|
٦ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ الاية فقال أسيد ابن حضير لقد بارك اللّه للناس فيكم يا ال ابى بكر و هذه الرواية مصرحة بان النازل فى قصة قلادة عائشة هذه الاية فى المائدة دون اية النساء و يعلم ان هذه الاية اسبق نزولا من اية النساء و الا لما عاتب ابو بكر عائشة بقوله انها حبست الناس لا على ماء و لا ماء معهم و ما شكرها أسيد بن حضير و روى الطبراني عنها نحوه و فيه فانزل اللّه رخصة التيمم فقال ابو بكر انك لمباركة و معنى إذا قمتم الى الصلاة اى إذا أردتم القيام الى الصلاة كقوله تعالى و إذا قرأت القران فاستعذ باللّه عبر عن ارادة الفعل بالفعل المسبب عنها للايجاز و التنبيه على ان من أراد العبادة فليبادر إليها بحيث لا ينفك الارادة عن الفعل و ظاهر الاية يوجب الوضوء على كل قائم الى الصلاة و ان لم يكن محدثا و الإجماع على خلافه و قد صح عن النبي صلى اللّه عليه و سلم انه صلى يوم الفتح الصلوات بوضوء واحد و مسح على خفيه و كان يتوضأ عند كل صلوة فقال له عمر لقد صنعت شيئا اليوم لم تكن تصنعه قال عمد اصنعته يا عمر رواه مسلم و اصحاب السنن الاربعة من حديث بريدة فاختلف العلماء فى تاويل هذه الاية فقال بعضهم الأمر فيه للوجوب و كان ذلك اوّل الأمر ثم نسخ و يدل عليه حديث عبد اللّه بن حنظلة بن عامر غسيل الملائكة ان النبي صلى اللّه عليه و سلم امر بالوضوء عند كل صلوة طاهرا او غير طاهر فلما شق ذلك عليه امر بالسواك لكل صلوة رواه احمد و ابو داود و ابن خزيمة و ابن حبان فى صحيحهما و الحاكم فى المستدرك و قال بعضهم الأمر للندب و الإجماع منعقد على كون الوضوء مسنونا مندوبا عند كل صلوة و ان كان المصلى طاهرا و يدل على كونه مسنونا حديث انس قال كان النبىّ صلى اللّه عليه و سلم يتوضأ عند كل صلوة الحديث رواه النسائي و صححه و يدل على كونه مندوبا حديث ابن عمر ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال من توضأ على طهر كتب اللّه له عشر حسنات رواه النسائي بإسناد ضعيف و قيل هذا الحكم و ان كان مطلقا لفظا لكنه أريد به التقييد و معناه إذا قمتم الى الصلاة محدثين يدل عليه قوله صلى اللّه عليه و سلم لا يقبل اللّه صلوة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ رواه الشيخان فى الصحيحين و ابو داود و الترمذي عن ابى هريرة و قال زيد بن اسلم معنى الاية إذا قمتم الى الصلاة من النوم و قال بعضهم هذا اعلام من اللّه تعالى رسوله ان لا وضوء عليه الا إذا قام الى الصلاة دون غيرها من الأعمال فأذن له ان يفعل بعد الحدث ما شاء من الافعال غير الصلاة عن ابن عباس قال كنا عند النبي صلى اللّه عليه و سلم فرجع من الغائط فأتى بطعام فقيل له الا تتوضأ فقال أريد ان أصلي فاتوضأ رواه البغوي- (فائدة) الوضوء كان واجبا قبل نزول هذه الاية كما يدل عليه ما روى البخاري فى شأن نزول الاية من قصة فقد قلادة عائشة و لذا استعظموا نزولهم على غير ماء و قال ابن عبد البر معلوم عند جميع اهل المغازي انه صلى اللّه عليه و سلم لم يصل منذ فرضت الصلاة الا بوضوء و كان فرض الوضوء مع فرض الصلاة و الحكمة فى نزول اية الوضوء مع ما تقدم من العمل ليكون فرضه متلوا بالتنزيل قلت و لتمهيد التيمم و اللّه اعلم فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ الغسل إمرار الماء عليه و لا يشترط فيه الدلك عند الائمة الثلاثة خلافا لمالك رح و هو محجوج بإطلاق الكتاب و الوجه اسم لعضو معلوم مشتق من المواجهة وحده من منأبت الشعر الى منتهى الذقن طولا و ما بين الأذنين عرضا فمن ترك غسل ما بين اللحية و الاذن لم يجز وضوئه عند الائمة الثلاثة خلافا لمالك رحمه اللّه و يجب إيصال الماء الى ما تحت الحاجبين و اهداب العينين و الشارب و اماما تحت اللحية فانكانت خفيفة يرى ما تحتها يجب غسله و ان كانت كثيفة لا يرى البشرة من تحتها يسقط غسل البشرة فى الوضوء كما يسقط مسح الراس بالشعر النابت عليه- و الدليل عليه اجماع الامة و فعل الرسول صلى اللّه عليه و سلم انه صلى اللّه عليه و سلم كان يغسل وجهه بغرفة واحدة رواه البخاري من حديث ابن عباس و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كث اللحية ذكره القاضي عياض و قرر ذلك فى أحاديث جماعة من الصحابة بأسانيد صحيحة و فى مسلم من حديث جابر كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كثير شعر اللحية قلت و لا يمكن إيصال الماء بغرفة واحدة الى تحت كل شعرة لمن كان كث اللحية و يجب غسل ظاهر اللحية كلها عوضا عن البشرة عند الجمهور كما فى مسح شعر الراس و به قال ابو حنيفة رحمه اللّه فى رواية قال فى الظهيرية و عليه الفتوى و قال فى البدائع ان ما عدا هذه الرواية مرجوع عنه و فى رواية عنه يجب مسح ربع اللحية و فى رواية مسح ثلث اللحية و فى رواية لا يجب مسح اللحية و لا غسلها و الحجة على وجوب غسل ظاهر اللحية كلها ان غسل البشرة سقط بالإجماع و سند الإجماع اما فعل النبي صلى اللّه عليه و سلم انه كان يغسل وجهه بغرفة و اما القياس على سقوط مسح الراس بالشعر النابت عليه و لا شك ان مستند الإجماع نصا كان او قياسا يدل على ان غسل ما تحت اللحية انما سقط لقيام الشعر مقامه و وجوب غسله بدلا عنه اما القياس فلان حكم الأصل ليس الا سقوط مسح الراس الى بدل و هو وجوب مسح الشعر فلابد ان يكون سقوط وظيفة الوجه اعنى الغسل ايضا الى بدل و هو وجوب غسل ما يستره من اللحية كيلا يلزم مزية الفرع على الأصل و اما الحديث فايضا يدل على انه صلى اللّه عليه و سلم كان يغسل وجهه بغرفة و لا شك انه كان يغسل اللحية فظهر ان الإجماع منعقد على قيام اللحية مقام الوجه و سقوط وظيفة الوجه الى بدل لا بلا بدل فثبت بذلك ان وظيفة الوجه