٨

وَ الْوَزْنُ اى وزن الأعمال بالميزان مبتدأ خبره يَوْمَئِذٍ اى كائن يوم إذا تحقق السؤال من المرسلين و المرسل إليهم الْحَقُّ صفة للمبتدأ و معناه العدل السوىّ او خبر لمحذوف اى هو الحق لا شبهة فيه يجب الايمان به اخرج البيهقي فى البعث عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضى اللّه عنهما فى حديث سوال جبرئيل عن الايمان قال يا محمد ما الايمان قال ان تؤمن باللّه و ملئكة و رسله و تؤمن بالجنة و النار و الميزان و تؤمن بالبعث بعد الموت و تؤمن بالقدر خيره و شره قال فاذا فعلت هذا فانا مؤمن قال نعم قال صدقت

و اخرج ابن المبارك فى الزهد و الآجري فى الشريعة عن سلمان و ابو الشيخ فى تفسيره عن ابن عباس قال الميزان له لسان و كفتان و اختلفوا فى كيفية الوزن فقال بعضهم يوزن صحايف أعمالهم لما روى الترمذي و ابن ماجة و ابن حبان و الحاكم و صححه و البيهقي عن ابن عمر رضى اللّه عنهما قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم يجاء برجل من أمتي على رؤس الاشهاد يوم القيامة فينشر له تسعة و تسعون سجلا كل سجل مد البصر فيقول أ تنكر من هذا شيئا أ ظلمك كتبتى الحافظون فيقول لا يا رب فيقول بلى ان لك عندنا حسنة و انه لا ظلم عليك اليوم فتخرج له بطاقة فيها اشهد ان لا اله الا اللّه و اشهد ان محمدا عبده و رسوله فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقول انك لا تظلم فتوضع السجلات فى كفة و البطاقة فى كفة فطاشت السجلات و ثقلت البطاقة و لا يثقل مع اسم اللّه تعالى شى ء

و اخرج احمد بسند حسن عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم توضع الموازين يوم القيامة فيوتى بالرجل فيوضع فى كفة و يوضع ما احصى عليه فتمايل به الميزان فيبعث به الى النار فاذا أدبر به إذا صائح يصيح من عند الرحمن لا تعجلوا فانه قد بقي له فيوتى ببطاقة فيها لا اله الا اللّه فيوضع مع الرجل حتى يميل به الميزان

و اخرج ابن ابى الدنيا عن عبد اللّه بن عمرو قال ان لادم من اللّه موقفا عليه ثوبان أخضران كانه نخلة «١» سحوق ينظر الى لمن ينطلق به من ولده الى النار فبينما آدم على ذلك إذ نظر الى رجل من امة محمد صلى اللّه عليه و اله و سلم ينطلق به الى النار فينادى آدم يا احمد فاقول لبيك يا أبا البشر فيقول هذا رجل من أمتك ينطلق به الى النار فاشد الميزر اسرع فى اثر الملئكة و أقول يا رسل ربى قفوا فيقولون نحن الغلاظ الشداد الذين لا نعصى اللّه ما أمرنا و نفعل ما نومر فاذا ايس النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم قبض على لحيته بيده اليسرى و استقبل العرش بوجهه فيقول رب قد وعدتني ان لا تخزينى فى أمتي فيأتى النداء من عند العرش أطيعوا محمدا وردوا هذا العبد الى المقام فاخرج من حجرتى بطاقة بيضاء كالانملة فالقيها فى كفة الميزان اليمنى و انا أقول بسم اللّه فترجح الحسنات على السيئات فينادى سعد و سعد جده و ثقلت موازينه انطلقوا به الى الجنة فيقول يا رسل ربى قفوا حتّى اسأل هذا العبد الكريم على ربه فيقول بابى و أمي ما احسن وجهك و احسن خلقك من أنت فقد أفلتني و رحمت عزتى فاقول انا نبيك محمد و هذه صلوتك التي كنت تصليها علىّ وافتك أحوج ما تكون إليها و قال بعضهم يوزن الاشخاص لما روى الشيخان فى الصحيحين عن ابى هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم قال انه لياتى الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند اللّه جناح بعوضة ثم قرا فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا

و اخرج ابو نعيم و الا جرى فى قوله تعالى قال القوى الشديد الأكول الشروب يوضع فى الميزان فلا يزن شعيرة يدفع الملك عن أولئك سبعين الفا دفعة واحدة فى النار و قال بعضهم يوزن الأعمال أنفسها يعنى يجسّد الأعمال و توزن لما روى البخاري عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم كلمتان

(١) النخلة السحوق اى الطويلة بعد ثمرها على المجتنى ١٢.

خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان حبيبتان عند الرحمن سبحان اللّه و بحمده سبحان اللّه العظيم و بحمده و روى مسلم عن ابى مالك الأشعري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم الطهور شطر الايمان و الحمد للّه يملأ الميزان و روى الاصبهانى فى الترغيب عن ابن عمر رضى اللّه عنهما قال كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم يقول سبحان اللّه نصف الميزان و الحمد للّه يملأ الميزان و روى ابن عساكر من حديث ابى هريرة مثله و

روى البزار و الحاكم عن ابن عمر و رضى اللّه عنهما ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم قال ان نوحا لما حضرته الوفاة دعا ابنيه فقال امر كما بلا اله الّا اللّه فان السموات و الأرض و ما فيها لو وضعت فى كفة الميزان و وضعت لا اله الا اللّه فى الكفة الاخرى كانت أرجح منها و روى ابو يعلى و ابن حبان و الحاكم و صححه عن ابى سعيد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم قال قال اللّه تعالى يا موسى لو ان السموات و عامرهن غيرى و الأرضين السبع فى كفة و لا اله الا اللّه فى كفة لمالت بهن لا اله الا اللّه و روى الطبراني عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و الذي نفسى بيده لوجئ بالسماوات و الأرض و ما فيهن و ما بينهن و ما تحتهن فوضعت فى كفة الميزان و وضعت شهادة ان لا اله الا اللّه فى الكفة الاخرى لرجحت بهن و روى ابو داؤد و الترمذي و صححه و ابن حبان عن ابى الدرداء رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم ما من شى ء أثقل فى الميزان من حسن الخلق و روى البزار و الطبراني و ابو يعلى و ابن ابى الدنيا و البيهقي بسند حسن انه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم يا أبا ذر الا ادلك على خصلتين هما خفيفتان على الظهر و أثقل فى الميزان من غيرهما قال بلى يا رسول اللّه قال عليك بحسن الخلق و طول الصمت فو الذي نفسى بيده ما عمل الخلائق بمثلهما

و اخرج احمد فى الزهد عن رجل يقال له حازم ان النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم نزل عليه جبرئيل و عنده رجل يبكى فقال من هذا قال فلان قال جبرئيل انما يوزن اعمال بنى آدم كلها الا البكاء فان اللّه يطفئ بالدمعة بحورا من نار

و اخرج البيهقي عن معقل بن يسار قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم ما إذ «١» رفت عين الا حرم اللّه سائر الجسد على النار و لا سالت قطرة على خدّها فترهق ذلك الوجه قتر و لا ذلة و لو ان باكيا بكى من امة من الأمم

(١) إذ رفت العين يعنى اجرى دمعها نهايه ١٢.

و ما من شى ء إلا و له مقدار و ميزان الا الدمعة فانها تطفئ بها بحار من نار قلت هذه الأحاديث و انكانت ظاهرة فى انه توزن الأعمال أنفسها لكنها يحتمل فيها وزن سجلات كتبت فيها الأعمال او اشخاص صدرت منهم

