١٢١

وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّه عَلَيْهِ هذه الاية بعمومها حجة لاحمد حيث يقول متروك التسمية عامدا او ناسيا لا يجوز أكله و به قال داؤد و ابو ثور و الشعبي و محمد بن سيرين و قال مالك خص متروك التسمية ناسيا من عموم هذه الاية بحديث ابى هريرة قال سال رجل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال يا رسول اللّه ارايت الرجل منا يذبح و ينسى ان يسمى اللّه قال اسم اللّه فى فم كل مسلم رواه الدارقطني و حديث ابن عباس ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال المسلم ان نسى ان يسمى حين يذبح فليسم ثم لياكل رواه الدارقطني و الحديثان ضعيفان فان فى حديث ابى هريرة مروان بن سالم قال احمد ليس بثقة و قال النسائي و الدارقطني متروك و فى حديث ابن عباس معقل مجهول و قال ابو حنيفة ايضا بجواز أكل متروك التسمية ناسيا لكن القول بتخصيص الآحاد لا يصح على اصل ابى حنيفة فقال صاحب الهداية لكنا نقول فى اعتبار ذلك يعنى فى تعميم الاية للناسى ايضا من الحرج ما لا يخفى لان الإنسان كثير النسيان و الحرج مدفوع و السمع غير مجرى على ظاهره إذ لو أريد به العموم لجرت المحاجة فظهرت الانقياد و ارتفع الخلاف فى الصدر الاول و لا يخفى ضعف هذا القول و قال الشافعي المراد به بما لم يذكر اسم اللّه عليه الميتات و ما ذبح على غير اسم اللّه تعالى بدليل قوله تعالى وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ و الفسق فى ذكر اسم غير اللّه تعالى كما فى اخر السورة قل لا أجد فيما اوحى الى قوله او فسقا اهل لغير اللّه به و احتج الشافعي على حل متروكة التسمية عامدا بحديث عائشة قالت ان قوما قالوا يا رسول اللّه ان هاهنا أقواما حديث عهدهم بشرك يأتوننا بلحمان لا ندرى يذكرون اسم اللّه عليها او لا قال اذكروا أنتم اسم اللّه و كلوا رواه البخاري

قال البغوي لو كانت التسمية شرطا للاباحة لكان الشك فى وجوده مانعا من أكلها كالشك فى اصل الذبح و بحديث الصلت مرسلا قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذبيحة المسلم حلال ذكر اسم اللّه او لم يذكر رواه ابو داؤد فى المراسيل قالت الحنفية حديث الصلت محمول على حالة النسيان و حديث عائشة حجة لنا لا علينا لانهم سالوا عن الاكل عند وقوع الشك بالتسمية بعد علمهم بان الذابح مسلم فذلك دليل على انه كان معروفا عندهم اشتراط التسمية للحل و انما امر النبي صلى اللّه عليه و سلم بالأكل بناء على ظاهر ان المسلم لا يترك التسمية عمدا كمن اشترى لحما من سوق المسلمين يباح له الاكل بناء على الظاهر و ان كان يحتمل انه ذبيحة مجوسى و ما قال الشافعي ان الاية فى الميتات و ما ذبح على غير اسم اللّه فمدفوع بان العبرة لعموم اللفظ و نصوص الكتاب و السنة لم يرد شى ء منها فى الذبح و الصيد الا مقيدا بذكر اسم اللّه تعالى و قد مر هذه المسألة و غيرها من مسائل الذبح فى تفسير سورة المائدة قال فى شرح المقدمة المالكية يجزيه يعنى الذبح لو ترك التسمية عمدا فى مذهب مالك عند ابى القاسم و فى مذهب المدونة لا يجزيه و مذهب المدونة هو المشهور لانها واجبة مع الذكر و كل هذا فى غير المتهاون و اما المتهاون فلا خلاف انها لا يوكل ذبيحته تحريما قاله ابن الحارث و ابن البشير و المتهاون هو الذي يتكرر منه ذلك كثيرا و اللّه اعلم اخرج الطبراني و غيره عن ابن عباس قال لما نزلت و لا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه و انه لفسق أرسلت فارس الى قريش ان خاصموا محمدا فقولوا ما تذبح أنت بسكين فهو حلال و ما ذبح اللّه بشمشار من ذهب يعنى الميتة فهو حرام و كذا اخرج ابو داؤد و الحاكم و غيرهما قول كفار مكة من غير ذكر فارس فنزلت وَ إِنَّ الشَّياطِينَ يعنى شياطين الانس من الفارس او شياطين الجن لَيُوحُونَ يعنى ليلقون او ليوسوسون إِلى أَوْلِيائِهِمْ يعنى كفار قريش او مطلق الكفار لِيُجادِلُوكُمْ وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ فى استحلال ما حرم إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ع فان من ترك طاعة اللّه او أطاع غيره و اتبعه فى دينه فقد أشرك حذف الفاء من الجزاء لكون الشرط بلفظ الماضي قال الزجاج فيه دليل على ان من أحل شيئا مما حرم اللّه او حرم ما أحل اللّه فهو مشرك قلت إذا ثبت ذلك بدليل قطعى

﴿ ١٢١