و هو غسل تمامه ثابت فى بدله و هو اللحية و اللّه اعلم- وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ اليد اسم لعضو معلوم من الأنامل الى الآباط و لما جعل المرافق غاية الغسل سقط ما ورائه اى العضد و بقي غسل المرافق واجبا عند الائمة الاربعة و جمهور العلماء و حكى عن الشعبي و محمد بن جرير عدم وجوب غسل المرافق و به قال زفر رحمه اللّه لان كلمة الى للغاية و الغاية تكون خارجة عن حكم المغيا كما فى أتموا الصيام الى الليل او لان مذهب المحققين من علمآء العربية انها موضوعة لمطلق الغاية و اما دخولها فى الحكم او خروجها فلا دلالة لها عليه و انما يعلم من خارج و لا دليل هاهنا فلا يدخل بالشك قلنا بل هاهنا دليل على كون الغاية داخلا فى حكم المغيا و هو الإجماع قال الشافعي رحمه اللّه فى الام لا اعلم مخالفا فى إيجاب دخول المرفقين فى الوضوء و ما حكى عن الشعبي و محمد بن جرير ان صح الرواية عنهما و كذا قول زفر رحمه اللّه لا يرفع اجماع من قبلهم و من بعدهم و لم يثبت عن مالك رحمه اللّه خروج المرفقين صريحا و انما حكى عنه اشهب كلاما محتملا و سند الإجماع فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو المبين لمجمل الكتاب روى الدارقطني بإسناد حسن من حديث عثمان فى الوضوء فغسل يديه الى المرفقين حتى مس أطراف العضدين و قال هكذا كان وضوء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و روى ايضا من حديث جابر كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه لكن اسناده ضعيف و روى البزار و الطبراني من حديث وائل بن حجر مرفوعا و غسل ذراعيه حتى جاوز المرفقين و روى الطحاوي و الطبراني من حديث ثعلبة بن عباد عن أبيه مرفوعا ثم يغسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه و لم يرو عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و لا عن أحد من الصحابة انهم تركوا غسل المرافق و الكعاب فى الوضوء و ذلك دليل واضح لمعرفة معنى الكتاب و من ثم قال بعض المفسرين الى هاهنا فى الموضعين بمعنى مع كما فى قوله تعالى و يزدكم قوة الى قوتكم و قوله تعالى و لا تأكلوا أموالهم الى أموالكم و قوله تعالى من انصارى الى اللّه اى مع اللّه وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ اختلف العلماء فى القدر الواجب من مسح الراس بهذه الاية فقال مالك و احمد رحمه اللّه يجب مسح جميع الراس لان الراس اسم لعضو معلوم و الباء زائدة فاذا أمرنا بالمسح يجب استيعابها كما يجب استيعاب الوجه بالمسح فى التيمم و يدل عليه استيعابه صلى اللّه عليه و سلم روى عبد اللّه بن زيد ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مسح راسه بيديه فاقبل بهما و أدبر بمقدم راسه ثم ذهب بهما الى قفاه ثم ردّهما الى المكان الذي بدأ منه متفق عليه و قال ابو حنيفة رحمه اللّه و الشافعي رحمه اللّه الباء للالصاق لانه هو المعنى الحقيقي للباء اجمع عليه علماء العربية لا يصار عنه الا بدليل و هى تدخل على الوسائط غالبا و الوسائط لا تقصد استيعابها و لذلك إذا دخلت على المحل دلت على ان الاستيعاب غير مراد و يدل على ذلك فعله صلى اللّه عليه و سلم عن المغيرة بن شعبة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم توضأ فمسح بناصيته و مسح على الخفين و العمامة رواه مسلم و روى الشافعي رحمه اللّه عن عطاء مرسلا ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم توضأ فحسر العمامة و مسح مقدم راسه و هو مرسل اعتضد من وجه اخر روى موصولا أخرجه ابو داود من حديث انس و فى اسناده ابو معقل لا يعرف حاله و اخرج سعيد بن منصور عن عثمان صفة الوضوء قال و مسح مقدم راسه و فيه خالد بن يزيد بن ابى مالك مختلف فيه قال الحافظ ابن حجر و صح عن ابن عمر الاكتفاء بمسح بعض الراس قاله ابن المنذر و غيره و لم يصح عن أحد من الصحابة انكار ذلك قاله ابن حزم و أحاديث الاستيعاب محمولة على الاستحباب لا ينفى عدم جواز الاكتفاء على البعض و لما ثبت ان مسح جميع الراس غير مراد فقال الشافعي رحمه اللّه فالمعنى و امسحوا بعض رءوسكم فالاية مطلق فيكفى من الرأس مسح شعرة او ثلث شعرات و قال ابو حنيفة رحمه اللّه بل الآية مجملة لان جميع الراس غير مراد بدلالة كلمة الباء و أحاديث المسح على مقدم الراس و لا مطلق البعض من الراس اى بعض كان لان ذلك يحصل فى ضمن غسل الوجه ضرورة استيعاب الوجه و إذا كانت الآية مجملة التحق حديث المغيرة و ما فى معناه بيانا لها فقلنا بوجوب مسح ربع الراس لان للراس اربعة جوانب مقدم الراس واحد منها وَ أَرْجُلَكُمْ قرأ نافع و ابن عامر و الكسائي و يعقوب و حفص بالنصب معطوف على ايديكم بقرينة ضرب الغاية لقوله تعالى إِلَى الْكَعْبَيْنِ فان الغاية لا يضرب فى الممسوح كالراس و أعضاء التيمم انما يضرب للمغسولات و قرا الباقون بالجر لاجل الجوار كما فى قوله تعالى انى أخاف عليكم عذاب يوم اليم بالجر فى اليم على الجوار مع انه صفة لعذاب و هو منصوب و القول بان جر الجوار أنكره اكثر النحاة و من جوزه جوزه بشرط ان لا يتوسط حرف العطف و بشرط الا من من اللبس مدفوع إذا لا من من اللبس حاصل بذكر الغاية و انكار اكثر النحاة ممنوع و إنكاره مكابرة لوقوعه كثيرا فى القران و كلام البلغاء و ذكر الامثلة يقتضى تطويلا لكن اختلف النحاة فى مجئ جر الجوار بتوسط حرف العطف فقيل لا يجئ لان العاطف يمنع التجاوز و الحق انه يجوز بتوسط العاطف فان العاطف موضوع لتوكيد الوصل دون القطع قال ابن مالك و خالد الأزهري ان الواو يختص من بين سائر حروف العطف بأحد و عشرين حكما منها جواز جر الجوار فى المعطوف بها قلت و لو لم يكن على جواز جر الجوار بتوسط المعطوف بالواو دليل اخر فهذه الآية