٢٦

وَ اذْكُرُوا ايها المهاجرون إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ في العدد مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ ارض مكة تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ يعنى كفار قريش

و أخرج ابو الشيخ عن ابن عباس قيل يا رسول اللّه من الناس قال اهل فارس فَآواكُمْ المدينة وَ أَيَّدَكُمْ يوم بدر بِنَصْرِهِ على الكفار وَ رَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ من المغانم أحلها لكم و لم يحلها لاحد قبلكم لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦) و قيل الخطاب للعرب كافة فانهم كانوا أذلاء في أيدي فارس و الروم كانوا جميعا معادين لهم متضادين فجعل لهم اللّه ماوى يتحصنون به عن أعدائهم يعنى جوار نبيه صلى اللّه عليه و سلم و أيدهم بنصره على جميع اهل الملل و اللّه اعلم روى سعيد بن منصور و غيره عن عبد اللّه بن ابى قتادة و ذكره البغوي ان النبي صلى اللّه عليه و سلم حاصر بنى قريظة احدى و عشرين ليلة فسالوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الصلح على ما صالح عليه إخوانهم من بنى النضير على ان يسيروا الى إخوانهم الى أذرعات و أريحا من ارض الشام فابى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان يعطيهم ذلك الا ان ينزلوا على حكم سعد بن معاذ فابوا و قالوا أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر و كان مناصحا لهم لان ماله و عياله و ولده كانت فيهم فبعثه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاتاهم فقالوا يا أبا لبابة ما ترى انزل على حكم سعد بن معاذ فاشار ابو لبابته الى حلقه انه الذبح فلا تفعلوا و ذكر في سبيل الرشاد انه أرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أبا لبابته فلما رأوه قام اليه الرجال و جهش اليه النساء و الصبيان يبكون في وجهه فرّق لهم فقال كعب ابن اسد يا أبا لبابته انا قد اخترناك على غيرك ان محمدا ابى الا ان ننزل على حكمه يعنى حكم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم افترى ان ننزل على حكمه قال نعم و أشار بيده الى حلقه انه الذبح قال ابو لبابته و اللّه ما زالت قدماى مكانهما حتى عرفت انى قد خنت اللّه و رسوله فندمت فاسترجعت و ان لحيتى لمبنلة من الدموع و الناس ينتظرون رجوعه إليهم حتى أخذت من وراء الحصن طريقا اخرى حتى جئت الى المسجد و لم ات رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فارتبطت الى اسطوانة المخلفة التي يقال لها اسطوانة التوبة و قلت لا أبرح من مكانى حتى أموت او يتوب اللّه علىّ

قال البغوي قال و اللّه لا انحل و لا أذوق طعاما و لا شرابا حتى أموت او يتوب اللّه عليّ فلما بلغ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خبره قال اما لو جاءنى لاستغفرت له فاما إذا فعل ما فعل فانى لا أطلقه حتى يتوب اللّه عليه فمكث سبعة ايام لا يذوق طعاما و لا شرابا حتى خر مغشيا عليه ثم تاب اللّه عليه كذا

قال البغوي و في سبيل الرشاد قال ابن هشام اقام مرتبطا ست ليال تأتيه امرأته كل صلوة فتحله حتى يتوضأ و يصلى ثم يرتبط و قال ابن عقبة زعموا انه ارتبط قريبا من عشرين ليلة و قال في البدايته و هذا أشبه الأقاويل و قال ابن إسحاق خمسا و عشرين ليلة و روى ابن وهب عن مالك عن عبد اللّه بن ابى بكر انه ارتبط بسلسلة ربوض بضع عشرة ليلة حتى ذهب سمعه فما يكاد يسمع و كاد يذهب بصره و كانت ابنته تحله إذا حضرت الصلاة او أراد ان يذهب لحاجته فاذا فرغ أعادت الرباط و الظاهر ان زوجته كانت تباشر حله مرة و ابنته مرة و انزل اللّه تعالى في توبته و آخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا عسى اللّه ان يتوب عليهم ان اللّه غفور رحيم قال ابن إسحاق حدثنى يزيد بن عبد اللّه بن قسيط ان توبة ابى لبابة نزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو في بيت أم سلمة قالت أم سلمة فسمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من السحر و هو يضحك قالت فقلت يا رسول اللّه مم تضحك اضحك اللّه منك قال تيب على ابى لبابته قالت قلت أ فلا أبشره يا رسول اللّه قال بلى ان شئت فقامت على باب حجرتها و ذلك قبل ان يضرب عليهن الحجاب فقالت يا أبا لبابة ابشر فقد تاب اللّه عليك قالت فثار الناس ليطلقوه فقال لا و اللّه حتى يكون رسول اللّه هو الذي يطلقنى بيده فلما مر عليه خارجا الى صلوة الصبح أطلقه قال السهيلي و روى حماد بن سلمة عن على بن زيد بن جدعان عن على بن الحسين رضى اللّه عنهما ان فاطمة رضى عنها جاءت تحله فقال انى حلفت ان لا يحلنى الا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان فاطمة بضعة منى و على بن زيد بن جدعان ضعيف و رواية على بن الحسين مرسلة ثم قال ابو لبابة من تمام توبتى ان اهجر دار قومى التي أصبت فيها الذنب و ان انخلع من مالى كلها فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم يجزيك الثلث ان تصدقت به فنزل في ابى لبابة قوله تعالى.

﴿ ٢٦