و اخرج فى انها تجسّد و توزن ما رواه البيهقي فى شعب الايمان من طريق السدى الصغير عن الكلبي عن ابى صالح عن ابن عباس رضى اللّه عنهما قال الميزان له لسان و كفتان يوزن فيه الحسنات و السيئات فيوتى بالحسنات فى احسن صورة فيوضع فى كفة الميزان فيثقل على السيئات «١» فيوخذ فيوضع فى الجنة عند منازله ثم يقال للمؤمن الحق بعملك فينطلق الى الجنة فيعرف منازله بعمله و يوتى بالسيئات فى أقبح صورة فتوضع فى كفة الميزان فتخفف و الباطل خفيف فتطرح فى جهنم الى منازله منها و يقال له الحق بعملك النار فياتى النار فيعرف منازله بعمله و ما أعد اللّه فيها من ألوان العذاب قال ابن عباس فلهم اعرف بمنازلهم فى الجنة و النار بعملهم من القوم ينصرفون يوم الجمعة راجعين الى منازلهم لكن الحديث ضعيف لاجل السدى الصغير و ما رواه ابن المبارك عن حماد بن ابى سليمان قال جاء رجل يوم القيامة فيرى عمله مختصرا فبينما هو كذلك إذ جاءه مثل السحاب حتى يقع فى ميزانه فقال هذا ما كنت تعلّم الناس من الخير فورثت بعدك فاجرت فيه

و اخرج ابن عبد الرزاق عن ابراهيم النخعي نحوه و ما روى الطبراني عن ابن عباس قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم يقول من تبع جنازة يوضع فى ميزانه قيراطان مثل أحد و ما روى الاصبهانى عن عايشة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم قال ان للصلوة المكتوبة عند اللّه وزنا من انتقص منها شيئا حوسب فيها على ما ينقص و فى حديث ابى هريرة مرفوعا عند ابى داؤد قال ان انتقص من فريضته شى ء قال الرب تبارك و تعالى انظروا هل لعبدى من تطوع فيكمل بها من انتقص من الفريضة و من الأحاديث ما يدل على ان الأجسام التي لها تعلق بالأعمال توضع فى الميزان منها ما روى الطبراني فى الأوسط عن جابر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم أول ما يوضع فى ميزان العبد يوم القيامة النفقة على اهله و ما فى الصحيحين عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم من احتبس فرسا فى سبيل اللّه ايمانا و تصديقا بوعده كان شبعه وريه و روثه و بوله فى ميزانه يوم القيامة و ما روى

(١) لعل المراد بالسيئات العقائد الفاسدة التي يزعمها صاحبها حقة و من الأعمال ما يزعمها صاحبها عبادة و هى عند اللّه باطلة غير معتد بها ١٢ نهايه.

الطبراني عن على رضى اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم من ارتبط فرسا فى سبيل اللّه فعلفه و اثره فى ميزانه يوم القيامة و ما فى حديث علىّ عند الاصفهانى بسند حسن انه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم لفاطمة قومى فاشهدى أضحيتك فان لك باول قطرة تقطر من دمها مغفرة لكل ذنب اما انه يجاء بدمها و لحمها فيوضع فى ميزانك سبعين ضعفا قال ابو سعيد يا رسول اللّه هذا لال محمد خاصة فقال لال محمد و للمسلمين عامة و ما اخرج البيهقي عن ابن مسعود موقوفا و ابن حبان فى صحيحه عن ابى ذر مرفوعا و ابن عساكر بسند ضعيف عن ابى هريرة انه قال عليه الصلاة و السلام من توضأ فمسح بثوب نضيف فلا بأس به و من لم يفعل فهو أفضل لان الوضوء يوزن يوم القيامة مع سائر الأعمال

و اخرج ابن ابى شيبة فى المصنف عن سعيد بن المسيب انه كره المنديل بعد الوضوء و قال هو يوزن

و اخرج الطبراني عن عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه قال أعطيت ناقة فى سبيل اللّه فاردت ان اشترى من نسبها فسألت النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم فقال دعها لتاتى يوم القيامة هى و أولادها جميعا فى ميزانك

و اخرج الذهبي عن عمران بن حصين قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم يوزن يوم القيامة مداد العلماء و دم الشهداء فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ جمع موزون يعنى اعماله التي توزن و المراد بها حسناته كذا قال مجاهد فانها هى المقصود بوجودها او هو جمع ميزان و على هذا ايضا المراد كفة الحسنات من ميزانه و على هذا التأويل تدل الاية على ان لكل أحد ميزان على حدة فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بالنجاة و الثواب.

﴿ ٨