١٠٣

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ اخرج ابن ابى حاتم و غيره بسند ضعيف عن ابى سعيد الخدري عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لو ان الجن و الانس و الشياطين و الملائكة منذ خلقوا الى ان فنوا صفا واحدا ما احاطوا باللّه ابدا استدل المعتزلة بهذه الاية على امتناع الروية و اجمع اهل السنة على نفى الروية فى الدنيا و إثباتها فى الاخرة للمؤمنين فى الجنة و الاستدلال بها على الامتناع باطل بوجوه أحدها ان صيغة المضارع اما للحال و يستعمل فى الاستقبال مجازا او هى مشترك فى المعنيين و الحال مراد فى الاية اجماعا إذ لا قايل بروية اللّه تعالى فى الدنيا فلا يجوز ارادة الاستقبال و الا يلزم الجمع بين الحقيقة و المجاز او عموم المشترك ثانيها ان الابصار بصيغة الجمع يدل على ارادة الافراد دون الجنس فاللام اما للعهد يعنى الابصار الموجودة فى الدنيا او للاستغراق فانكان للعهد فلا دليل على نفى الروية بالأبصار المخلوقة للمؤمنين فى الجنة و ان كان للاستغراق فمدلول الاية نفى الاستغراق لا استغراق النفي فلا دليل فيه على نفى الروية بابصار اهل الجنة روى ابو نعيم فى الحلية عن ابن عباس قال تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رب أرني انظر إليك قال قال اللّه يا موسى انى لا يرانى حى إلا مات و لا يابس الا تدهده و لا رطب الا تفرق و انما يرانى اهل الجنة لا يموت أعينهم و لا يبلى أجسامهم ثالثها ان الإدراك غير الروية لان الإدراك هو الوقوف على كنه الشي ء و الإحاطة به او الوصول الى الشي ء بحيث لا يفوت منه شى ء و الروية المعاينة و لا تلازم بينهما قال اللّه تعالى فلما ترائ الجمعان قال اصحاب موسى انا لمدركون قال كلا فى هذه الاية نفى للدرك بعد اثبات الروية من الجانبين رابعها ان النفي لا يوجب الامتناع وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ يحيط بها علمه وَ هُوَ اللَّطِيفُ فى القاموس هو البر بعباده المحسن الى خلقه بايصال المنافع إليهم برفق و من هاهنا قال ابن عباس اللطيف باوليائه و فيه ايضا اللطيف العالم بخفايا الأمور و فى الصحاح قد يعبر باللطيف ما لا يدرك بالحاسة و على هذا ففى الكلام لف و نشر مرتب يعنى لا تدركه الابصار لانه اللطيف و هو يدرك الابصار لانه الْخَبِيرُ

﴿ ١٠٣