الدالة على وجوب غسل الرجلين بما ذكرنا من وجوه العطف على الأيدي و عدم جواز عطف الأرجل على الرؤوس و بما لحقه البيان من الأحاديث و الإجماع كافية لاثبات جواز جر الجوار بتوسط الواو العاطفة و اللّه اعلم و ايضا المراد بالكعبين هو المرتفع من العظم عند ملتقى الساق و القدم كما سيجئ تحقيقه و فرضية مسح القدم الى الكعبين لم يقل به أحد و ما قيل ان الكلام حينئذ يصير من قبيل ضربت زيدا و عمرا و أكرمت بكرا و خالدا على ارادة كون خالدا مضروبا عطفا على عمر الا مكرما باطل إذ لا قرينة هناك و لا مانع لعطف خالد على بكر و القول بان النصب مبنى على انه معطوف على محل الرؤوس او بنزع الخافض ساقط إذا الأصل فى المعرب العطف على اللفظ دون المحل و ذكر الخافض و لا بد للعدول من الأصل وجه و قرينة و كذا لا يجوز القول بتقدير امسحوا فان تقدير الفعل الخاص لا يجوز من غير قرينة تدل على تعيينه و يشترط فى جميع تلك التأويلات الا من عن التباس المعنى المقصود بما يناقضه و كذا القول بان الواو بمعنى مع باطل لان المصاحبة فى اصل الفعل غير كافية فى المفعول معه بل لا بد من المعية فى الزمان او المكان و المعية فى الزمان غير متصور فان الواجب اما الترتيب و اما مطلق الفعل و بوجوب المسحين فى مكان واحد لم يقل أحد و لو فرض كونه معطوفا على الرءوس بتلك التوجيهات الركيكة فالباء الداخلة على الرءوس تدخل على الآلات غالبا و إذا تدخل على المحل لا يراد بها الاستيعاب تشبيها له بالآلة بل يكون للتبعيض و من ثم ذهب اكثر الفقهاء الى فرضية مسح بعض الراس و تغير اسلوب الكلام فى المعطوف يقتضى ارادة الاستيعاب فى المعطوف و القائلون بمسح الرجلين لم يقل منهم أحد بفرضية استيعاب مسح الرجلين فوظيفة الأرجل الغسل و قالت الامامية و هو معطوف على رءوسكم و حقه الجر و للنصب ذكروا توجيهات ركيكة لنا ما روى ابن خزيمة و غيره من حديث عمرو بن عنبسة عنه صلى اللّه عليه و سلم مطولا فى فضل الوضوء و ذكر فيه ثم يغسل قدميه كما امره اللّه تعالى فهذه الحديث يدل على ان اللّه تعالى انما امر بالغسل و قد تواتر النقل عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و روى أحاديث غسل الرجلين رجال لا يمكن حصرهم و لا يحتمل تواطؤهم على الكذب و لم يرو عنه صلى اللّه عليه و سلم المسح أصلا و اجمع عليه الصحابة و لم يثبت عن أحد منهم خلاف ذلك الا ما روى عن علىّ و ابن عباس و انس و قد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك هكذا قال الحافظ ابن حجر عن على رضى اللّه عنه انه قرا و أرجلكم قال عاد الى الغسل رواه سعيد بن منصور و ابن المنذر و ابن ابى حاتم و عن ابى عبد الرحمن السلمى قال قرا الحسن و الحسين و أرجلكم الى الكعبين فسمع على ذلك و كان يقضى بين الناس فقال و أرجلكم هذا من المقدم و المؤخر من الكلام أخرجه ابن جرير عن ابى عبد الرحمن و قال قال عبد الرحمن بن ابى ليلى اجمع اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على غسل القدمين رواه سعيد بن منصور و اخرج ابن ابى شيبة عن الحكم قال مضت السنة من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و المسلمين بغسل القدمين و اخرج ابن جرير عن عطاء قال لم يجز أحد المسح على القدمين و ادعى الطحاوي و ابن حزم ان المسح منسوخ روى ابن جرير عن انس انه قال نزل القران بالمسح و السنة بالغسل و هذا القول يدل على ان ظاهر القران يدل على المسح لكن عمل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان الغسل و لا يمكن ذلك الا ان يكون المراد بالقران هو الغسل او كان حكم القران منسوخا و لنا ايضا حديث عبد اللّه بن عمر قال تخلف عنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى سفرة سافرناها فادركنا و قد راهقتنا الصلاة و نحن نتوضأ فجعلنا نمسح على أرجلنا قال فنادى بأعلى صوته ويل للاعقاب من النار متفق عليه و روى عن ابى هريرة انه مر بقوم يتوضأون فقال اسبغوا الوضوء فانى سمعت أبا القاسم صلى اللّه عليه و سلم يقول ويل للاعقاب من النار متفق عليه و قد روى ويل للاعقاب من النار جابر و عايشة و احتجوا بما رواه اويس بن ابى اويس قال رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم توضأ و مسح على نعليه ثم قام الى الصلاة و رواه ابو داود و قال على نعليه و قدميه قلنا معناه مسح على نعليه اللتين عمت على قدميه فمسح عليهما كما يمسح على الخفين فان قيل قد رواه هيثم عن يعلى و قال فيه توضأ و مسح على رجليه قلنا قال احمد لم يسمع هيثم من يعلى و قد كان يدلس فلعله سمع عن بعض السفهاء ثم أسقط من البين او يقال معناه مسح على رجليه و هما فى الخفين و الكلام فى الكعبين كالكلام فى المرافق و قد مر و الكعب هو المرتفع من العظم عند ملتقى الساق و القدم هو الذي يعرفه اهل اللغة دون معقد الشراك و يدل على هذا إيراد لفظ التثنية فقال الكعبين و لم يقل الى الكعاب لان انقسام الآحاد على الآحاد انما يتصور عند مقابلة الجمع بالجمع دون التثنية بالجمع و إذا لم يمكن الانقسام وجب ان يكون فى كل رجل كعبان و معقد الشراك فى كل رجل واحد- (مسئلة:) يجزى المسح على الخفين عن غسل الرجلين عند الجمهور إذا لبسهما على طهارة كاملة فى الحضر و السفر خلافا لمالك رحمه اللّه فى الحضر و اما السفر فالروايات الصحيحة عنه انه يجوز المسح و منعت الامامية و ابو بكر بن داود المسح على الخفين مطلقا قال بعض المفسرين قراءة النصب يوجب غسل الرجلين عطفا على الأيدي و قراءة الجر يوجب مسحهما عطفا على رءوسكم و يحمل تلك القراءة على حالة كونهما فى الخفين «١» و القراءتان بمنزلة (١) يقال كلما دخلت على الأمير قبلت على رجليه و قد كان يقبل على رجليه ان كانتا مكشوفتين و على خفيه إن كانتا فى الخفين و القول بانه لم يجز ذكر الخفين و ما دلت عليه قرينة ليس بمغنئ لان الآيتين او القراءتين إذا تعارضتا يجب الجمع بينهما و من وجوه الجمع حملهما على الحالين و لا يشترط ذكر الحالين فى الكلام و لا قيام القرينة الا ترى انهم حملوا قراءة التشديد فى قوله تعالى و لا تقربوهن حتى يطهرن فيما إذا كان انقطاع الدم قبل العشرة و قراءة التخفيف على كون الانقطاع لتمام العشرة و كون لبس الخفين فى زمن النبىّ صلى اللّه عليه و سلم نادرا ممنوع ١٢ منه دام بركاته [.....]