|
١٣ فَبِما نَقْضِهِمْ ما زائدة أفاد التفخيم مِيثاقَهُمْ حيث كذب النصارى محمدا صلى اللّه عليه و سلم و اليهود إياه و عيسى و غيرهما من الأنبياء و نبذوا كتب اللّه و ضيعوا فرائضه لَعَنَّاهُمْ قال عطاء بعد ناهم عن رحمتنا و قال الحسن و مقاتل مسخناهم و قيل معناه ضربنا عليهم الجزية وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً غليظة لا تلين بذكر اللّه و لا تنفعل بالآيات و النذر من القسوة بمعنى غلظ القلب و أصله من حجر قاس كذا فى الصحاح و هو المراد بما فسر ابن عباس باليابسة قرا حمزة و الكسائي قسية بتشديد الياء من غير الف قال البغوي هما لغتان كالزاكية و الزكية و معناهما واحد و قال البيضاوي و هى اما مبالغة قاسية او بمعنى ردية من قولهم درهم قسى إذا كان مغشوشا قلت و هو ايضا من القسوة بمعنى الغلظ فان المغشوش فيه يبس و صلابة و قيل معناه ان قلوبهم ليست بخالصة للايمان بل ايمانهم مشوب بالكفر و النفاق كالدرهم المغشوش يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ يعنى كلمات اللّه التي فى التورية عَنْ مَواضِعِهِ قيل هو تبديل نعت النبي صلى اللّه عليه و سلم و قيل تحريفهم بسوء التأويل و الجملة مستأنفة لبيان قسوة قلوبهم فان تحريف كلام اللّه و الافتراء عليه مقتضى كمال القسوة و جاز ان يكون حالا من مفعول لعناهم لا عن القلوب إذ لا ضمير وَ نَسُوا تركوا حَظًّا نصيبا وافيا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فى التورية و على لسان الأنبياء من اتباع محمد صلى اللّه عليه و سلم او المعنى تركوا حظهم مما انزل إليهم لان حظ ابائهم كان اتباع موسى عليه السلام و حظ هؤلاء الموجودين فى زمان النبي صلى اللّه عليه و سلم كان اتباع محمد صلى اللّه عليه و سلم فلم ينالوه ذكر التحريف بلفظ المضارع و النسيان بلفظ الماضي لان الاول مترتب على الثاني فى الوجود و قيل معناه انهم حرفوا فنسو بشوم التحريف علوما كانوا يحفظونها مما ذكروا به روى احمد بن حنبل فى الزهد عن ابن مسعود لا حسب الرجل ينسى العلم كان يعلمها بالخطية يعملها و تلا هذه الاية وَ لا تَزالُ يا محمّد تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ الخائنة فاعلة بمعنى المصدر كالكاذبة و اللاعنة يعنى على خيانة او هى بمعناها و المعنى فرقة خائنة او نفس خائنة او فعلة ذات خيانة او معناه خائن و الهاء للمبالغة مِنْهُمْ الضمير عائد الى بنى إسرائيل أجمعين الموجودين فى زمن النبي صلى اللّه عليه و سلم و أسلافهم و الاطلاع أعم منه بالمشاهدة او بالأخبار يعنى ان الخيانة و الغدر من عادتهم و عادة أسلافهم لا تزال ترى ذلك منهم كان أسلافهم يخولون الرسل الماضين و هؤلاء يخونونك و كانت خيانة هؤلاء نقض ما عهدوا مع النبي صلى اللّه عليه و سلم و مظاهرتهم المشركين على حرب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و همهم بقتله و سمّه و نحو ذلك إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ لم يخونوا و هم الصالحون من امة موسى و عيسى عليهما السّلام و الذين أمنوا بمحمد صلى اللّه عليه و سلم بعد مبعثه و قيل الاستثناء من قوله و جعلنا قلوبهم قاسية و هذا ليس بسديد لان جعل قلوبهم قاسية متفرع على نقضهم ميثاقهم و نقض الميثاق يستلزم القساوة البتة فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ اى اعرض عنهم و لا تتعرض و لا تواخذهم بما اذوك و لا تعامل معهم الا ما أمرك اللّه به و العفو عما فعلوا فى شانه صلى اللّه عليه و سلم لا ينافى القتال بامر اللّه تعالى و قيل معناه اعف و اصفح عنهم ان تابوا و أمنوا او عاهدوا و التزموا الجزية و قيل هذا الحكم منسوخ باية السيف إِنَّ اللّه يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ تعليل للامر بالصفح و حث عليه و تنبيه على ان العفو عن الكافر الخائن احسان فضلا عن العفو عن غيره. |
﴿ ١٣ ﴾