأت القدر قلت انما ذكرت هذا الحديث فى هذا المقام تبعا الباب «١» النقول فى اسباب النزول و الصحيح ان كون هذه القصة عند نزول هذه الاية اية المائدة محال لان هذه الاية اخر اية الاحكام نزولا كما سنذكر و حرمة الميتة كانت قبل الهجرة نزلت بمكة فى سورة الانعام فلا يمكن من الصحابي طبخ لحم الميتة بعد ذلك فالظاهر ان القصّة عند نزول اية التحريم فى الانعام قل لا أجد فيما اوحى الى و اللّه اعلم وَ الدَّمُ اى المسفوح منه بالإجماع و هو السائل و كان اهل الجاهلية يصيونها فى الأمعاء و يشربونها وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ انما خص اللّحم بالذكر مع كونه نجسا بجميع اجزائه بالنص و الإجماع لانه معظم المقصود من الحيوان وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّه بِهِ و الإهلال رفع الصوت و هو قولهم عند الذبح باسم اللّات و العزّى عن ابى الطفيل قال سئل على رضى اللّه عنه هل خصكم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بشئ قال ما خصنا بشئ لم يعم به الناس الا ما فى قراب «٢» سيفى هذا فاخرج صحيفة فيها لعن اللّه من ذبح لغير اللّه و لعن اللّه من سرق «٣» منار الأرض و فى رواية بلفظ من غيّر منار الأرض و لعن اللّه من لعن والده و لعن اللّه من آوى محدثا رواه مسلم (مسئلة:) يكره ان يذكر مع اسم اللّه عند الذبح شيئا غيره موصولا لا معطوفا مثل ان يقول عند الذبح بسم اللّه اللّهم تقبل من فلان لكن لا يحرم و نظيره بسم اللّه محمد رسول اللّه بالرفع و ان ذكر موصولا على وجه العطف و الشركة نحو ان يقول بسم اللّه و اسم فلان او بسم اللّه و محمد رسول اللّه بالجرّ يحرم الذبيحة لانه اهل بها لغير اللّه و لا بأس بان يقول قبل التسمية قبل ان يضجع الذبيحة او بعد الذبح كما روى انه صلى اللّه عليه و سلم قال بعد الذبح اللّهم تقبل هذا عن امة محمّد عليه السلام ممن شهد لك بالوحدانية ولى بالبلاغ قد ذكر حرمة هذا الاربعة و ما يتصل بها من المسائل فى سورة البقرة وَ الْمُنْخَنِقَةُ التي ماتت بالخنق وَ الْمَوْقُوذَةُ الوقذ الضرب الشديد و كانوا فى الجاهلية يقتلون البهيمة ضربا بعصا او حجر وَ الْمُتَرَدِّيَةُ التي تردت اى سقطت من علو او فى بير فماتت بلا ذبح وَ النَّطِيحَةُ و هى التي نطحتها اخرى اى أصابتها بقرنها فماتت و التاء فيها للنقل من الوصفية الى الاسمية وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ يعنى ما بقي «٤» من أكل السبع و ماتت باكله بعضها و هذا يدل

(١) اسم كتاب فى اسباب النزول ١٢.

(٢) القراب شبه الجواب يطرح فيه الراكب سيفه بغمده و سوطه و قد يطرح فيه زاده من تمر و غيره ١٢ نهايه.

(٣) المنار جمع منارة و هى العلامة ١٢ نهايه [.....].

(٤) و يمكن ان يقال ان ما أكله السبع المعلم الذي ذكر اسم اللّه عند إرساله فهو داخل فى المستثنى لانه ذكوة ضرورى ١٢.