. الآيتين يجوز ان يحمل أحدهما على المعنى الحقيقي و الاخرى على المعنى المجازى الا ترى ان التركيب و التقدير فى احدى القرائتين يغائر التركيب و التقدير فى الاخرى و لو لا هذا التأويل فالحجة للجمهور ان حديث جواز المسح على الخفين متواتر بالمعنى يجوز به نسخ الكتاب صرّح جمع من الحفاظ بان المسح على الخفين متواتر و جمع بعضهم رواته فجاوز الثمانين منهم العشرة المبشرة و روى ابن ابى شيبة و غيره عن الحسن البصري حدثنى سبعون من الصحابة بالمسح على الخفين قال ابو حنيفة رحمه اللّه ما قلت بالمسح حتى جاءنى فيه مثل ضوء النهار و عنه أخاف الكفر على من لم ير المسح على الخفين و قال احمد ليس فى قلبى من المسح شى ء فيه أربعون حديثا عن اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما رفعوا و ما وقفوا و ذكر منها حديثين أحدهما حديث المغيرة بن شعبة قال كنت مع النبي صلى اللّه عليه و سلم فى سفر فقال يا مغيرة خذ الاداوة فاخذتها فانطلق رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى توارى عينى فقضى حاجته فصببت عليه فتوضأ وضوئه للصلوة و مسح على خفيه ثم صلى متفق عليه و لهذا الحديث طرق كثيرة روى عنه من نحو ستين طريقا و ذكر ابن مندة منها خمسة و أربعين ثانيهما حديث جرير قال رايت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بال ثم توضأ و مسح على الخفين قال ابراهيم و كان يعجبهم هذا الحديث لان اسلام جرير كان بعد نزول المائدة متفق عليه و قال ابن عبد البر المالكي لا اعلم روى عن أحد من الفقهاء إنكاره الا عن مالك مع ان الروايات الصحيحة عنه مصرحة بإثباته و لم يرو عن أحد من الصحابة إنكاره الا عن ابن عباس و عائشة و ابى هريرة فاما ابن عباس و ابو هريرة فقد جاء عنهما بالأسانيد الحسان خلاف ذلك و موافقة ساير الصحابة و اما عائشة ففى صحيح مسلم عن شريح بن هانى قال سالت عائشة عن المسح على الخفين قالت عليك بابن ابى طالب فاساله فانه كان يسافر مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فسالناه فقال جعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثلثة ايّام و لياليهن للمسافر و يوما و ليلة للمقيم رواه ابو داؤد و الترمذي و ابن حبان و روى الدارقطني عن عائشة اثبات المسح على الخفين و ما قيل ان عليا عليه السلام قال ما أبالي مسحت على الخفين او على ظهر حمارى باطل لا اصل له و ما قيل ان عائشة قالت لان اقطع الرجل بالموسى أحب الىّ من ان امسح على الخفين باطل نص عليه الحفاظ. (مسئلة:) مدة المسح على الخفين للمسافر ثلثة ايام و لياليها و للمقيم يوم و ليلة لحديث ابى بكر أرخص للمسافر ثلثة ايّام و للمقيم يوما و ليلة إذا تطهر فلبس خفيه رواه الترمذي و صححه و رواه ابن خزيمة و ابن حبان و ابن الجارود و الشافعي رحمه اللّه و ابن ابى شيبة و البيهقي و الدارقطني و نقل البيهقي ان الشافعي رحمه اللّه صححه و فى حديث المغيرة كما مرّ و فيه قلت يا رسول اللّه الا انزع خفيك قال دعهما فانى أدخلتهما و هما طاهرتان و ثبت مدة المسح فى حديث على و صفوان بن عسال و عمرو بن الخطاب و عمرو بن ابى امية الضميري و ابى هريرة و خزيمة بن ثابت ذكرها ابن الجوزي فى التحقيق و سردناها فى منار الاحكام فهى حجة على مالك حيث لا يوقت للمسافر و يمنع المقيم كما روى عنه (مسئلة:) و لا يشترط فى الوضوء الترتيب و لا الموالاة عند ابى حنيفة رحمه اللّه و يشترط الترتيب عند الائمة الثلاثة و كذا الموالاة عند مالك و احمد رحمه اللّه و القول القديم للشافعى رحمه اللّه لنا ان فى الاية ورد العطف بالواو و هى لمطلق الجمع دون الترتيب فهى لا تدل على الترتيب و لا على الموالاة و روى ان على بن ابى طالب قال ما أبالي باى أعضائي بدأت احتجوا بحديث ابى بن كعب و ابن عمران رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم دعا بوضوء فتوضأ مرة مرة فقال هذا وضوء من لم يتوضأ لم يقبل اللّه له صلوة ثم توضأ مرتين مرتين فقال هذا وضوء من توضأ أعطاه اللّه كفلين من الاجر ثم توضأ ثلثا ثلثا فقال هذا وضوئي و وضوء المرسلين قبلى رواهما الدارقطني وجه الاحتجاج انه صلى اللّه عليه و سلم لا يخلو من انه توضأ مرتبا متواليا اولا لا جايز انه لم يرتب و لم يوال و الا لافترض ترك الترتيب و الموالاة و لم يقل به أحد فثبت انه رتب و والى فثبت انه لا يقبل اللّه الصلاة الا بهما و الجواب عنه بوجوه أحدها من حيث السند ان الحديثين ضعيفان فى حديث ابى بن كعب زيد بن ابى الجواري قال يحيى ليس بشئ و قال ابو ذرعة واهي الحديث و عبد اللّه بن عوادة قال يحيى ليس بشئ و قال البخاري منكر الحديث و فى حديث ابن عمر المسيب بن واضح ضعيف ثانيها من حيث المتن بالنقض و ذلك بان يقال لو صح الاستدلال بهذا الحديث على وجوب الترتيب لوجب بهذا الحديث اما التيامن او عدمه و السواك او عدمه و الاستنثار او عدمه لان فعله صلى اللّه عليه و سلم لا يخلو عن أحد الضدين من هذه الأمور و ثالثها و هو الحلّ ان المراد به الاكتفاء على مرة مرة ادنى مراتب الامتثال لا يقبل اللّه الصلاة الا به و قد يحتج على وجوب الترتيب بحديث عمرو بن