١٤

وَ مِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ الجار و المجرور متعلق باخذنا و هو معطوف على قوله تعالى و لقد أخذ اللّه ميثاق بنى إسرائيل و ضمير ميثاقهم اما راجع الى الموصول يعنى و أخذنا من النصارى فى الإنجيل و على لسان عيسى عليه السلام ميثاق النصارى بامتثال ما أمروا فى الإنجيل مصدقا لما بين يديه من التورية و مبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد و اما راجع الى بنى إسرائيل المذكورين من قبل يعنى أخذنا من النصارى ميثاق من ذكر قبلهم من قوم موسى اى ميثاقا مثل ميثاقهم قال الحسن فيه دليل على انهم نصارى بتسميتهم أنفسهم لا بتسمية اللّه تعالى و الاولى ان يقال انه تعالى انما لم يقل و من النصارى أخذنا ميثاقهم ليدل على انهم يسمّون أنفسهم بذلك ادّعاء لنصرة اللّه تعالى و ليسوا كذلك و ليس هذا الا للتعريض على الموجودين فى زمن النبي صلى اللّه عليه و سلم لا على أسلافهم فان منهم من كانوا أنصار اللّه تعالى على الحقيقة و أخذ الميثاق على هؤلاء الموجودين انما كان تبعا لاخذ الميثاق على ابائهم فَنَسُوا يعنى اكثر هؤلاء الموجودين و بعض من قبلهم حَظًّا اى حظا وافيا او حظهم مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فى الإنجيل فكذبوا محمدا صلى اللّه عليه و سلم بعد البشارة بمبعثه و اتبعوا اهوائهم قبل ذلك فافترقوا فرقا منهم الملكائية و النسطورية و اليعقوبية قال بعضهم ان اللّه ثالث ثلثة و بعضهم عيسى ابن اللّه و بعضهم ان اللّه هو المسيح فَأَغْرَيْنا يعنى الصقنا و الزمنا من غرى الشي ء إذا لصق به و لزمه بَيْنَهُمُ قال مجاهد و قتادة يعنى بين اليهود و النصارى و قال الربيع بين فرق النصارى و هو الأظهر الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ لاجل اختلاف اهوائهم فى الدين إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَ سَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّه بالجزاء و العقاب فى الاخرة بِما كانُوا يَصْنَعُونَ فى الدنيا من الكفر و المعاصي و ترك الاقتداء بالكتب السماوية التي مآلها واحد و اللّه اعلم اخرج ابن جرير عن عكرمة قال ان نبى اللّه صلى اللّه عليه و سلم أتاه اليهود يسالونه عن الرجم فقال أيكم اعلم فاشاروا الى ابن صوريا فناشده بالذي انزل التورية على موسى و الذي رفع الطور بالمواثيق الذي أخذت عليهم فقال انه لما كثر الزنا فينا جلدنا مائة و حلقنا الرؤوس فحكم عليهم بالرجم فانزل اللّه تعالى.

﴿ ١٤