على ان جوارح الصيد كالكلب و الفهد و الباز و الصقر إذا أكلت مما اصطادته لا يحل أكله إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ يعنى ما أدركتم ذكوته من هذه الأشياء و اصل التذكية الإتمام يقال ذكت النار إذا تمت اشتعالها و المراد هاهنا الذبح فانه إتمام للحيوة قال فى الصحاح ذكيت الشاة اى ذبحتها و حقيقة التذكية إخراج الحرارة الغريزية لكن خصّ فى الشرع بابطال الحيوة على وجه دون وجه انتهى كلامه قلت يعنى ابطال الحيوة بالذبح او النحر فى الخلق و اللبة فى حالة الاختيار مع ذكر اسم اللّه تعالى وحده عليه عن ابى هريرة قال بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نوفل بن ورقا الخزاعي على جمل أورق يصيح فى فجاج منى الا ان الذكوة فى الحلق و اللبة رواه ابن الجوزي من طريق الدارقطني- (مسئلة:) فاذا جرح السبع او أكل شيئا منه و أدركته حيا فذبحته يحل أكله و هو المراد بقوله تعالى الا ما ذكيتم و اماما صار بجرح السبع الى حالة المذبوح فهو فى حكم الميتة فلا يكون حلالا و ان ذبحته و كذلك المتردية و النطيحة و الموقوذة إذا أدركتها حية قبل ان يصير الى حالة المذبوح فذبحتها يكون حلالا و الاستثناء إذا وقع بعد امور متعاطفة يرجع الى الاخيرة فقط عند ابى حنيفة رح و انما عرف حكم ما أدركته حيا بعد الخنق و الوقذ و النطح و التردي و ذبحته بالمقايسة و لا يمكن إرجاع الاستثناء الى الجميع لان المنخنقة اسم لما مات بالخنق و كذا أخواتها فلا يشتمل ذلك ما أدركته حيا و ذبحته فلا يجوز الاستثناء- (مسئلة:) عروق الذبح الحلقوم اعنى مجرى النفس و المري اعنى مجرى العلف و الماء و الودجان و هما مجرى الدم فقال مالك رح يجب قطع هذه الاربعة و هو أحد قولى احمد رح و قال الشافعي رح و احمد رح يجزى فى الذكوة قطع الحلقوم و المري و قال ابو حنيفة رح ان قطع ثلثا منها اى ثلث كان يحل الاكل و به كان يقول ابو يوسف رح اولا ثم رجع فقال لا بد من قطع الحلقوم و المري واحد الودجين و به قال محمد رح فى رواية و عنه انه يعتبر اكثر كل من الأربع و هو رواية عن ابى حنيفة رح لان كل فرد منها اصل بنفسه و للاكثر حكم الكل و لابى يوسف رح ان المقصود من قطع الودجين انهار الدم فينوب أحدهما عن الاخر و اما الحلقوم فيخالف المري فلابد من قطعهما و قال ابو حنيفة رح الأكثر يقوم مقام الكل فى كثير من الاحكام و اى ثلث قطع فقد قطع الأكثر منها و حصل ما هو المقصود و هو انهار الدم المسفوح- (مسئلة:) يجوز الذبح بكل ما ينهر الدم و يحصل القطع من زجاج او حجر او قصب او غير ذلك إذا كان له حدة و كذا يجوز بالسن و الظفر و القرن إذا كان منزوعا ذى حدة عند ابى حنيفة رح الا انه يكره كذا فى الهداية و قالت الأئمة الثلاثة لا يجوز بالسنّ و الظفر و القرن و يكون ميتة عن رافع بن خديج قال قلت يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انا لاقوا العدو غدا و ليست معنا مدى افنذبح بالقصب قال ما انهر الدم و ذكر اسم اللّه فكل ليس السن و الظفر و ساحدثك عنه اما السن فعظم و اما الظفر فمدى الحبشة متفق عليه و عن كعب بن مالك انه كانت لنا غنم يرعى بسلع فابصرت جارية لنا بشاة من غنمنا موتا فكسرت حجرا فذبحتها فسال النبي صلى اللّه عليه و سلم فامره بأكلها رواه البخاري و عن عدى بن حاتم قال قلت يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ارايت أحدنا أصاب صيدا و ليس معه سكين أ يذبح بالمروة «١» و شقة العصى قال امرر الدم بما شئت و اذكر اسم اللّه رواه ابو داود و النسائي و عن عطاء بن يسار عن رجل من بنى حارثة انه كان يرعى لقحه بشعب من شعاب أحد فراى بها الموت فلم يجد ما ينحرها به فاخذ وتدا فوجأ به من لبتها حتى اهراق دمها ثم اخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فامره بأكلها رواه ابو داود و مالك و فى رواية فذكاها بشظاظ «٢» احتج ابو حنيفة رح فى الخلافية بعموم قوله صلى اللّه عليه و سلم ما انهر فكل و قوله صلى اللّه عليه و سلم امرر الدم بما شئت و احتج الائمة الثلاثة بقوله صلى اللّه عليه و سلم ليس السن و الظفر حيث استثنى مما انهر الدم

(١) الشظاظ خشبة محددة الطرف تدخل فى عروقى الجو القين لتجمع بينهما عند حملها على البعير ١٢.