عنبسة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال ما منكم أحد يقرب وضوئه ثم يمضمض و يستنشق و يستنثر إلا خرت خطايا فمه و خياشيمه مع الماء ثم يغسل وجهه إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء ثم يغسل يديه الى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أطراف أنامله مع الماء ثم يمسح راسه كما امره اللّه تعالى إلا خرت خطايا راسه من أطراف شعره مع الماء ثم يغسل قدميه الى الكعبين كما امره اللّه تعالى إلا خرت خطايا قدميه من أطراف أصابعه مع الماء رواه مسلم و كذا روى عن ابى هريرة بلفظ ثم و هى للترتيب قلنا هذا الحديث حكاية عما يفعل المتوضي غالبا و بشارة له بالمغفرة و لا يدل على عدم جواز الصلاة عند فوات الترتيب بل لا يدل على عدم المغفرة عند فواته و احتجوا على وجوب الموالاة بان رجلا توضأ للصلوة فترك موضع ظفر على ظهر قدمه فابصر النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال ارجع فاحسن وضوءك فرجع فتوضأ ثم صلى رواه من حديث عمر بن الخطاب و احمد و ابو داود و غيرهما من حديث انس و لا حجة فيه لان معنى قوله صلى اللّه عليه و سلم احسن وضوءك اى أتمم وضوءك بغسل هذا الموضع و لا يدل على الأمر باعادة الوضوء فان قيل روى احمد حديث عمر بلفظ امره ان يعيد الوضوء قلنا فيه ابن لهيعة ضعيف و كذا ما روى عن بعض ازواج النبي صلى اللّه عليه و سلم ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رأى رجلا يصلى و فى بعض ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصيها الماء فامره عليه السلام ان يعيد الوضوء ضعيف فيه بقية مدلس لا يصح حديثه ما لم يتابع عليه أحد و يدل على عدم اشتراط الموالاة ما رواه البخاري عن ميمونة فى صفة غسلرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قالت ثم تنحى عن مقامه فغسل قدميه و روى مالك عن نافع عن ابن عمر و الشافعي رحمه اللّه فى الام عن مالك ان ابن عمر توضأ فى سوق المدينة فدعى الى جنازة و قد بقي من وضوئه فرض الرجلين فذهب معهم الى المصلّى ثم مسح على الخفين و يذكر عن ابن عمر غسل القدمين بعد ما جف وضوئه و اللّه اعلم- (مسئلة:) و لا يشترط فى الوضوء النية عند ابى حنيفة رحمه اللّه و يشترط عند الائمة الثلاثة لانه عبادة بالإجماع و كل عبادة يشترط له النية بالنصوص و الإجماع قال اللّه تعالى و ما أمروا الا ليعبدوا اللّه مخلصين له الدين و قال عليه السلام انما الأعمال بالنيات قلنا الوضوء له اعتباران فباعتبار انه عبادة مكفرة للسيئات لا بد له من نية لما ذكرتم فان ثواب الأعمال انما هو بالنية و باعتبار انه مفتاح للصلوة و شرط من شروطها لا يشترط له النية كما لا يشترط لسائر شرائط الصلاة من ستر العورة و طهارة الاخباث و غيرها. (مسئلة:) لا يشترط للوضوء التسمية و لا المضمضة و لا الاستنشاق عند الجمهور و قال احمد كل ذلك واجب ركن للوضوء اما التسمية فلقوله صلى اللّه عليه و سلم لا وضوء لمن لم يذكر اسم اللّه عليه رواه احمد و جماعة من الائمة من حديث كثير بن زيد عن رميح بن عبد الرحمن بن ابى سعيد الخدري عن أبيه عن جده و رواه الترمذي و جماعة من حديث سعيد بن زيد من طريق عبد الرحمن بن حرملة عن ابى ثقال عن رباح عن جدته عن أبيها و روى احمد و اصحاب السنن من حديث ابى هريرة من طريق يعقوب ابن سلمة عن أبيه عنه و فى بعض ألفاظه من توضأ و ذكر اسم اللّه فانه طهر جسده كله و من توضأ و لم يذكر اسم اللّه لم يطهر الا موضع الوضوء رواه الدارقطني عنه و عن ابن مسعود و ابن عمر و لحديث عائشة كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقوم الى الوضوء فيسمى اللّه عز و جل رواه الترمذي و ابن ابى شيبة و ابن عدى و حديث خصيف قال توضأ رجل عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لم يسم فقال أعد وضوءك ثم توضأ و لم يسم فقال أعد وضوءك ثلث مرات ثم توضأ و سمى فقال الان خيرا أصبت وضوءك و الجواب ان حديث خصيف موضوع لا اصل له و باقى الأحاديث كلها ضعاف قال ابو بكر الأثرم سمعت احمد بن حنبل يقول ليس فى هذا شى ء يثبت و أحسنها حديث كثير بن زيد و كثير ضعيف و كذا عبد الرحمن بن حرملة قال ابو حاتم لا يحتج به و لينه البخاري و ابو ثقال و رباح مجهولان وجدة رباح راوية هذا الحديث عن سعيد بن زيد لا يعرف اسمها و لا حالها و كذا قال ابو حاتم و ابو ذرعة و يعقوب بن سلمة هو الليثي قال البخاري لا يعرف له سماع من أبيه و لا لابيه من ابى هريرة و اما حديث عائشة ففى اسناده حارثة عن محمد و هو ضعيف قال الحافظ ابن حجر و فى الباب حديث على رواه ابن عدى و قال اسناده ليس بمستقيم و حديث انس رواه عبد الملك و هو شديد الضعف و حديث ابن عمر و فيه ابو بكر الداهر و هو متروك و حديث ابن مسعود و فيه يحيى بن هاشم الشمشاد متروك و روى مرسلا عن ابان و هو مرسل ضعيف فالحاصل ليس فى الباب حديث صحيح و من ثم قال احمد لا امره بالاعادة فارجوا ان يجزيه الوضوء لكن احمد يقدم الحديث الضعيف على القياس لا سيما هذه الأحاديث بالاجتماع و الاعتضاد تدل على ان لها أصلا و استدلوا ايضا على وجوب البسملة بحديث ابى هريرة مرفوعا كل امر ذى بال لم يبدأ ببسم اللّه فهو اجزم قلنا هذا الحديث لا يدل على الوجوب و الا لكان الحمد ايضا واجبا لورود الحديث فيه ايضا بمعناه ثم هذه الأحاديث معارض بحديث ابى جهيم قال اقبل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من نحو بيرجمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه حتى اقبل على الجدار فمسح بوجهه و يديه ثم رد عليه متفق عليه فان هذا الحديث يدل على انه صلى اللّه عليه و سلم كره ان يذكر لفظ السلام و هو من اسماء اللّه تعالى على غير طهر فذكر اللّه تعالى