٤

أُولئِكَ الموصوفون بمكارم اعمال القلوب من الإخلاص و الخشية و التوكل و اطمينان الأنفس بذكر اللّه و محاسن اعمال الجوارح من الصلاة و الصدقة هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا صفة لمصدر محذوف اى ايمانا حقا او مصدر مؤكد يعنى حق إيمانه حقا لا شبهة فيه عن الحسن ان رجلا سأله أ مؤمن أنت قال ان كنت تسألنى عن الايمان باللّه و ملئكته و كتبه و رسوله و الجنة و النار و البعث و الحساب فأنا مؤمن و ان كنت تسألنى عن قوله تعالى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللّه وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ الاية فلا أدرى ا منهم انا أم لا قلت مراد الحسن ان كمال الايمان بالإخلاص و تصفية القلب و تزكية النفس و تحلية الجوارح بالطاعات و ترك المعاصي و ذلك امر نادر لا أدرى اتصاف نفسى به و اما نفس الايمان. فموجود بفضل اللّه فليس هذا من قبيل انا مومن إنشاء اللّه و قال علقمة كنا في سفر فلقينا قوما فقلنا من هؤلاء قالوا نحن المؤمنون حقا فلم ندر ما نجيبهم حتى لقينا عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنه فاخبرناه بما قالوا قال فما رددتم عليهم

قلنا لم نرد عليهم قال هلا قلتم أمن اهل الجنة أنتم ان المؤمنين اهل الجنة و قال الثوري من زعم انه مؤمن حقا او عند اللّه ثم لم يشهد انه في الجنة فقد آمن بنصف الآية دون النصف و بهذا يتشبث من يقول انا مؤمن إنشاء اللّه يعنى المراد بالاستثناء عدم الجزم بحسن الخاتم الموجب لكونه من اهل الجنة لا الشك في إيمانه الحالي فان الشك ينافى الايمان الاعتقاد الجازم و كان ابو حنيفة رحمه اللّه يكره هذا القول لكونه موهما للشك المنافي للاعتقاد الجازم و يقول انا مومن حقا باعتبار حصول الاعتقاد الجازم في الحال لا بمعنى الجازم بحسن الخاتمة فالنزاع انما هو في اللفظ دون المعنى لكن الأحوط قول أبي حنيفة قال ابو حنيفة لقتادة لم تستشنى في إيمانك قال اتباعا لابراهيم عليه السلام في قوله و الذي أطمع ان يغفر لى خطيئتى يوم الدين فقال له هلا اقتديت به في قوله ا و لم تؤمن قال بلى و لكن ليطمئن قلبى و عن ابراهيم التميمي قال قل انا مومن حقا فان صدقت اثبت عليه و ان كذبت فكفرك أشد عليك من ذلك و عن ابن عباس من لم يكن منافقا فهو مؤمن حقا لَهُمْ دَرَجاتٌ كرامة و فضل و علو منزلة عِنْدَ رَبِّهِمْ نظيره قوله تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض و قال عطاء درجات الجنة يرتقونها بأعمالهم عن عبادة بن الصامت قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء و الأرض و الفردوس أعلاها درجة منها تفجر انهار الجنة الاربعة و من فوقها يكون العرش فاذا سألتم اللّه فاسئلوا الفردوس رواه الترمذي و

قال البغوي قال الربيع بن انس سبعون درجة ما بين كل درجتين حضر «١» الفرس المضمر «٢» سبعين سنة وَ مَغْفِرَةٌ لما فرط معهم وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ (٤) حسن أعد اللّه لهم في الجنة ما لا عين رأت و لا اذن سمعت و لا يخطر ببال أحد و لا ينقطع ابدا.

(١) حضر الفرس يعنى عدو ١٢.

(٢) تضمير الخيل هو ان يظاهر عليها بالعلفة حتى تسمن ثم لا تعلف الا فوقا ليتخفف نهاية ١٢.

﴿ ٤