(٢) بالمروة الحجر الأبيض و المراد هاهنا كل حجر له حد ١٢.

و أجاب ابو حنيفة رح بانه محمول على غير المنزوع فان الحبشة كانوا يذبحون بظفر غير منزوع و الظاهر ان المراد بالسن فى الاستثناء ما ليس فيه حدة يدل عليه قوله صلى اللّه عليه و سلم اما السن فعظم و لا يجوز بسن و ظفر غير منزوعين اجماعا لانه يقتل بالثقل فيكون فى معنى المنخنقة- (مسئلة:) يستحب للذابح ان يحد شفرته لقوله صلى اللّه عليه و سلم ان اللّه كتب الإحسان على كل شى ء فاذا قتلتم فأحسنوا القتلة و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته رواه مسلم عن شداد بن أوس- (مسئلة:) لو رمى الى صيد فى الهواء فاصابه فسقط على الأرض و مات كان حلالا لان الوقوع على الأرض من ضرورته و ان سقط فى الماء او على جبل او شجر ثم تردى منه فمات لا يحل أكله و هو من المتردية و الذي مات بالغرق الا ان يكون السهم أصاب مذبحه فى الهواء فيحل كيف ما وقع لان الذبح قد حصل بأصابة السهم المذبح وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ قيل النصب جمع واحدها نصاب ككتب و كتاب و قيل هو واحد و جمعها أنصاب كعنق و أعناق و هو الشي ء المنصوب قال مجاهد و قتادة كانت حول البيت ثلاثمائة و ستون حجرا منصوبة كان اهل الجاهلية يعبدونها و يعظمونها و يذبحون بها و ليست هى بأصنام انما الأصنام هى الصورة المنقوشة و قال الآخرون هى الأصنام المنصوبة و قال قطرب على بمعنى اللام و معناه ما ذبح لاجل النصب و قال ابن زيد ما ذبح على النصب و ما اهل لغير اللّه به واحد قلت العطف يقتضى التغاير فالظاهر ما قيل انها كانت حجارة منصوبة حول البيت يذبحون عليها و يعدون ذلك قربة و حرم عليكم وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ اى الاستسقام اى طلب معرفة ما قسم لهم مما لم يقسم لهم بالأزلام و هى القداح التي لا ريش لها و لا نصل واحدها زلم بفتح الزاء و ضمها و كانت ازلامهم سبعة قداح مستوية من شوحط تكون عند «١» سادن الكعبة مكتوب على واحد منها نعم و على واحد لا و على واحد منكم و على واحد من غيركم و على واحد ملصق و على واحد العقل و واحد غفل ليس عليه شى ء فكانوا إذا أرادوا امرا من سفر او نكاح او ختان او غيره او اختلفوا فى نسب او اختلفوا فى تحمل عقل جاؤا الى هبل و كانت أعظم أصنام قريش بمكة و جاؤا بمائة درهم أعطوها صاحب القداح حتى يحيل القداح و و يقولون يا الهنا انا أردنا كذا كذا فان خرج نعم فعلوا و ان خرج لا لم يفعلوا ذلك حولا ثم عادوا الى القداح ثانية و إذا جالوا على نسب فان خرج منكم كان وسيطا منهم و ان خرج من غيركم كان حليفا و ان خرج ملصق كان على منزلة لا نسب له و لا حلف و إذا اختلفوا فى عقل فمن خرج قدح العقل حمله و ان خرج الغفل أجالوا ثانيا حتى يخرج مكتوب فنهى اللّه عن ذلك و حرمه و قال ذلِكُمْ فِسْقٌ قال سعيد بن جبير الأزلام حصى بيض كانوا يضربون بها

و قال مجاهد كعاب

(١) اى خادم الكعبة و متولى أمرها من فتح الباب و الاغلاق ١٢.