بالتسمية قبل الوضوء اولى بالكراهة و لو سلمنا أحاديث الأمر بالتسمية فهى محمولة على الندب و المراد نفى الوضوء على وجه الكمال و اما المضمضة و الاستنشاق فدليل وجوبهما حديث عائشة رضى اللّه عنها و ابن عباس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال المضمضة و الاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه او لا يتم الوضوء الا بهما و حديث ابى هريرة امر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بالمضمضة و الاستنشاق روى الأحاديث الثلاثة الدارقطني و الجواب ان حديث عائشة فيه سليمان بن موسى قال البخاري عنده مناكير و قال النسائي ليس بالقوى و حديث ابن عباس فيه جابر الجعفي كذبه أيوب السجستاني و زائدة و قال النسائي متروك و اما حديث ابى هريرة فقال الدارقطني لم يسنده غير هدبة و داؤة بن المحبر عن حماد عن عمار بن ابى عمار عنه و غيرهما يرويه عن عمار مرسلا و أجاب ابن الجوزي بان هدبة ثقة اخرج عنه فى الصحيحين و الرفع زيادة و من الثقة مقبولة ثم المرسل ايضا حجة و قد يحتج على وجوب الاستنشاق بحديث ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخره من الماء ثم ليستنثر رواه مسلم و فى بعض طرقه فليجعل فى انفه ماء ثم ليستنثر متفق عليه قال ابن الجوزي قد روى نحوه عن عثمان بن عفان و سلمان بن قيس و مقدام بن معد يكرب و روى احمد و ابو داؤد و الحاكم من حديث ابن عباس مرفوعا استنثروا مرتين بالغتين او ثلثا و لابى داؤد الطيالسي إذا توضأ أحدكم فليستنثر و ليفعل ذلك مرتين او ثلثا و اسناده حسن قلنا الأمر بالمضمضة و الاستنشاق و الاستنثار محمول على الاستحباب لا سيما عند اقترانه بالاستنثار الذي هو ليس بواجب اجماعا و قد روى عن ابى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم انه قال من توضأ فليستنثر من فعل فقد احسن و من لا فلا حرج ثم على اصل ابى حنيفة رحمه اللّه الأحاديث التي تدل على وجوب التسمية او المضمضة او الاستنشاق او غير ذلك فى الوضوء لو فرضنا صحتها لا يجوز بها الزيادة على الكتاب لان الزيادة على الكتاب عنده فى حكم النسخ لان مقتضى الآية صحة الصلاة عند الاقتصار على الأركان الاربعة و لا يجوز نسخ الكتاب بحديث الآحاد فلا يجوز الزيادة على الكتاب بحديث الآحاد و اللّه اعلم- (فصل) و سنن الوضوء النية و البداية بغسل اليدين الى الرسغين ثلثا و المضمضة و الاستنشاق و الاستنثار ثلثا ثلثا و تثليث غسل المغسولات و مسح كل الراس مرة و الترتيب و الموالاة لحديث عبد اللّه بن زيد قيل له توضأ لنا وضوء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فدعا باناء فاكفأ منه على يديه فغسلهما ثلثا فمضمض و استنشق من كف واحدة ففعل ذلك ثلثا فغسل وجهه ثلثا فغسل يديه الى المرفقين مرتين مرتين فمسح برأسه فاقبل بيديه و أدبر ثم غسل رجليه الى الكعبين ثم قال هكذا كان وضوء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم متفق عليه و فى رواية فمضمض و استنشق و استنثر ثلثا بثلث غرفات و فى حديث على تمضمض ثلاثا و استنشق ثلثا و غسل وجهه ثلثا و ذراعيه ثلثا و مسح برأسه مرة ثم غسل قدميه الى الكعبين ثم قام فاخذ فضل طهوره فشرب و هو قائم ثم قال أحببت ان أريكم كيف كان طهور رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رواه الترمذي و النسائي قال الدارقطني لم يرو عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انه توضأ وضوء لم يدع فيه أحدا من هذه الثلاثة يعنى النية و الترتيب و الموالاة و قال الشافعي رحمه اللّه فى أحد قوليه و احمد رحمه اللّه ان السنة مسح الراس ثلثا و قد صح من حديث عثمان و على و عبد اللّه بن زيد و سلمة ابن الأكوع و انس و معاذ بن جبل و براء بن عازب و عبد اللّه بن عمرو ابن عبّاس انه مسح راسه مرة احتجوا بحديث عثمان انه صلى اللّه عليه و سلم توضأ ثلثا ثلثا رواه البخاري و حديث على مثله رواه الترمذي قلنا قوله توضأ ثلثا يعود الى تثليث ما يحصل به الوضاءة و هو الغسل قال ابو داؤد أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على ان مسح الراس مرة واحدة و ما ورد فى بعض ألفاظ حديث على توضأ و مسح برأسه و اذنيه ثلثا فنحمله على تثليث إمرار اليد من غير أخذ ماء جديد لكل مرة جمعا بين الأحاديث و حينئذ يعد المسح مرة واحدة كما ورد فى حديث عبد اللّه بن زيد مسح راسه بيديه فاقبل بهما و أدبر بمقدم راسه ثم ذهب بهما الى قفاه ثم ردهما الى المكان الذي بدأ منه و اللّه اعلم- و منها مسح الأذنين لحديث ابى امامة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال الأذنان من الراس و كان يمسح راسه مرة ............ و كان يمسح الماقين رواه احمد و اصحاب السنن و الحديث يدل على المواظبة و حديث مقدام بن معد يكرب مرفوعا توضأ فادخل إصبعيه فى حجرى اذنيه رواه النسائي و ابن ماجة و حديث على توضأ و مسح برأسه و اذنيه ثلثا و قال هكذا كان وضوء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فان قيل ليس فى كثير من الأحاديث ذكر الأذنين قلنا إذا ثبت المواظبة بحديث ابى امامة و على فعدم ذكر غيرهما لا ينتهض دليلا على النفي و لعل من لم يذكر مسح الأذنين اكتفى بذكر مسح الرأس بناء على قوله صلى اللّه عليه و سلم الأذنان من الراس و منها تخليل اللحية لحديث عثمان ان النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يخلل لحيته رواه الترمذي و ابن ماجة و ابن خزيمة و الحاكم و ابن حبان و فى الباب حديث ابن عمر رواه ابن ماجة و الدارقطني و البيهقي و صححه ابن السكن و منها ان يدلك عارضيه بعض الدلك لحديث ابن عمر كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عرك عارضيه بعض العرك رواه ابن ماجة و الدارقطني و صححه ابن السكن و الحديث حسن- (فصل) و يستحب البداية بالتسمية لما ذكرنا من الأحاديث و حملناه على الندب و التيامن و كان القياس كونها سنة و لم يقل العلماء بسنيته لان مواظبته صلى اللّه عليه و سلم كان على سبيل العادة دون العبادة لحديث عايشة قالت كان النبىّ صلى اللّه عليه و سلم يحب التيامن ما استطاع فى شانه كله فى طهوره و ترجله و تنعّله متفق عليه و قال عليه السلام إذا توضأوا فابدءوا بميامنكم رواه احمد و ابو داود و غيرهما و إذا فرغ من الوضوء يستحب ان يقول اشهد ان لا اله الا اللّه وحده لا شريك له و اشهد ان محمدا عبده و رسوله اللّهم اجعلنى من التوابين و اجعلنى من المتطهرين- روى مسلم من حديث عقبة بن عامر عن عمر من توضأ فقال اشهد ان لا اله الا اللّه الى قوله رسوله فتحت له أبواب الجنة يدخلها من ايها شاء و رواه الترمذي من وجه اخر و زاد فيه اللّهم اجعلنى إلخ او يقول سبحانك اللّه و بحمدك اشهد ان لا اله الّا أنت استغفرك و أتوب إليك و يصلى ركعتين رواه ابن ماجة من حديث انس و النسائي و الحاكم من حديث ابى سعيد بلفظ من توضأ فقال سبحانك إلخ كتب فى رق ثم طبع بطابع فلم يكسر الى يوم القيامة و صحح النسائي الموقوف و المرفوع ضعيف لكن الموقوف له حكم الرفع- (مسئلة) السواك سنة مؤكدة فى نفسه روى البخاري من حديث انس مرفوعا أكثرت عليكم فى السواك و مسلم من حديث عائشة كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا دخل بيته يبدأ بالسواك و الطبراني و البيهقي من حديث امّ سلمة ما زال جبرئيل يوصينى بالسواك حتى خشيت ان يدردنى «١» و ورد نحوه من حديث سهل بن سعد و ابى امامة و جبير بن مطعم و ابى الطفيل و ابن عبّاس و المطلب و عائشة و انس فى كتب الحديث و هذا يدل على كمال المواظبة خصوصا للمستيقظ فانه صلى اللّه عليه و سلم كان إذا قام من النوم استاك متفق عليه و يستحب السواك عند كل صلوة قال عليه السلام لو لا ان أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلوة رواه مسلم و ابو داود و عن عائشة مرفوعا فضل الصلاة التي يستاك بها على الصلاة التي لا يستاك بها سبعين ضعفا رواه احمد و ابن خزيمة و الحاكم و غيره و ليست السواك من سنن الوضوء لانه روى عن عثمان و على و عبد اللّه ابن زيد و غيرهم فى صفة الوضوء أحاديث كثيرة لم يرو عنهم السواك كما روى المضمضة و الاستنشاق و اللّه اعلم وَ إِنْ كُنْتُمْ وقت قيامكم الى الصلاة جُنُباً قد مر تفسيره فى سورة النساء (١) الادراد إسقاط الأسنان ١٢. فَاطَّهَّرُوا امر بالمبالغة فى التطهير فيجب غسل سائر البدن و يجب المضمضة و الاستنشاق ايضا امتثالا للمبالغة بالتطهير فان باطن الفم و الخيشوم ظاهر البدن من وجه إذا انفتح و باطنه إذا انضم فالحقنا فى الغسل بالظاهر رعاية للمبالغة و قال مالك و الشافعي رحمهما اللّه هما سنتان فى الغسل ايضا كما فى الوضوء لحديث أم سلمة قالت قلت يا رسول اللّه انى امراة أشد ضفر راسى فانقضه لغسل «١» الجنابة قال لا انما يكفيك ان تحثى على راسك ثلث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين رواه مسلم قلنا انها سالت عن كيفية غسل الراس هل ينقض شعرها أم لا فورد جوابها من غير تعرض للمضمضة و الاستنشاق نفيا و لا اثباتا فلا حجة فيه- (مسئلة:) و يجب ايضا إيصال الماء فى الغسل الى اصول شعر الراس على الرجل و المرأة و كذا غسل باطن اللحية خلافا لمالك و الشافعي رحمهما اللّه فى رواية له القياس على الوضوء وجه الفرق عندنا الأمر بالمبالغة فى التطهير فى الغسل دون الوضوء و قوله صلى اللّه عليه و سلم انقوا البشر و حديث على سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها الماء فعل اللّه به كذا و كذا من النار قال على فمن ثم عاديت شعرى رواه ابو داؤد و ابن ماجة و اسناده صحيح و ما قيل الصواب وقفه قلنا الرفع زيادة و الزيادة من الثقة مقبولة ثم الموقوف فى الباب له حكم الرفع لان عذاب الاخرة لا يدرك بالرأي و عن ابى ايّوب مرفوعا أداء الامانة غسل الجنابة فان تحت كل شعرة جنابة رواه ابن ماجه و اسناده ضعيف و فى الصحيحين عن عائشة فى صفة غسله صلى اللّه عليه و سلم ثم يدخل أصابعه فى الماء فيخلل بها اصول شعره و عن عائشة ان اسماء سالت النبي صلى اللّه عليه و سلم عن غسل المحيض فذكر الحديث و فيه فيدلك دلكا شديدا حتى يبلغ شؤن راسها رواه مسلم و فى الباب حديث ابى ذر إذا وجدت الماء فامسس بشرتك رواه احمد- (مسئلة:) و لا يجب الدلك عند الجمهور خلافا لمالك رحمه اللّه لنا قوله تعالى (١) اخرج ابن ابى شيبة عن ابن عمر قال كنا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاتاه رجل جيد الثياب طيب الريح حسن الوجه فقال يا رسول اللّه ما الإسلام قال تقيم الصلاة و توتى الزكوة و تصوم رمضان و تحج البيت و تغتسل من الجنابة قال صدقت و اخرج عبد بن حميد عن وهب الزمارى قال مكتوب فى الزبور من اغتسل من الجنابة فانه عبدى حقا و من لم يغتسل من الجنابة فانه عدوى حقا ١٢ منه. حتى تغتسلوا و الاغتسال اسالة الماء و الدلك امر خارج من مفهومه و حديث جبير قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم امّا انا فاخذ ملأ كفى من الماء فاصب على راسى ثم أفيض بعد على سائر جسدى متفق عليه و ليس فى شى ء من أحاديث الغسل ما يدل على وجوب الدلك- (مسئلة:) و لا يجب على المرأة نقض الظفائر و غسل فروع الشعر اجماعا و اما على الرجل فنقض الظفائر و غسل فروع الشعر من الرأس و اللحية واجب بالإجماع و كان القياس وجوب غسل فروع الشعر بنقض الظفائر على الفريقين نظرا للامر بالمبالغة فى التطهير لكن سقط غسل فروع الشعر عن المرأة للحرج اللازم لها دونه كما دل عليه