فارس و الروم التي يتقامرون بها و قال الشعبي و غيره الأزلام للعرب و الكعاب للعجم و قال سفيان بن وكيع هى الشطرنج قلت و كل شى ء يطلب به علم الغيب على نحو هذا الطريق كعلم الرمل بضرب الكعاب و استخراج إشكال النقاط و ما يقال بالفارسية فال نامه و كل ما يقامر بها فهو داخل فى الاستقسام بالأزلام عبارة او دلالة جلية او خفية و اللّه اعلم و عن ابى الدرداء قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من تكهن او استقسم او تطير طيرة ترده عن سفره لم ينظر الى الدرجات العلى من الجنة يوم القيمة رواه البغوي و عن قبيصة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «١» العيافة و الطيرة «٢» و الطرق من الجبت رواه ابو داود بسند صحيح و الطرق الضرب بالحصى الْيَوْمَ لم يرد يوما بعينه و انما أراد الحاضر و ما يتصل به من الازمنة الآتية و قيل أراد يوم نزولها يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ ان يبطلوه او ان يغلبوا على اهله او ان يرجع عنه اهله بتحليل الخبائث و غيرها فَلا تَخْشَوْهُمْ ان يظهروا عليكم و يبطلوا دينكم وَ اخْشَوْنِ اثبت الياء فى الوصل خاصة ابو عمرو و حذفها الباقون فى الحالين يعنى أخلصوا الخشية لى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ بالتنصيص على قواعد العقائد و التوقيف على اصول الشرائع من الفرائض و الواجبات و السنن و الآداب و الحلال و الحرام و المكروه و موجبات الفساد لما له وجود شرعى كالصلوة و الصوم و البيع و نحوها و قوانين الاجتهاد فيما لا نص فيه و جاز ان يكون المراد بإكمال الدّين بلوغه صلى اللّه عليه و سلم فى معارج القرب الى مرتبة يغبطه الأولون و الآخرون حتى غفر لكمال محبوبيته جميع ذنوب أمته حتى الدماء و المظالم عن عباس بن مرداس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم دعا لامته عشية عرفة بالمغفرة فاجيب انى قد غفرت لهم ما خلا المظالم فانى أخذ للمظلوم منه قال اى رب ان شئت أعطيت المظلوم من الجنة و غفرت للظالم فلم يجب عشيته فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فاجيب الى ما سأل قال فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم او قال تبسم فقال ابو بكر و عمران هذه لساعة ما كنت تضحك فيها فما الذي اضحكك اضحك اللّه سنّك قال ان عدو اللّه إبليس لما علم ان اللّه قد استجاب دعائى و غفر لامتى أخذ التراب فجعل يحثوه على راسه و يدعو بالويل و الثبور فاضحكنى ما رأيت من جزعه رواه ابن ماجة و البيهقي فى كتاب البعث قال ابن

(١) العيافة زجر الطير و التفاؤل بأسمائها و أصواتها و مهرها ١٢ نهاية.

(٢) الطيرة التشاؤم بالشي ء ١٢ نهايه.

عباس لم ينزل بعد هذه الآية حلال و لا حرام و لا شى ء من الفرائض و السنن و الحدود و الاحكام

فان قيل يروى عن ابن عباس ان آية الربوا نزلت بعدها

قلنا ان صح هذا فالمراد ان قوله تعالى فى اخر البقرة الذين يأكلون الربوا لا يقومون الى قوله تعالى يايها الذين أمنوا اتقوا اللّه و ذروا ما بقي من الربوا الآية نزلت بعد ذلك و لا شك ان حرمة الربوا كانت قبل نزول تلك الآية و انما نزلت تلك الاية للتوبيخ و قد ورد فى حديث جابر عند مسلم فى قصة حجة الوداع قوله صلى اللّه عليه و سلم و ربوا الجاهلية موضوع و أول ربوا أضع من ربانا ربوا عباس بن عبد المطلب فانه موضوع كله و قال سعيد بن جبير و قتادة أكملت لكم دينكم فلم يحج معكم مشرك و قيل أظهرت دينكم على الأديان كلها و امنتكم من الأعداء- (فائدة) نزلت هذه الاية يوم الجمعة عرفة بعد العصر فى حجة الوداع و النبي صلى اللّه عليه و سلم واقف بعرفة على ناقته العضباء فكادت عضد الناقة تندقّ من ثقلها فنزلت روى الشيخان فى الصحيحين عن عمر بن الخطاب ان رجلا من اليهود قال له يا امير المؤمنين اية فى كتابكم تقرءونها لو نزلت علينا معشر اليهود ما نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال ايّة اية قال اليوم أكملت لكم دينكم الاية قال عمر قد عرفنا ذلك اليوم و المكان الذي نزلت فيه على النبي صلى اللّه عليه و سلم و هو قائم بعرفة يوم الجمعة أشار عمر الى ان ذلك اليوم كان عيد النابل عيدين الجمعة و عرفة

قال البغوي روى هارون بن عنترة عن أبيه قال لما نزلت هذه الآية بكى عمر فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم ما يبكيك يا عمر قال أبكاني انا كنا فى زيادة من ديننا فاما إذ أكمل فانه لم يكمل شى ء الا نقص قال صدقت و كان هذه الاية نعى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و عاش رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعدها أحد و ثمانين يوما و مات يوم الاثنين بعد ما زاغت الشمس لليتين خلتا من شهر ربيع الاول سنة أحد عشر و كانت هجرته فى الثاني عشر منه وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي يعنى أنجزت وعدي بقولي و لاتم نعمتى عليكم و إتمام النعمة بالهداية و التوفيق و إكمال الدين و فتح مكة و هدم منار الجاهلية حتى حجوا مطمئنين لم يخالطهم أحد من المشركين وَ رَضِيتُ اى اخترت لَكُمُ الْإِسْلامَ من بين الأديان دِيناً و هو الدين الصحيح عند اللّه لا غير روى البغوي بسنده عن جابر بن عبد اللّه قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول قال جبرئيل قال اللّه تعالى هذا دين ارتضيه لنفسى و لن يصلحه الا السخاء و حسن الخلق فاكرموه بهما ما صحبتموه و اللّه اعلم فَمَنِ اضْطُرَّ متصل بذكر المحرمات و ما بينهما اعتراض بما يوجب التجنب عنها من تعظيم الدين و ذكر المنة على المؤمنين باكماله و كون ارتكابها فسقا يعنى من اضطر الى أكل شى ء مما ذكر فِي مَخْمَصَةٍ و هى خلو البطن من الغذاء يقال رجل خميص البطن اى جائع غَيْرَ مُتَجانِفٍ اى مائل لِإِثْمٍ اى الى اثم بان يأكلها تلذذا او عجاوزا عن حد الرخصة فَإِنَّ اللّه غَفُورٌ رَحِيمٌ تقديره فاكله فان اللّه غفور رحيم يغفره قد ذكرنا هذا البحث و ما يناسبه فى سورة البقرة روى البغوي بسنده عن ابى واقد الليثي ان رجلا قال يا رسول اللّه انا نكون بالأرض فتصيبنا بها المخمصة فمتى يحل لنا الميتة فقال ما لم تصطبحوا او تغتبقوا او تحتفؤا بها بقلا فشانكم بها الغبوق شراب اخر النهار مقابل الصبوح كذا فى النهاية و احتفى البقل اقتلعه من الأرض كذا فى القاموس و اللّه اعلم روى الطبراني و الحاكم و البيهقي و غيرهم عن ابى رافع قال جاء جبرئيل الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فاستاذن عليه فاذن له فابطأ فاخذ ردائه فخرج اليه و هو قائم بالباب فقال قد اذنّا لك فقال أجل و لكنا لا ندخل بيتا فيه صورة و لا كلب فنظروا فاذا فى بعض بيوتهم جرؤا فأمر أبا رافع لا يدع كلبا بالمدينة الا قتله فاتاه ناس فقالوا يا رسول اللّه ما ذا يحل لنا من هذه الامّة التي أمرت بقتلها فنزلت.

﴿ ٣