حديث أم سلمة المذكور و روى مسلم عن عبيد بن عمير قال بلغت عائشة ان عبد اللّه بن عمر يأمر النساء إذا اغتسلن ان ينقضين رؤسهن قالت أ فلا يأمرهن ان يحلقن رؤسهن لقد كنت اغتسل انا و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من اناء واحد فما أزيد على ان افرغ على راسى ثلث فرغات و لم يسقط غسل فروع الشعر للرجال عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر و انقوا البشر رواه ابو داود و الترمذي و ابن ماجة و البيهقي لكنه ضعيف مداره على الحارث بن دحية و هو ضعيف جدا قال الدارقطني انما يروى هذا عن مالك بن دينار مرسلا و كذا رواه سعيد بن منصور عن هشيم عن يونس عن الحسن مرسلا و قال ابن الجوزي انما يروى هذا من قول ابى هريرة فهو مرسل صحيح و حديث موقوف صحيح و الحديث المتصل المرفوع ضعيف و المرسل حجة لاسيما عند الاعتضاد بالمسند و الأثر- (فصل) و السنة فى الغسل النية و الموالاة و ان يتوضأ الا رجليه ثم يفيض الماء على بدنه ثم يغسل رجليه لا فى المستنقع اما النية فالخلاف فيه كما فى الوضوء و قد مر و اما الموالاة فلمواظبته عليه السلام و اما باقى السنن فلحديث ميمونة قالت وضعت للنبىّ صلى اللّه عليه و سلم غسلا فاغتسل من الجنابة فاكفأ الإناء بشماله على يمينه فغسل كفيه ثلثا ثم أفاض على فرجه ثم مضمض و استنشق و غسل وجهه ثلثا و ذراعيه ثلثا ثم أفاض على راسه ثلثا ثم أفاض على سائر جسده الماء ثم تنحى فغسل رجليه متفق عليه و عن عائشة قالت كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا غسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم توضأ كما يتوضأ للصلوة ثم يدخل أصابعه فى الماء فيخلل بها اصول شعره ثم يفيض الماء على جلده كله متفق عليه- (فائدة) و ازالة النجاسة الحقيقية عن بدنه انكانت فواجبة و لذا لم تذكر من سنن الغسل كما لم تذكر الاستنجاء من سنن الوضوء و تثليث غسل سائر البدن لم يظهر لى عليه دليل و اللّه اعلم وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ قد مر تفسيره فى سورة النساء زاد اللّه تعالى فى هذه السورة قوله مِنْهُ اى من الصعيد قال البغوي فيه دليل على انه يجب مسح الوجه و اليدين بالصعيد و هو التراب قلت هذا مبنى على ان كلمة من للتبعيض و من هاهنا قال ابو يوسف و غيره لا يجوز التيمم على شى ء من جلس الأرض بلا نقع عليه و عن محمد رح روايتان قلنا المحققون من اهل العربية على ان أصلها لابتداء الغاية و كونها للتبعيض او البيان موقوف على القرينة قال المحقق التفتازانيّ و هو من الشافعية ذهب بعض الفقهاء يعنى من الشافعية ان من اصل وضعها للتبعيض دفعا للاشتراك و هذا ليس بسديد لاطباق ائمة اللغة على انها حقيقة فى ابتداء الغاية انتهى كلامه قلت و معنى التبعيض هاهنا لا يصح لان ضابطة التبعيض جواز وضع لفظ البعض موضعها و ذالا يتصور لان المسح إمرار اليد فمعنى قوله تعالى فامسحوا بوجوهكم الاية امرروا ايديكم ملصقا بوجوهكم و ايديكم و هذا كلام تام لا يستدعى مفعولا به اخر حتى تجعل بعض الأرض مفعولا به فان قيل قال صاحب الكشاف قولهم انها لابتداء الغاية تعسف و لا يفهم أحد من العرب من قول القائل مسحت برأسي من الدهن او من الماء او من التراب الا معنى التبعيض قلنا فى الامثلة التي ذكر صاحب الكشاف انما يفهم التبعيض بالقرينة العقلية لا من كلمة من فان إمرار اليد ملصقا بالرأس مبتديا امراره عن الدهن او الماء او التراب يقتضى عند العقل تلطخ اليد ببعض هذه الأشياء لا باللفظ و اما لو قيل مسحت برأسي من الصخرة لا يفهم منه معنى التبعيض البتة بل يفهم معنى الابتداء كما لا يخفى و إذا ثبت ان من لابتداء الغاية ثبت جواز التيمم على الصخرة بلا نقع و اللّه اعلم ما يُرِيدُ اللّه بالأمر بالوضوء و الغسل و التيمم لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ من ضيق وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ من الأحداث و من الذنوب كما روينا من حديث عمرو بن عنبسة قوله صلى اللّه عليه و سلم ما منكم أحد يقرب وضوئه ثم يمضمض و يستنشق إلا خرت خطايا فمه و خياشيمه مع الماء الحديث و روى البغوي عن عثمان انه توضأ ثلثا ثلثا ثم قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول من توضأ وضوئي هذا خرجت خطايا من وجهه و يديه و رجليه وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ بشرعية ما هو مطهر لا بد انكم و مكفر لذنوبكم و مفتاح لصلوتكم التي هو معراج لكم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تمام النعمة دخول الجنة و الفوز من النار رواه احمد و ابن ابى شيبة و الترمذي من حديث معاذ بن جبل و عن ابى هريرة قال انى سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول ان أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من اثار الوضوء فمن استطاع منكم ان يطيل غرّته فليفعل رواه البخاري و اللام فى المواضع الثلاثة مزيدة و ان بعدها مقدرة و المصدر مفعول به ليريد و ضعّف البيضاوي هذا التأويل مع كونه اظهر أخذا من عبارة الكافية حيث قال يقدر ان بعد لام كى و لام الجحود و قال البيضاوي ان لا يقدر بعد المزيدة و قد صرح الرضى و صاحب الكشاف بالتقدير فى أمثاله مع كونها زائدة و فى التسهيل و يظهر ان و يضمر بعد لام الجر الغير الجحودية و قال البيضاوي فى تاويل الاية ان مفعول يريد فى الموضعين محذوف و اللام للعلة و المعنى ما يريد اللّه الأمر بالطهارة تضييقا عليكم و لكن يريد الأمر المذكور ليطهركم و ليتم نعمته عليكم و لا شك ان بعد ورود الأمر بيان علة ارادة الأمر دون الأمر مستبعد جدا و اللّه اعلم لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ نعمته. |
﴿ ٦ ﴾